لٰكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا مَعَهُۥ جٰهَدُوا بِأَمْوٰلِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ ۚ وَأُولٰٓئِكَ لَهُمُ الْخَيْرٰتُ ۖ وَأُولٰٓئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
لٰـكِنِ الرَّسُوۡلُ وَالَّذِيۡنَ اٰمَنُوۡا مَعَهٗ جَاهَدُوۡا بِاَمۡوَالِهِمۡ وَاَنۡفُسِهِمۡؕ وَاُولٰۤٮِٕكَ لَهُمُ الۡخَيۡـرٰتُ وَاُولٰۤٮِٕكَ هُمُ الۡمُفۡلِحُوۡنَ
تفسير ميسر:
إنْ تخلَّف هؤلاء المنافقون عن الغزو، فقد جاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنون معه بأموالهم وأنفسهم، وأولئك لهم النصر والغنيمة في الدنيا، والجنة والكرامة في الآخرة، وأولئك هم الفائزون.
لما ذكر تعالى ذنب المنافقين وبين ثناءه على المؤمنين وما لهم في آخرتهم فقال " لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا " إلى آخر الآيتين من بيان حالهم ومآلهم وقال " وأولئك لهم الخيرات " أي في الدار الآخرة في جنات الفردوس والدرجات العلى.
وقوله تعالى في وصف المجاهدين ; " وأولئك لهم الخيرات " قيل ; النساء الحسان ; عن الحسن .دليله قوله عز وجل ; " فيهن خيرات حسان " [ الرحمن ; 70 ] .ويقال ; هي خيرة النساء .والأصل خيرة فخفف ; مثل هينة وهينة .وقيل ; جمع خير .فالمعنى لهم منافع الدارين ." وأولئك هم المفلحون " " هم " يجوز أن يكون مبتدأ ثانيا وخبره " المفلحون " , والثاني وخبره خبر الأول , ويجوز أن تكون " هم " زائدة يسميها البصريون فاصلة والكوفيون عمادا - و " المفلحون " خبر " أولئك " .والفلح أصله في اللغة الشق والقطع ; قال الشاعر ; إن الحديد بالحديد يفلح أي يشق ومنه فلاحة الأرضين إنما هو شقها للحرث , قال أبو عبيد .ولذلك سمي الأكار فلاحا .ويقال للذي شقت شفته السفلى أفلح , وهو بين الفلحة , فكأن المفلح قد قطع المصاعب حتى نال مطلوبه .وقد يستعمل في الفوز والبقاء , وهو أصله أيضا في اللغة , ومنه قول الرجل لامرأته ; استفلحي بأمرك , معناه فوزي بأمرك , وقال الشاعر ; لو كان حي مدرك الفلاح أدركه ملاعب الرماح وقال الأضبط بن قريع السعدي في الجاهلية الجهلاء ; لكل هم من الهموم سعه والمسي والصبح لا فلاح معه يقول ; ليس مع كر الليل والنهار بقاء .وقال آخر ; نحل بلادا كلها حل قبلنا ونرجو الفلاح بعد عاد وحمير أي البقاء ; وقال عبيد ; أفلح بما شئت فقد يدرك بالضعف وقد يخدع الأريب أي ابق بما شئت من كيس وحمق فقد يرزق الأحمق ويحرم العاقل .
