يَقُولُونَ أَءِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِى الْحَافِرَةِ
يَقُوۡلُوۡنَ ءَاِنَّا لَمَرۡدُوۡدُوۡنَ فِى الۡحَـافِرَةِ ؕ
تفسير ميسر:
يقول هؤلاء المكذبون بالبعث; أنُرَدُّ بعد موتنا إلى ما كنا عليه أحياء في الأرض؟ أنردُّ وقد صرنا عظامًا بالية؟ قالوا; رجعتنا تلك ستكون إذًا خائبة كاذبة.
يعني مشركي قريش ومن قال بقولهم في إنكار المعاد يستبعدون وقوع البعث بعد المصير إلى الحافرة وهي القبور قاله مجاهد وبعد تمزق أجسادهم وتفتت عظامهم ونخورها وعن ابن عباس ومحمد بن كعب وعكرمة وسعيد بن جبير وأبي مالك والسدي وقتادة الحافرة النار وما أكثر أسمائها هي النار والجحيم وسقر وجهنم والهاوية والحافرة ولظى والحطمة.
يقولون أئنا لمردودون في الحافرة أي يقول هؤلاء المكذبون المنكرون للبعث ، إذا قيل لهم إنكم تبعثون ، قالوا منكرين متعجبين ; أنرد بعد موتنا إلى أول الأمر ، فنعود أحياء كما كنا قبل الموت ؟ وهو كقولهم ; أئنا لمبعوثون خلقا جديدا يقال ; رجع فلان في حافرته ، وعلى حافرته ، أي رجع من حيث جاء ; قاله قتادة . وأنشد ابن الأعرابي ;أحافرة على صلع وشيب معاذ الله من سفه وعاريقول ; أأرجع إلى ما كنت عليه في شبابي من الغزل والصبا بعد أن شبت وصلعت ! ويقال ; رجع على حافرته ; أي الطريق الذي جاء منه . وقولهم في المثل ; النقد عند الحافرة . قال يعقوب ; أي عند أول كلمة . ويقال ; التقى القوم فاقتتلوا عند الحافرة . أي عند أول ما التقوا وقيل ; الحافرة العاجلة ; أي أئنا لمردودون إلى الدنيا فنصير أحياء كما كنا ؟ قال الشاعر ;آليت لا أنساكم فاعلموا حتى يرد الناس في الحافرهوقيل ; الحافرة ; الأرض التي تحفر فيها قبورهم ، فهي بمعنى المحفورة ; كقوله تعالى ; ماء دافق و عيشة راضية . والمعنى أئنا لمردودون في قبورنا أحياء . قاله مجاهد والخليل والفراء . وقيل ; سميت الأرض الحافرة ; لأنها مستقر الحوافر ، كما سميت القدم أرضا ; لأنها [ ص; 171 ] على الأرض . والمعنى أئنا لراجعون بعد الموت إلى الأرض فنمشي على أقدامنا . وقال ابن زيد ; الحافرة ; النار ، وقرأ تلك إذا كرة خاسرة .وقال مقاتل وزيد بن أسلم ; هي اسم من أسماء النار . وقال ابن عباس ; الحافرة في كلام العرب ; الدنيا . وقرأ أبو حيوة ; ( الحفرة ) بغير ألف مقصور من الحافر . وقيل ; الحفرة ; الأرض المنتنة بأجساد موتاها ; من قولهم ; حفرت أسنانه ، إذا ركبها الوسخ من ظاهرها وباطنها . يقال ; في أسنانه حفر ، وقد حفرت تحفر حفرا ، مثل كسر يكسر كسرا إذا فسدت أصولها . وبنو أسد يقولون ; في أسنانه حفر بالتحريك . وقد حفرت مثال تعب تعبا ، وهي أردأ اللغتين قاله في الصحاح .لأنهم لا ينامون عليها حينئذ .
القول في تأويل قوله تعالى ; يَقُولُونَ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ (10)يقول تعالى ذكره; يقول هؤلاء المكذّبون بالبعث من مشركي قريش إذا قيل لهم; إنكم مبعوثون من بعد الموت; أئنا لمردودون إلى حالنا الأولى قبل الممات، فراجعون أحياء كما كنا قبل هلاكنا، وقبل مماتنا، وهو من قولهم; رجع فلان على حافرته; إذا رجع من حيث جاء؛ ومنه قول الشاعر;أحــافِرَةً عَــلى صَلَــعٍ وشَـيْبٍمَعــاذَ اللــهِ مِــنْ سَـفَهٍ وطَيْشٍ (13)وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثني عليّ، قال; ثنا أبو صالح، قال; ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله; الْحَافِرَةِ يقول; الحياة .حدثني محمد بن سعد، قال; ثني أبي، قال; ثني عمي، قال; ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله; أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ يقول; أئنا لنحيا بعد موتنا، ونبعث من مكاننا هذا.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة يقول; أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ أئنا لمبعوثون خلقا جديدا.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال; ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة فِي الْحَافِرَةِ قال; أي مردودون خَلقا جديدا .حدثنا أبو كُرَيب، قال; ثنا وكيع، عن أبي معشر، عن محمد بن قيس أو محمد بن كعب القُرَظيّ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ قال; في الحياة .حدثنا ابن حميد، قال; ثنا مهران، عن سفيان، عن السديّ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ قال; في الحياة .وقال آخرون; الحافرة; الأرض المحفورة التي حُفرت فيها قبورهم، فجعلوا ذلك نظير قوله; مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ . يعني مدفوق، وقالوا; الحافرة بمعنى المحفورة، ومعنى الكلام عندهم; أئنا لمردودون في قبورنا أمواتا.حدثني محمد بن عمرو، قال ; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله; الْحَافِرَةِ قال; الأرض; نبعث خلقا جديدا، قال; البعث .حدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ قال; الأرض، نبعث خلقا جديدا .وقال آخرون; الحافرة; النار.* ذكر من قال ذلك;حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; سمعت ابن زيد يقول في قول الله; أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ قال; الحافرة; النار، وقرأ قول الله تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ قال; ما أكثر أسماءها، هي النار، وهي الجحيم، وهي سَقَرُ، وهي جهنم، وهي الهاوية، وهي الحافرة، وهي لَظَى، وهي الحُطَمة.------------------الهوامش ;(13) البيت في ( اللسان ; حفر ) ولم ينسبه . والرواية فيه وفي تفسير الشوكاني ( 5 ; 363 ) " من سفه وعار " قال ; في اللسان ; يقال ; رجع على حافرته أي ; الطريق الذي جاء منه . والحافرة الخلقة الأولى ، وفي التنزيل ; { أئنا لمردودون في الحافرة } أي ; في أول أمرنا . وأنشد ابن الأعرابي ; " أحافرة ... " البيت . يقول ; أأرجع إلى ما كنت عليه في شبابي وأمري الأول ، من الغزل أو الصبا ، بعد ما شبت وصلعت . وقال أبو عبيدة في مجاز القرآن ; { أئنا لمردودون في الحافرة } ; من حيث كنا ، يقال ; رجع فلان في حافرته ; من حيث جاء ، وعلى حافرته ; من حيث كان . ا هـ .
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة