وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ
وَوَضَعۡنَا عَنۡكَ وِزۡرَكَۙ
تفسير ميسر:
ألم نوسع -أيها النبي- لك صدرك لشرائع الدين، والدعوة إلى الله، والاتصاف بمكارم الأخلاق، وحططنا عنك بذلك حِمْلك الذي أثقل ظهرك، وجعلناك -بما أنعمنا عليك من المكارم- في منزلة رفيعة عالية؟
بمعنى "ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر".
قوله تعالى ; ووضعنا عنك وزرك أي حططنا عنك ذنبك . وقرأ أنس ( وحللنا ، وحططنا ) . وقرأ ابن مسعود ; ( وحللنا عنك وقرك ) . هذه الآية مثل قوله تعالى ; ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر . قيل ; الجميع كان قبل النبوة . والوزر ; الذنب أي وضعنا عنك ما كنت فيه من أمر الجاهلية ; لأنه كان - صلى الله عليه وسلم - في كثير من مذاهب قومه ، وإن لم يكن عبد صنما ولا وثنا . قال قتادة والحسن والضحاك ; كانت للنبي - صلى الله عليه وسلم - ذنوب أثقلته فغفرها الله له الذي أنقض ظهرك أي أثقله حتى سمع نقيضه أي صوته . وأهل اللغة يقولون ; أنقض الحمل ظهر الناقة ; إذا سمعت له صريرا من شدة الحمل . وكذلك سمعت نقيض الرحل أي صريره . قال جميل ;وحتى تداعت بالنقيض حباله وهمت بواني زوره أن تحطما[ ص; 94 ] بواني زوره ; أي أصول صدره . فالوزر ; الحمل الثقيل . قال المحاسبي ; يعني ثقل الوزر لو لم يعف الله عنه - الذي أنقض ظهرك أي أثقله وأوهنه . قال ; وإنما وصفت ذنوب ، الأنبياء بهذا الثقل ، مع كونها مغفورة ، لشدة اهتمامهم بها ، وندمهم منها ، وتحسرهم عليها .وقال السدي ; ووضعنا عنك وزرك أي وحططنا عنك ثقلك . وهي في قراءة عبد الله بن مسعود ( وحططنا عنك وقرك ) . وقيل ; أي حططنا عنك ثقل آثام الجاهلية . قال الحسين بن المفضل ; يعني الخطأ والسهو . وقيل ; ذنوب أمتك ، أضافها إليه لاشتغال قلبه . بها . وقال عبد العزيز بن يحيى وأبو عبيدة ; خففنا عنك أعباء النبوة والقيام بها ، حتى لا تثقل عليك . وقيل ; كان في الابتداء يثقل عليه الوحي ، حتى كاد يرمي نفسه من شاهق الجبل ، إلى أن جاءه جبريل وأراه نفسه وأزيل عنه ما كان يخاف من تغير العقل . وقيل ; عصمناك عن احتمال الوزر ، وحفظناك قبل النبوة في الأربعين من الأدناس حتى نزل عليك الوحي وأنت مطهر من الأدناس .
( وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ ) يقول; وغفرنا لك ما سلف من ذنوبك، وحططنا عنك ثقل أيام الجاهلية التي كنت فيها، وهي في قراءة عبد الله فيما ذُكر; ( وَحَلَلْنا عَنْكَ وِقْرَكَ الَّذِي أَنْقَض ظَهْرَكَ ) يقول; الذي أثقل ظهرك فأوهنه، وهو من قولهم للبعير إذا كان رجيع سفر قد أوهنه السفر، وأذهب لحمه; هو نِقْضُ سَفَر.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله; ( وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ ) قال; ذنبك.
{ وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ } أي: ذنبك،
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة