الرسم العثمانيوَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُۥٓ إِلَّا هُوَ ۖ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَآدَّ لِفَضْلِهِۦ ۚ يُصِيبُ بِهِۦ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِۦ ۚ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ
الـرسـم الإمـلائـيوَاِنۡ يَّمۡسَسۡكَ اللّٰهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهٗۤ اِلَّا هُوَ ۚ وَاِنۡ يُّرِدۡكَ بِخَيۡرٍ فَلَا رَآدَّ لِفَضۡلِهٖ ؕ يُصِيۡبُ بِهٖ مَنۡ يَّشَآءُ مِنۡ عِبَادِهٖ ؕ وَهُوَ الۡغَفُوۡرُ الرَّحِيۡمُ
تفسير ميسر:
وإن يصبك الله -أيها الرسول- بشدة أو بلاء فلا كاشف لذلك إلا هو جلَّ وعلا وإن يُرِدْك برخاء أو نعمة لا يمنعه عنك أحد، يصيب الله عز وجل بالسراء والضراء من يشاء من عباده، وهو الغفور لذنوب مَن تاب، الرحيم بمن آمن به وأطاعه.
وقوله "وإن يمسسك الله بضر" الآية فيه بيان لأن الخير والشر والنفع والضر إنما هو راجع إلى الله تعالى وحده لا يشاركه في ذلك أحد فهو الذي يستحق العبادة وحده لا شريك له روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة صفوان بن سليم من طريق عبدالله بن وهب أخبرني يحيى بن أيوب عن عيسى بن موسى عن صفوان بن سليم عن أنس بن مالك أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال "اطلبوا الخير دهركم كله وتعرضوا لنفحات ربكم فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده واسألوه أن يستر عوراتكم ويؤمن روعاتكم" ثم رواه من طريق الليث عن عيسى بن موسى عن صفوان عن رجل من أشجع عن أبي هريرة مرفوعا بمثله سواء وقوله "وهو الغفور الرحيم" أي لمن تاب إليه وتوكل عليه ولو من أي ذنب كان حتى من الشرك به فإنه يتوب عليه.
قوله تعالى وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيمقوله تعالى وإن يمسسك الله بضر أي يصيبك به فلا كاشف أي لا دافع له إلا هو وإن يردك بخير أي يصبك برخاء ونعمة فلا راد لفضله يصيب به أي بكل ما أراد من الخير والشر من يشاء من عباده وهو الغفور لذنوب عباده وخطاياهم الرحيم بأوليائه في الآخرة .
القول في تأويل قوله تعالى ; وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (107)قال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره لنبيه; وإن يصبك الله ، يا محمد ، بشدة أو بلاء ، (1) فلا كاشف لذلك إلا ربّك الذي أصابك به ، دون ما يعبده هؤلاء المشركون من الآلهة والأنداد (2) ، (وإن يردك بخير ) ، يقول; وإن يردك ربك برخاء أو نعمة وعافية وسرور (3) ، (فلا رادّ لفضله ) ، يقول; فلا يقدر أحدٌ أن يحول بينك وبين ذلك ، ولا يردّك عنه ولا يحرمكه; لأنه الذي بيده السّرّاء والضرّاء ، دون الآلهة والأوثان ، ودون ما سواه ، (يصيب به من يشاء ) ، يقول; يصيب ربك ، يا محمد بالرخاء والبلاء والسراء والضراء ، من يشاء ويريد (4) ( من عباده وهو الغفور ) ، لذنوب من تاب وأناب من عباده من كفره وشركه إلى الإيمان به وطاعته ، (الرحيم ) بمن آمن به منهم وأطاعه ، أن يعذبه بعد التوبة والإنابة. (5)* * *
هذا من أعظم الأدلة على أن الله وحده المستحق للعبادة، فإنه النافع الضار، المعطي المانع، الذي إذا مس بضر، كفقر ومرض، ونحوها { فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ } لأن الخلق، لو اجتمعوا على أن ينفعوا بشيء، لم ينفعوا إلا بما كتبه الله، ولو اجتمعوا على أن يضروا أحدا، لم يقدروا على شيء من ضرره، إذا لم يرده الله، ولهذا قال: { وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ } أي: لا يقدر أحد من الخلق، أن يرد فضله وإحسانه، كما قال تعالى: { مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ، فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ } { يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ } أي: يختص برحمته من شاء من خلقه، والله ذو الفضل العظيم، { وَهُوَ الْغَفُورُ } لجميع الزلات، الذي يوفق عبده لأسباب مغفرته، ثم إذا فعلها العبد، غفر الله ذنوبه، كبارها، وصغارها. { الرَّحِيمِ } الذي وسعت رحمته كل شيء، ووصل جوده إلى جميع الموجودات، بحيث لا تستغنى عن إحسانه، طرفة عين، فإذا عرف العبد بالدليل القاطع، أن الله، هو المنفرد بالنعم، وكشف النقم، وإعطاء الحسنات، وكشف السيئات والكربات، وأن أحدًا من الخلق، ليس بيده من هذا شيء إلا ما أجراه الله على يده، جزم بأن الله هو الحق، وأن ما يدعون من دونه هو الباطل.
(الواو) عاطفة
(إن) حرف شرط جازم
(يمسس) مضارع مجزم فعل الشرط و (الكاف) ضمير مفعول به
(الله) فاعل مرفوع
(بضرّ) جارّ ومجرور متعلّق بـ (يمسس) ،
(الفاء) رابطة لجواب الشرط
(لا) نافية للجنس
(كاشف) اسم لا مبنيّ على الفتح في محلّ نصبـ (اللام) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بخبر لا
(إلّا) حرف استثناء
(هو) ضمير منفصل مبنيّ في محلّ رفع بدل من الضمير المستكنّ في الخبر- أو من محلّ لا واسمها-
(الواو) عاطفة
(إن يردك بخير فلا رادّ لفضله) مثل إن يمسسك.. كاشف له، والهاء الأخيرة مضاف إليه
(يصيب) مضارع مرفوع، والفاعل هو (به) مثل له متعلّق بـ (يصيب) ،
(من) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب مفعول به
(يشاء) مثل يصيب.. والمفعول محذوف أي إصابته أو ضرّه
(من عباد) جارّ ومجرور متعلّق بحال من العائد المحذوف و (الهاء) مضاف إليه
(الواو) عاطفة
(هو) ضمير منفصل مبني في محلّ رفع مبتدأ
(الغفور) خبر مرفوع
(الرحيم) خبر ثان مرفوع.
جملة: «يمسسك الله» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «لا كاشف له ... » في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة: «يردك ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة يمسسك الله.
وجملة: «لا رادّ ... » في محلّ جزم جواب الشرط الثاني.وجملة: «يصيب به ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: «يشاء ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (من) .
وجملة: «هو الغفور ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة يصيب.
- القرآن الكريم - يونس١٠ :١٠٧
Yunus10:107