القول في تأويل قوله ; لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (88)قال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره; لم يجاهد هؤلاء المنافقون الذين اقتصصت قصصهم المشركين, لكن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم والذين صدقوا الله ورسوله معه، هم الذين جاهدوا المشركين بأموالهم وأنفسهم, فأنفقوا في جهادهم أموالهم وأتعبوا في قتالهم أنفسهم وبذلوها (4) =(وأولئك)، يقول; وللرسول وللذين آمنوا معه الذين جاهدوا بأموالهم وأنفسهم =(الخيرات), وهي خيرات الآخرة, وذلك; نساؤها، وجناتها، ونعيمها.* * *= واحدتها " خَيْرَة ", كما قال الشاعر; (5)وَلَقَــدْ طَعَنْــتُ مَجَـامِعَ الـرَّبَلاتِرَبَــلاتِ هِنْــدٍ خَــيْرَةِ المَلِكـاتِ (6)و " الخيرة "، من كل شيء، الفاضلة. (7)* * *=(وأولئك هم المفلحون)، يقول; وأولئك هم المخلدون في الجنات، الباقون فيها، الفائزون بها. (8)------------------------الهوامش ;(4) انظر تفسير " الجهاد " فيما سلف ص ; 411 ، تعليق ; 2 ، والمراجع هناك .(5) لرجل من بني عدي ، عدي تيم تميم ، وهو جاهلي .(6) مجاز القرآن لأبي عبيدة 1 ; 267 ، واللسان ( خير ) ، و " الربلات " جمع " ربلة " ( بفتح الراء وسكون الباء ، أو فتحها ) ، وهي لحم باطن الفخذ . عنى أمرًا قبيحًا . وقوله " خيرة " ، مؤنث " خير " ، صفة ، لا بمعنى التفضيل ، يقال ; " رجل خير ، وامرأة خيرة " ، فإذا أردت التفضيل قلت ; " فلانة خير الناس " .(7) انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة 1 ; 267 .(8) انظر تفسير " الفلاح " فيما سلف 13 ; 574 ، تعليق ; 2 ، والمراجع هناك .
يقول تعالى: إذا تخلف هؤلاء المنافقون عن الجهاد، فاللّه سيغني عنهم، وللّه عباد وخواص من خلقه اختصهم بفضله يقومون بهذا الأمر، وهم {الرَّسُولُ} محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ {وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ} غير متثاقلين ولا كسلين، بل هم فرحون مستبشرون، {وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ} الكثيرة في الدنيا والآخرة، {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} الذين ظفروا بأعلى المطالب وأكمل الرغائب.
«لكن الرسولُ والذين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم وأولئك لهم الخيرات» في الدنيا والآخرة «وأولئك هم المفلحون» أي الفائزون.
(لكن) حرف استدراك وحرك آخره بالكسرة لالتقاء الساكنين
(الرسول) مبتدأ مرفوع
(الواو) عاطفة
(الذين) اسم موصول مبنيّ في محلّ رفع معطوف على الرسولـ (آمنوا) مثل رضوا
(مع) ظرف منصوب متعلّق بـ (آمنوا) و (الهاء) ضمير مضاف إليه
(جاهدوا) مثل رضوا ،
(بأموال) جارّ ومجرور متعلّق بـ (جاهدوا) ، و (هم) مضاف إليه
(الواو) عاطفة
(أنفسهم) معطوف على أموالهم مجرور، ومضاف إليه(الواو) استئنافيّة
(أولئك) اسم إشارة مبنيّ في محل رفع مبتدأ ...و (الكاف) حرف خطابـ (اللام) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر مقدّم
(الخيرات) مبتدأ مؤخّر مرفوع
(الواو) عاطفة
(أولئك) مثل الأولـ (هم) ضمير فصل ،
(المفلحون) خبر المبتدأ أولئك.
جملة: «الرسول ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «آمنوا ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) .
وجملة: «جاهدوا ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ.
وجملة: «أولئك لهم الخيرات» في محلّ لها استئنافيّة .
وجملة: «لهم الخيرات» في محلّ رفع خبر المبتدأ
(أولئك) .
وجملة: «أولئك ... المفلحون» لا محلّ لها معطوفة على جملة أولئك لهم ...(أعدّ) فعل ماض
(الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع
(لهم) مثل المتقدّم متعلّق بـ (أعدّ) ،
(جنّات) مفعول به منصوب وعلامة النصب الكسرة
(تجري ... العظيم) مرّ إعرابها .
وجملة: «أعدّ الله ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ للفلاح.
وجملة: «تجري ... » في محلّ نصب نعت لجنّات.
وجملة: «ذلك الفوز ... » لا محلّ لها استئنافيّة.الجزء الحادي عشر
بقية سورة التّوبة
من الآية 93- إلى الآية 129 سورة يونس من الآية 1- إلى الآية 109 وسورة هود من الآية 1- إلى الآية 5 90-
الصرف لهذه الآية غير متوفّر