الرسم العثمانيبَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِۦ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُۥ ۚ كَذٰلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۖ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عٰقِبَةُ الظّٰلِمِينَ
الـرسـم الإمـلائـيبَلۡ كَذَّبُوۡا بِمَا لَمۡ يُحِيۡطُوۡا بِعِلۡمِهٖ وَلَمَّا يَاۡتِهِمۡ تَاۡوِيۡلُهٗ ؕ كَذٰلِكَ كَذَّبَ الَّذِيۡنَ مِنۡ قَبۡلِهِمۡ فَانْظُرۡ كَيۡفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظّٰلِمِيۡنَ
تفسير ميسر:
بل سارَعوا إلى التكذيب بالقرآن أول ما سمعوه، قبل أن يتدبروا آياته، وكفروا بما لم يحيطوا بعلمه من ذكر البعث والجزاء والجنة والنار وغير ذلك، ولم يأتهم بعدُ حقيقة ما وُعِدوا به في الكتاب. وكما كذَّب المشركون بوعيد الله كذَّبت الأمم التي خلت قبلهم، فانظر -أيها الرسول- كيف كانت عاقبة الظالمين؟ فقد أهلك الله بعضهم بالخسف، وبعضهم بالغرق، وبعضهم بغير ذلك.
وقوله "بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولم يأتهم تأويله" يقول بل كذب هؤلاء بالقرآن ولم يفهموه ولا عرفوه "ولما يأتهم تأويله" أي ولم يحصلوا ما فيه من الهدى ودين الحق إلى حين تكذيبهم به جهلا وسفها "كذلك كذب الذين من قبلهم" أي من الأمم السالفة "فانظر كيف كان عاقبة الظالمين" أي فانظر كيف أهلكناهم بتكذيبهم رسلنا ظلما وعلوا وكفرا وعنادا وجهلا فاحذروا أيها المكذبون أن يصيبكم ما أصابهم.
قوله تعالى بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله كذلك كذب الذين من قبلهم فانظر كيف كان عاقبة الظالمينقوله تعالى بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه أي كذبوا بالقرآن وهم جاهلون بمعانيه وتفسيره ، وعليهم أن يعلموا ذلك بالسؤال ; فهذا يدل على أنه يجب أن ينظر [ ص; 256 ] في التأويل .وقوله ولما يأتهم تأويله أي ولم يأتهم حقيقة عاقبة التكذيب من نزول العذاب بهم . أو كذبوا بما في القرآن من ذكر البعث والجنة والنار ، ولم يأتهم تأويله أي حقيقة ما وعدوا في الكتاب ; قاله الضحاك . وقيل للحسين بن الفضل ; هل تجد في القرآن " من جهل شيئا عاداه " قال نعم ، في موضعين ; بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه وقوله ; وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم .كذلك كذب الذين من قبلهم يريد الأمم الخالية ، أي كذا كانت سبيلهم . والكاف في موضع نصب .فانظر كيف كان عاقبة الظالمين أي أخذهم بالهلاك والعذاب .
القول في تأويل قوله تعالى ; بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (39)قال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره; ما بهؤلاء المشركين يا محمد ، تكذيبك ولكن بهم التكذيب بما لم يحيطوا بعلمه ممَّا أنـزل الله عليك في هذا القرآن، (16) من وعيدهم على كفرهم بربهم ، (ولما يأتهم تأويله)، يقول; ولما يأتهم بعدُ بَيان ما يؤول إليه ذلك الوعيد الذي توعّدهم الله في هذا القرآن (17) ، (كذلك كذب الذين من قبلهم)، يقول تعالى ذكره; كما كذب هؤلاء المشركون ، يا محمد ، بوعيد الله، كذلك كذّب الأمم التي خلت قبلهم بوعيد الله إياهم على تكذيبهم رسلهم وكفرهم بربهم ، ( فانظر كيف كان عاقبة الظالمين) ، يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم; فانظر ، يا محمد ، كيف كان عُقْبى كفر من كفر بالله، ألم نهلك بعضهم بالرجفة ، وبعضهم بالخسْف وبعضهم بالغرق؟ (18) يقول; فإن عاقبة هؤلاء الذي يكذبونك ويجحدون بآياتي من كفار قومك، كالتي كانت عاقبة من قبلهم من كفرة الأمم، إن لم ينيبوا من كفرهم ، ويسارعوا إلى التوبة.-----------------------------الهوامش ;(16) انظر تفسير " الإحاطة " فيما سلف ص ; 51 ، تعليق ; 3 ، والمراجع هناك .(17) انظر تفسير " التأويل " فيما سلف 12 ; 478 ، تعليق ; 1 ، والمراجع هناك .(18) انظر تفسير " العاقبة " فيما سلف 13 ; 43 ، تعليق ; 1 ، والمراجع هناك .
ولكن لما بان عجزهم تبين أن ما قالوه باطل، لا حظ له من الحجة، والذي حملهم على التكذيب بالقرآن المشتمل على الحق الذي لا حق فوقه، أنهم لم يحيطوا به علمًا. فلو أحاطوا به علمًا وفهموه حق فهمه، لأذعنوا بالتصديق به، وكذلك إلى الآن لم يأتهم تأويله الذي وعدهم أن ينزل بهم العذاب ويحل بهم النكال، وهذا التكذيب الصادر منهم، من جنس تكذيب من قبلهم، ولهذا قال: {كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ} وهو الهلاك الذي لم يبق منهم أحدًا. فليحذر هؤلاء، أن يستمروا على تكذيبهم، فيحل بهم ما أحل بالأمم المكذبين والقرون المهلكين. وفي هذا دليل على التثبت في الأمور، وأنه لا ينبغي للإنسان أن يبادر بقبول شيء أو رده، قبل أن يحيط به علمًا.
(بل) حرف إضرابـ (كذّبوا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ.. والواو فاعلـ (الباء) حرف جرّ
(ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق بـ (كذّبوا) ،
(لم) حرف نفي وجزم
(يحيطوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون.. والواو فاعلـ (بعلم) جارّ ومجرور متعلّق بـ (يحيطوا) ، و (الهاء) ضمير مضاف إليه
(الواو) حاليّة
(لمّا) مثل لم
(يأت) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف حرف العلّة و (هم) ضمير مفعول به
(تأويل) فاعل مرفوع و (الهاء) مثل الأخير
(الكاف) حرف جرّ
(ذلك) اسم اشارة مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف مطلق عامله كذّب.. و (اللام) للبعد، و (الكاف) للخطابـ (كذّب) فعل ماض
(الذين) اسم موصول مبنيّ في محلّ رفع فاعلـ (من قبل) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف صلة الموصول، و (هم) ضمير مضاف إليه
(الفاء) عاطفة
(انظر) فعل أمر، والفاعل أنت
(كيف) اسم استفهام مبنيّ في محلّ نصب خبر كان
(كان) فعل ماض ناقص- ناسخ-
(عاقبة) اسم كان مرفوع
(الظالمين) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الياء.
جملة: «كذّبوا ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «لم يحيطوا ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) .
وجملة: «يأتهم تأويله» في محلّ نصب حال من فاعل يحيطوا .
وجملة: «كذّب الذين ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «انظر ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة مستأنفة أي تنبّه فانظر .
«كان عاقبة ... » في محلّ نصب مفعول به عامله انظر المعلّق بالاستفهام كيف.
- القرآن الكريم - يونس١٠ :٣٩
Yunus10:39