الرسم العثمانيكَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَآ أَمَرَهُۥ
الـرسـم الإمـلائـيكَلَّا لَـمَّا يَقۡضِ مَاۤ اَمَرَهٗؕ
تفسير ميسر:
لُعِنَ الإنسان الكافر وعُذِّب، ما أشدَّ كفره بربه!! ألم ير مِن أيِّ شيء خلقه الله أول مرة؟ خلقه الله من ماء قليل- وهو المَنِيُّ- فقدَّره أطوارا، ثم بين له طريق الخير والشر، ثم أماته فجعل له مكانًا يُقبر فيه، ثم إذا شاء سبحانه أحياه، وبعثه بعد موته للحساب والجزاء. ليس الأمر كما يقول الكافر ويفعل، فلم يُؤَدِّ ما أمره الله به من الإيمان والعمل بطاعته.
قال ابن جرير يقول جل ثناؤه كلا ليس الأمر بقول هذا الإنسان الكافر من أنه قد أدى حق الله عليه في نفسه وماله "لما يقض ما أمره" يقول لم يؤد ما فرض عليه عز وجل من الفرائض لربه عز وجل. ثم روى هو وابن أبي حاتم من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد قوله تعالى "كلا لم يقض ما أمره" قال لا يقضي أحدا أبدا كل ما افترض عليه. وحكاه البغوي عن الحسن البصري بنحو من هذا ولم أجد للمتقدمين فيه كلاما سوي هذا والذي يقع لي في معني ذلك والله أعلم أن المعنى "ثم إذا شاء أنشره" أي بعثه "كلا لم يقض ما أمره" أي لا يفعله الآن حتي تنقضي المدة ويفرغ القدر من بني آدم ممن كتب الله أن سيوجد منهم ويخرج إلي الدنيا وقد أمر به تعالي كونا وقدرا فإذا تناهى ذلك عند الله أنشر الله الخلائق وأعادهم كما بدأهم وقد روى ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه قال; قال عزير عليه السلام قال الملك الذي جاءني فإن القبور هي بطن الأرض وإن الأرض هي أم الخلق فإذا خلق الله ما أراد أن يخلق وتمت هذه القبور التي مد الله لها انقطعت الدنيا ومات من عليها ولفظت الأرض ما في جوفها وأخرجت القبور ما فيها وهذا شبيه بما قلنا من معني الآية والله سبحانه وتعالى أعلم.
قوله تعالى ; كلا لما يقض ما أمره قال مجاهد وقتادة ; لما يقض ; لا يقضي أحد ما أمر به . وكان ابن عباس يقول ; لما يقض ما أمره لم يف بالميثاق الذي أخذ عليه في صلب آدم . ثم قيل ; ( كلا ) ردع وزجر ، أي ليس الأمر ; كما يقول الكافر ; فإن الكافر إذا أخبر بالنشور قال ; ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى ربما يقول قد قضيت ما أمرت به . فقال ; كلا لم يقض شيئا بل هو كافر بي وبرسولي . وقال الحسن ; أي حقا لم يقض ; أي لم يعمل بما أمر به . و ( ما ) في قوله ; ( لما ) عماد للكلام ; كقوله تعالى ; فبما رحمة من الله وقوله ; عما قليل ليصبحن نادمين . وقال الإمام ابن فورك ; أي ; كلا لما يقض الله لهذا الكافر ما أمره به من الإيمان ، بل أمره بما لم يقض له . ابن الأنباري ; الوقف على كلا قبيح ، والوقف على ( أمره ) و ( نشره ) جيد ; ف " كلا " على هذا بمعنى حقا .
وقوله; ( كَلا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ ) يقول تعالى ذكره; كلا ليس الأمر كما يقول هذا الإنسان الكافر من أنه قد أدّى حقّ الله عليه، في نفسه وماله، ( لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ ) لم يؤدّ ما فرض عليه من الفرائض ربُّه.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله; ( لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ ) قال; لا يقضي أحد أبدًا ما افتُرِض عليه. وقال الحارث; كلّ ما افترض عليه.
وهو -مع هذا- لا يقوم بما أمره الله، ولم يقض ما فرضه عليه، بل لا يزال مقصرا تحت الطلب.
(كلّا) ردع وزجر عمّا في الإنسان من تكبّر وإصرار على إنكار التوحيد
(لمّا) حرف نفي وقلب وجزم
(ما) موصول في محلّ نصب مفعول به، والعائد محذوف أي: ما أمره به.
جملة: «يقض ... » لا محلّ لها استئناف فيه معنى التعليل.
وجملة: «أمره ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) .
- القرآن الكريم - عبس٨٠ :٢٣
'Abasa80:23