الرسم العثمانيكَلَّآ إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِىَ
الـرسـم الإمـلائـيكَلَّاۤ اِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِىَۙ
تفسير ميسر:
حقًّا إذا وصلت الروح إلى أعالي الصدر، وقال بعض الحاضرين لبعض; هل مِن راق يَرْقيه ويَشْفيه مما هو فيه؟ وأيقن المحتضر أنَّ الذي نزل به هو فراق الدنيا؛ لمعاينته ملائكة الموت، واتصلت شدة آخر الدنيا بشدة أول الآخرة، إلى الله تعالى مساق العباد يوم القيامة; إما إلى الجنة وإما إلى النار.
يخبر تعالى عن حالة الإحتضار وما عندها من الأهوال - ثبتنا الله هنالك بالقول الثابت - فقال تعالى "كلا إذا بلغت التراقي" إن جعلنا كلا رداعة فمعناها لست يا ابن آدم هناك تكذب بما أخبرت به بل صار ذلك عندك عيانا وإن جعلناها بمعنى حقا فظاهر أي حقا إذا بلغت التراقي أي انتزعت روحك من جسدك وبلغت تراقيك والتراقي جمع ترقوة وهي العظام التي بين ثغرة النحر والعاتق كقوله تعالى "فلولا إذا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذ تنظرون ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون فلولا إن كنتم غير مدينين ترجعونها إن كنتم صادقين" وهكذا قال ههنا "كلا إذا بلغت التراقي" ويذكر ههنا حديث بشر بن حجاج الذي تقدم في سورة يس والتراقي جمع ترقوة وهي قريبة من الحلقوم.
قوله تعالى ; كلا إذا بلغت التراقي كلا ردع وزجر ; أي بعيد أن يؤمن الكافر بيوم القيامة ; ثم استأنف فقال ; إذا بلغت التراقي أي بلغت النفس أو الروح التراقي ; فأخبر عما لم يجر له ذكر ، لعلم المخاطب به ; كقوله تعالى ; حتى توارت بالحجاب وقوله تعالى ; فلولا إذا بلغت الحلقوم وقد تقدم .وقيل ; كلا معناه حقا ; أي حقا أن المساق إلى [ ص; 101 ] الله إذا بلغت التراقي أي إذا ارتقت النفس إلى التراقي .وكان ابن عباس يقول ; إذا بلغت نفس الكافر التراقي . والتراقي جمع ترقوة وهي العظام المكتنفة لنقرة النحر ، وهو مقدم الحلق من أعلى الصدر ، موضع الحشرجة ; قال دريد بن الصمة ;ورب عظيمة دافعت عنهم وقد بلغت نفوسهم التراقيوقد يكنى عن الإشفاء على الموت ببلوغ النفس التراقي ، والمقصود تذكيرهم شدة الحال عند نزول الموت .
وقوله; ( تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ ) يقول تعالى ذكره; تعلم أنه يفعل بها داهية، والفاقرة; الداهية.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى، وحدثني الحارث قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله; ( تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ ) قال; داهية.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة ( تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ ) أي; شرّ.حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب قال; قال ابن زيد، في قوله; ( تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ ) قال; تظن أنها ستدخل النار، قال; تلك الفاقرة، وأصل الفاقرة; الوسم الذي يُفْقَر به على الأنف.
يعظ تعالى عباده بذكر حال المحتضر عند السياق ، وأنه إذا بلغت روحه التراقي، وهي العظام المكتنفة لثغرة النحر، فحينئذ يشتد الكرب، ويطلب كل وسيلة وسبب، يظن أن يحصل به الشفاء والراحة،
(إذا) متعلّق بالجواب الذي دلّ عليه قوله
(إلى ربّك يومئذ المساق) ، وفاعلـ (بلغت) محذوف دلّ عليه السياق وهو الروح أو النفس
(الواو) عاطفة في المواضع الثلاثة
(من) اسم استفهام في محلّ رفع مبتدأ خبره
(راق) ، وهو مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الياء المحذوفة فهو اسم منقوص
(بالساق) متعلّق بـ (التفّت) ،
(إلى ربّك) متعلّق بخبر مقدّم للمبتدأ
(المساق) ،
(يومئذ) ظرف زمان منصوب- أو مبنيّ- متعلّق بما تعلّق به الظرف إذا فهو بدل منه..
والمصدر المؤوّلـ (أنّه الفراق ... ) في محلّ نصب سدّ مسدّ مفعولي ظنّ.
جملة: «بلغت ... » في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «قيل ... » في محلّ جرّ معطوفة على جملة بلغت.
وجملة: «من راق ... » في محلّ رفع نائب الفاعل .
وجملة: «ظنّ ... » في محلّ جرّ معطوفة على جملة بلغت..
وجملة: «التفّت الساق ... » في محلّ جرّ معطوفة على جملة بلغت..
وجملة: «إلى ربّك ... المساق» لا محلّ لها تفسير لجواب إذا المقدّر أي:
إذا بلغت التراقي.. تساق إلى حكم ربّها.
- القرآن الكريم - القيامة٧٥ :٢٦
Al-Qiyamah75:26