الرسم العثمانيأَلَمْ يَعْلَمُوٓا أَنَّهُۥ مَن يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَأَنَّ لَهُۥ نَارَ جَهَنَّمَ خٰلِدًا فِيهَا ۚ ذٰلِكَ الْخِزْىُ الْعَظِيمُ
الـرسـم الإمـلائـياَلَمۡ يَعۡلَمُوۡۤا اَنَّهٗ مَنۡ يُّحَادِدِ اللّٰهَ وَرَسُوۡلَهٗ فَاَنَّ لَهٗ نَارَ جَهَـنَّمَ خَالِدًا فِيۡهَا ؕ ذٰ لِكَ الۡخِزۡىُ الۡعَظِيۡمُ
تفسير ميسر:
ألم يعلم هؤلاء المنافقون أن مصير الذين يحاربون الله ورسوله نارُ جهنم لهم العذاب الدائم فيها؟ ذلك المصير هو الهوان والذل العظيم، ومن المحاربة أذِيَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبه والقدح فيه، عياذًا بالله من ذلك.
وقوله تعالى " ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله " الآية أي ألم يتحققوا ويعلموا أنه من حاد الله عز وجل أي شاقه وحاربه وخالفه وكان في حد والله ورسوله في حد " فأن له نار جهنم خالدا فيها " أي مهانا معذبا و" ذلك الخزي العظيم " أي وهذا هو الذل العظيم والشقاء الكبير.
قوله تعالى ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله فأن له نار جهنم خالدا فيها ذلك الخزي العظيمقوله تعالى ألم يعلموا يعني المنافقين . وقرأ ابن هرمز والحسن " تعلموا " بالتاء على الخطاب .( أنه ) في موضع نصب ب " يعلموا " ، والهاء كناية عن الحديث .( من يحادد الله ورسوله ) في موضع رفع بالابتداء . والمحادة ; وقوع هذا في حد وذاك في حد ، كالمشاقة . يقال ; حاد فلان فلانا ، أي صار في حد غير حده .فأن له نار جهنم يقال ; ما بعد الفاء في الشرط مبتدأ ، فكان يجب أن يكون " فإن " بكسر الهمزة . وقد أجاز الخليل وسيبويه " فإن له نار جهنم " بالكسر . قال سيبويه ; وهو جيد وأنشد ;[ ص; 121 ]وعلمي بأسدام المياه فلم تزل قلائص تخدي في طريق طلائح وأني إذا ملت ركابي مناخهافإني على حظي من الأمر جامحإلا أن قراءة العامة ( فأن ) بفتح الهمزة . فقال الخليل أيضا وسيبويه ; إن ( أن ) الثانية مبدلة من الأولى . وزعم المبرد أن هذا القول مردود ، وأن الصحيح ما قاله الجرمي ، قال ; ( إن ) الثانية مكررة للتوكيد لما طال الكلام ، ونظيره ( وهم في الآخرة هم الأخسرون ) . وكذا ( فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها ) . وقال الأخفش ; المعنى فوجوب النار له . وأنكره المبرد وقال ; هذا خطأ من أجل أن ( أن ) المفتوحة المشددة لا يبتدأ بها ويضمر الخبر . وقال علي بن سليمان ; المعنى فالواجب أن له نار جهنم ، فإن الثانية خبر ابتداء محذوف . وقيل ; التقدير فله أن له نار جهنم . ف " إن " مرفوعة بالاستقرار على إضمار المجرور بين الفاء و " أن " .
