الرسم العثمانيوَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ
الـرسـم الإمـلائـيوَيۡلٌ لِّلۡمُطَفِّفِيۡنَ
تفسير ميسر:
عذابٌ شديد للذين يبخسون المكيال والميزان، الذين إذا اشتروا من الناس مكيلا أو موزونًا يوفون لأنفسهم، وإذا باعوا الناس مكيلا أو موزونًا يُنْقصون في المكيال والميزان، فكيف بحال من يسرقهما ويختلسهما، ويبخس الناس أشياءهم؟ إنه أولى بالوعيد من مطففي المكيال والميزان. ألا يعتقد أولئك المطففون أن الله تعالى باعثهم ومحاسبهم على أعمالهم في يوم عظيم الهول؟ يوم يقوم الناس بين يدي الله، فيحاسبهم على القليل والكثير، وهم فيه خاضعون لله رب العالمين.
قال النسائي وابن ماجه أخبرنا محمد بن عقيل زاد ابن ماجه وعبدالرحمن بن بشر قالا; حدثنا علي بن الحسين بن واقد حدثني أبي عن يزيد وهو ابن أبي سعيد النحوي مولى قريش عن عكرمة عن ابن عباس قال; لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة كانوا من أخبث الناس كيلا فأنزل الله تعالى "ويل للمطففين" فحسنوا الكيل بعد ذلك وقال ابن أبي حاتم حدثنا جعفر بن النضر بن حماد حدثنا محمد بن عبيد عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن عبدالله بن الحارث عن هلال بن طلق قال بينما أنا أسير مع ابن عمر فقلت من أحسن الناس هيئة وأوفاهم كيلا أهل مكة وأهل المدينة قال حق لهم أما سمعت الله تعالى يقول" ويل للمطففين" وقال ابن جرير حدثنا أبو السائب حدثنا ابن فضيل عن ضرار عن عبدالله المكتب عن رجل عن عبدالله قال; قال له رجل يا أبا عبدالرحمن إن أهل المدينة ليوفون الكيل قال وما يمنعهم أن يوفوا الكيل وقد قال الله تعالى "ويل للمطففين - حتى بلغ - يوم يقوم الناس لرب العالمين" والمراد بالتطفيف ههنا البخس في المكيال والميزان إما بالازدياد إن اقتضى من الناس وإما بالنقصان إن قضاهم.
سورة المطففينمكية في قول ابن مسعود والضحاك ومقاتل . ومدنية في قول الحسن وعكرمة . وهي ست وثلاثون آيةقال مقاتل ; وهي أول سورة نزلت بالمدينة . وقال ابن عباس وقتادة ; مدنية إلا ثماني آيات من قوله ; إن الذين أجرموا إلى آخرها مكي . وقال الكلبي وجابر بن زيد ; نزلت بين مكة والمدينة .بسم الله الرحمن الرحيمويل للمطففينفيه أربع مسائل ;الأولى ; روى النسائي عن ابن عباس قال ; لما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة كانوا من أخبث الناس كيلا ، فأنزل الله تعالى ; ويل للمطففين فأحسنوا الكيل بعد ذلك . قال الفراء ; فهم من أوفى الناس كيلا إلى يومهم هذا . وعن ابن عباس أيضا قال ; هي ; أول سورة نزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ساعة نزل المدينة ، وكان هذا فيهم ; كانوا إذا اشتروا استوفوا بكيل راجح ، فإذا باعوا بخسوا المكيال والميزان ، فلما نزلت هذه السورة انتهوا ، فهم أوفى الناس كيلا إلى يومهم هذا . وقال قوم ; نزلت في رجل يعرف بأبي جهينة ، واسمه عمرو ; كان له صاعان يأخذ [ ص; 215 ] بأحدهما ، ويعطي بالآخر ; قاله أبو هريرة - رضي الله عنه - .الثانية ; قوله تعالى ; ويل أي شدة عذاب في الآخرة . وقال ابن عباس ; إنه واد في جهنم يسيل فيه صديد أهل النار ، فهو قوله تعالى ; ويل للمطففين أي الذين ينقصون مكاييلهم وموازينهم . وروي عن ابن عمر قال ; المطفف ; الرجل يستأجر المكيال وهو يعلم أنه يحيف في كيله فوزره عليه . وقال آخرون ; التطفيف في الكيل والوزن والوضوء والصلاة ، والحديث في الموطأ قال مالك ; ويقال لكل شيء وفاء وتطفيف . وروي عن سالم بن أبي الجعد قال ; الصلاة بمكيال ، فمن أوفى له ومن طفف فقد علمتم ما قال الله - عز وجل - في ذلك ; ويل للمطففين .