الرسم العثمانيوَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرٰى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ
الـرسـم الإمـلائـيوَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهۡلِكَ الۡقُرٰى بِظُلۡمٍ وَّاَهۡلُهَا مُصۡلِحُوۡنَ
تفسير ميسر:
وما كان ربك -أيها الرسول- ليهلك قرية من القرى وأهلها مصلحون في الأرض، مجتنبون للفساد والظلم، وإنما يهلكهم بسبب ظلمهم وفسادهم.
ثم أخبر تعالى أنه لم يهلك قرية إلا وهي ظالمة لنفسها ولم يأت قرية مصلحة بأسه وعذابه قط حتى يكونوا هم الظالمين كما قال تعالى "وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم" وقال "وما ربك بظلام العبيد".
قوله تعالى ; وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحونقوله تعالى ; وما كان ربك ليهلك القرى أي أهل القرى ." بظلم " أي بشرك وكفر .وأهلها مصلحون أي فيما بينهم في تعاطي الحقوق ; أي لم يكن ليهلكهم بالكفر وحده حتى ينضاف إليه الفساد ، كما أهلك قوم شعيب ببخس المكيال والميزان ، وقوم لوط باللواط ; ودل هذا على أن المعاصي أقرب إلى عذاب الاستئصال في الدنيا من الشرك ، وإن كان عذاب الشرك في الآخرة أصعب . وفي صحيح الترمذي من حديث أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - قال ; سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ; إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على [ ص; 101 ] يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده . وقد تقدم . وقيل ; المعنى وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مسلمون ، فإنه يكون ذلك ظلما لهم ونقصا من حقهم ، أي ما أهلك قوما إلا بعد إعذار وإنذار . وقال الزجاج ; يجوز أن يكون المعنى ما كان ربك ليهلك أحدا وهو يظلمه وإن كان على نهاية الصلاح ; لأنه تصرف في ملكه ; دليله قوله ; إن الله لا يظلم الناس شيئا . وقيل ; المعنى وما كان الله ليهلكهم بذنوبهم وهم مصلحون ; أي مخلصون في الإيمان . فالظلم المعاصي على هذا .
القول في تأويل قوله تعالى ; وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ (117)قال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره; وما كان ربك ، يا محمد، ليهلك القرى ، التي أهلكها، التي قَصَّ عليك نبأها، ظُلمًا وأهلها مصلحون في أعمالهم، غير مسيئين، فيكون إهلاكه إياهم مع إصلاحهم في أعمالهم وطاعتهم ربّهم ، ظلمًا، ولكنه أهلكها بكفر أهلها بالله وتماديهم في غيِّهم، وتكذيبهم رُسُلهم ، وركوبهم السيئات.* * *وقد قيل; معنى ذلك ; لم يكن ليهلكهم بشركهم بالله. وذلك قوله " بظلم " يعني; بشرك ، (وأهلها مصلحون)، فيما بينهم لا يتظالمون، ولكنهم يتعاطَون الحقّ بينهم ، وإن كانوا مشركين، إنما يهلكهم إذا تظالموا.* * *--------------------------------------------------------
أي: وما كان الله ليهلك أهل القرى بظلم منه لهم، والحال أنهم مصلحون, أي: مقيمون على الصلاح، مستمرون عليه، فما كان الله ليهلكهم، إلا إذا ظلموا، وقامت عليهم حجة الله. ويحتمل، أن المعنى: وما كان ربك ليهلك القرى بظلمهم السابق، إذا رجعوا وأصلحوا عملهم، فإن الله يعفو عنهم، ويمحو ما تقدم من ظلمهم.
(الواو) استئنافيّة
(ما) نافية
(كان) ماض ناقص
(ربّك) اسم كان مرفوع.. و (الكاف) مضاف إليه
(اللام) لام الجحود أو الإنكار
(يهلك) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام، والفاعل هو (القرى) مفعول به منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على الألف
(بظلم) جارّ ومجرور حال من فاعل يهلك.
(الواو) واو الحالـ (أهلها) مبتدأ مرفوع.. و (ها) ضمير مضاف إليه
(مصلحون) خبر مرفوع وعلامة الرفع الواو.
والمصدر المؤوّلـ (أن يهلك) في محلّ جرّ باللام متعلّق بمحذوف خبر كان.
جملة: «ما كان ربّك ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يهلك ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) المضمر.
وجملة: «أهلها مصلحون» في محلّ نصب حال من القرى .
- القرآن الكريم - هود١١ :١١٧
Hud11:117