وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ
وَاِذَا الۡبِحَارُ سُجِّرَتۡ
تفسير ميسر:
إذا الشمس لُفَّت وذهب ضَوْءُها، وإذا النجوم تناثرت، فذهب نورها، وإذا الجبال سيِّرت عن وجه الأرض فصارت هباءً منبثًا، وإذا النوق الحوامل تُركت وأهملت، وإذا الحيوانات الوحشية جُمعت واختلطت؛ ليقتصَّ الله من بعضها لبعض، وإذا البحار أوقدت، فصارت على عِظَمها نارًا تتوقد، وإذا النفوس قُرنت بأمثالها ونظائرها، وإذا الطفلة المدفونة حية سُئلت يوم القيامة سؤالَ تطييب لها وتبكيت لوائدها; بأيِّ ذنب كان دفنها؟ وإذا صحف الأعمال عُرضت، وإذا السماء قُلعت وأزيلت من مكانها، وإذا النار أوقدت فأضرِمت، وإذا الجنة دار النعيم قُرِّبت من أهلها المتقين، إذا وقع ذلك، تيقنتْ ووجدتْ كلُّ نفس ما قدَّمت من خير أو شر.
قال ابن جرير حدثنا يعقوب حدثنا ابن علية عن داود عن سعيد بن المسيب قال; قال علي رضي الله عنه لرجل من اليهود أين جهنم؟ قال البحر فقال ما أراه إلا صادقا والبحر المسجور وإذا البحار سجرت وقال ابن عباس وغير واحد يرسل الله عليها الرياح الدبور فتسعرها وتصير نارا تأجج وقد تقدم الكلام على ذلك عند قوله تعالى "والبحر المسجور" وقال ابن أبي حاتم حدثنا علي بن الحسين بن الجنيد حدثنا أبو طاهر حدثني عبدالجبار بن سليمان أبو سليمان النفاط - شيخ صالح يشبه مالك بن أنس - عن معاوية بن سعيد قال إن هذا البحر بركة - يعني بحر الروم - وسط الأرض والأنهار كلها تصب فيه والبحر الكبير يصب فيه وأسفله آبار مطبقة بالنحاس فإذا كان يوم القيامة أسجر وهذا أثر غريب عجيب وفي سنن أبي داود "لا يركب البحر إلا حاج أو معتمر أو غاز فإن تحت البحر نارا وتحت النار بحرا" الحديث وقد تقدم الكلام عليه في سورة فاطر. وقال مجاهد والحسن بن مسلم; سجرت أوقدت وقال الحسن; يبست وقال الضحاك وقتادة; غاض ماؤها فذهب فلم يبق فيها قطرة وقال الضحاك أيضا سجرت فجرت وقال السدي فتحت وصيرت وقال الربيع بن خيثم سجرت فاضت.