القول في تأويل قوله ; أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ (63)قال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره; ألم يعلم هؤلاء المنافقون الذين يحلفون بالله كذبًا للمؤمنين ليرضوهم، وهم مقيمون على النفاق, أنه من يحارب الله ورسوله، ويخالفهما فيناوئهما بالخلاف عليهما =(فأن له نار جهنم)، في الآخرة =(خالدًا فيها)، يقول; لابثًا فيها, مقيمًا إلى غير نهاية؟ (2) =(ذلك الخزي العظيم)، يقول; فلُبْثُه في نار جهنم وخلوده فيها، هو الهوان والذلُّ العظيم. (3)* * *وقرأت القرأة; (فَأَنَّ)، بفتح الألف من " أن " بمعنى; ألم يعلموا أنَّ لمن حادَّ الله ورسوله نارُ جهنم = وإعمال " يعلموا " فيها, كأنهم جعلوا " أن " الثانية مكررة على الأولى, واعتمدوا عليها, إذ كان الخبر معها دون الأولى.* * *وقد كان بعض نحويي البصرة يختار الكسر في ذلك، على الابتداء، بسبب دخول " الفاء " فيها, وأن دخولها فيها عنده دليلٌ على أنها جواب الجزاء, وأنها إذا كانت للجزاء جوابًا، (4) كان الاختيار فيها الابتداء.* * *قال أبو جعفر; والقراءة التي لا أستجيز غيرها فتح الألف في كلا الحرفين, أعني " أن " الأولى والثانية, لأن ذلك قراءة الأمصار, وللعلة التي ذكرت من جهة العربية.---------------------------------الهوامش ;(2) انظر تفسير " الخلود " فيما سلف من فهارس اللغة (خلد).(3) انظر تفسير "الخزي" فيما سلف ص ; 160، تعليق ; 1 ، والمراجع هناك.(4) في المطبوعة; "إذا كانت جواب الجزاء"، وفي المخطوطة; "إذا كانت الجواب جزاء"، والصواب ما أثبت، إنما أخطأ الناسخ.
وهذا محادة للّه ومشاقة له، وقد توعد من حاده بقوله: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} أي : يكون في حد وشق مبعد عن اللّه ورسوله بأن تهاون بأوامر اللّه، وتجرأ على محارمه. {فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ} الذي لا خزي أشنع ولا أفظع منه، حيث فاتهم النعيم المقيم، وحصلوا على عذاب الجحيم عياذا باللّه من أحوالهم.
(الهمزة) للاستفهام التوبيخيّ الإنكاريّ
(لم) حرف نفي وجزم
(يعلموا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون ... والواو فاعلـ (أنّ) حرف مشبّه بالفعل و (الهاء) ضمير في محلّ نصب اسم أنّ- وهو ضمير الشأن-
(من) اسم شرط جازم مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ
(يحادد) مضارع مجزوم فعل الشرط، وحرّك بالكسر لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (الله) لفظ الجلالة مفعول به منصوبـ (الواو) عاطفة
(رسول) معطوف على لفظ الجلالة منصوب و (الهاء) ضمير مضاف إليه
(الفاء) رابطة لجواب الشرط
(أنّ) مثل الأولـ (اللام) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر أنّ
(نار) اسم أنّ مؤخّر منصوبـ (جهنّم) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الفتحة
(خالدا) حال منصوبة من الضمير في(له) ،
(فيها) مثل له متعلّق بـ (خالدا) .والمصدر المؤوّلـ (أنّه من ... ) في محلّ نصب سدّ مسدّ مفعولي يعلموا.. أو مفعوله بمعنى يعرفوا.
والمصدر المؤوّلـ (أنّ له نار ... ) في محلّ رفع خبر لمبتدأ محذوف- أو مبتدأ والخبر محذوف- والتقدير: فأمره كون نار جهنّم له ... أو فكون نار جهنّم له أمر حقّ.
(ذلك) اسم إشارة مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ، والاشارة إلى العذاب، و (اللام) للبعد و (الكاف) للخطابـ (الخزي) خبر مرفوع
(العظيم) نعت للخزي مرفوع.
جملة: «يعلموا ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «من يحادد ... » في محلّ رفع خبر أنّ.
وجملة: «يحادد الله» في محلّ رفع خبر المبتدأ
(من) .
وجملة: «
(أمره) أنّ له نار» في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة: «ذلك الخزي ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
- القرآن الكريم - التوبة٩ :٦٣
At-Taubah9:63