الثالثة ; قال أهل اللغة ; المطفف مأخوذ من الطفيف ، وهو القليل ، والمطفف هو المقل حق صاحبه بنقصانه عن الحق ، في كيل أو وزن . وقال الزجاج ; إنما قيل للفاعل من هذا مطفف ; لأنه لا يكاد يسرق من المكيال والميزان إلا الشيء الطفيف الخفيف ، وإنما أخذ من طف الشيء وهو جانبه . وطفاف المكوك وطفافه بالكسر والفتح ; ما ملأ أصباره ، وكذلك طف المكوك وطففه ; وفي الحديث ; كلكم بنو آدم طف الصاع لم تملؤوه . وهو أن يقرب أن يمتلئ فلا يفعل ، والمعنى بعضكم من بعض قريب ، فليس لأحد على أحد فضل إلا بالتقوى . والطفاف والطفافة بالضم ; ما فوق المكيال . وإناء طفاف ; إذا بلغ الملء طفافه ; تقول منه ; أطففت . والتطفيف ; نقص المكيال وهو ألا تملأه إلى أصباره ، أي جوانبه ; يقال ; أدهقت الكأس إلى أصبارها أي إلى رأسها . وقول ابن عمر حين ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - سبق الخيل ; كنت فارسا يومئذ فسبقت الناس حتى طفف بي الفرس مسجد بني زريق ، حتى كاد يساوي المسجد . يعني ; وثب بي .الرابعة ; المطفف ; هو الذي يخسر في الكيل والوزن ، ولا يوفي حسب ما بيناه ; وروى ابن القاسم عن مالك ; أنه قرأ ويل للمطففين فقال ; لا تطفف ولا تخلب ، ولكن أرسل وصب عليه صبا ، حتى إذا استوفى أرسل يدك ولا تمسك . وقال عبد الملك بن الماجشون ; نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن مسح الطفاف ، وقال ; إن البركة في رأسه . قال ; وبلغني أن كيل فرعون كان مسحا بالحديد .
القول في تأويل قوله تعالى ; وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1)يقول تعالى ذكره; الوادي الذي يسيل من صديد أهل جهنم في أسفلها للذين يُطَففون، يعني; للذين ينقصون الناس، ويبخسونهم حقوقهم في مكاييلهم إذا كالوهم، أو موازينهم إذا وزنوا لهم عن الواجب لهم من الوفاء، وأصل ذلك من الشيء الطفيف، وهو القليل النـزر، والمطفِّف; المقلِّل حقّ صاحب الحقّ عما له من الوفاء والتمام في كيل أو وزن؛ ومنه قيل للقوم الذي يكونون سواء في حسبة أو عدد; هم سواء كطَفّ الصاع، يعني بذلك; كقرب الممتلئ منه ناقص عن الملء.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثني أبو السائب، قال; ثنا ابن فضيل، عن ضِرار، عن عبد الله، قال; قال له رجل; يا أبا عبد الرحمن إن أهل المدينة ليوفون الكيل، قال; وما يمنعهم من أن يوفوا الكيل، وقد قال الله; ( وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ ) حتى بلغ; ( يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ) .حدثنا ابن حميد، قال; ثنا يحيى بن واضح، قال; ثنا الحسين بن واقد، عن يزيد، عن عكرمة، عن ابن عباس قال; " لما قَدِم النبيّ صلى الله عليه وسلم المدينة، كانوا من أخبث الناس كيلا فأنـزل الله; ( وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ ) فأحسنوا الكيل " .حدثني محمد بن خالد بن خداش، قال; ثنا سلم بن قتيبة، عن قسام الصيرفي، عن عكرمة قال; أشهد أن كلّ كيال ووزّان في النار، فقيل له في ذلك، فقال; إنه ليس منهم أحد يزن كما يتزن (2) ولا يكيل كما يكتال، وقد قال الله; ( وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ ) .------------------------الهوامش;(2) يتزن ; أي يأخذ الشيء لنفسه وزنا .
{ وَيْلٌ } كلمة عذاب، ووعيد { لِلْمُطَفِّفِينَ }
(ويل) مبتدأ مرفوع ،
(للمطفّفين) متعلّق بخبر المبتدأ
(الذين) موصول في محلّ جرّ نعت للمطففين ،
(على الناس) متعلّق بـ (اكتالوا) ،
(أو) للعطف.. جملة: «ويل للمطفّفين ... » لا محلّ لها ابتدائيّة. ، ويجوز أن يتعلّق بـ (يستوفون) .وجملة: «الشرط وفعله وجوابه ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) . وجملة: «اكتالوا ... » في محلّ جرّ مضاف إليه. وجملة: «يستوفون» لا محلّ لها جواب شرط غير جازم. وجملة: «الشرط الثاني وفعله وجوابه» لا محلّ لها معطوفة على جملة الشرط الأولى. وجملة: «كالوهم ... » في محلّ جرّ مضاف إليه. وجملة: «وزنوهم ... » في محلّ جرّ معطوفة على جملة كالوهم. وجملة: «يخسرون» لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
- القرآن الكريم - المطففين٨٣ :١
Al-Mutaffifin83:1