الرسم العثمانيوَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرٰى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ۚ أُولٰٓئِكَ يُعْرَضُونَ عَلٰى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهٰدُ هٰٓؤُلَآءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلٰى رَبِّهِمْ ۚ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظّٰلِمِينَ
الـرسـم الإمـلائـيوَمَنۡ اَظۡلَمُ مِمَّنِ افۡتَـرٰى عَلَى اللّٰهِ كَذِبًا ؕ اُولٰٓٮِٕكَ يُعۡرَضُوۡنَ عَلٰى رَبِّهِمۡ وَ يَقُوۡلُ الۡاَشۡهَادُ هٰٓؤُلَاۤءِ الَّذِيۡنَ كَذَبُوۡا عَلٰى رَبِّهِمۡ ۚ اَلَا لَـعۡنَةُ اللّٰهِ عَلَى الظّٰلِمِيۡنَۙ
تفسير ميسر:
ولا أحد أظلم ممن اختلق على الله كذبًا، أولئك سيعرضون على ربهم يوم القيامة؛ ليحاسبهم على أعمالهم، ويقول الأشهاد من الملائكة والنبيين وغيرهم; هؤلاء الذين كذبوا على ربهم في الدنيا قد سخط الله عليهم، ولعنهم لعنة لا تنقطع؛ لأن ظلمهم صار وصفًا ملازمًا لهم.
يبين تعالى حال المفترين عليه وفضيحتهم في الدار الآخرة علي رءوس الخلائق من الملائكة والرسل والأنبياء وسائر البشر والجان كما قال الإمام أحمد حدثنا بهز وعفان قالا أخبرنا همام حدثنا قتادة عن صفوان بن محرز قال; كنت آخذا بيد ابن عمر إذا عرض له رجل قال كيف سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول في النجوي يوم القيامة ؟ قال سمعته يقول "إن الله عز وجل يدنى المؤمن فيضع عليه كنفه ويستره من الناس ويقرره بذنوبه ويقول له أتعرف ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ حتى إذا قرره بذنوبه ورأى في نفسه أنه قد هلك قال فإني قد سترتها عليك في الدنيا وإني أغفرها لك اليوم ثم يعطى كتاب حسناته وأما الكفار والمنافقون فيقول "الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين" الآية. أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين من حديث قتادة.
قوله تعالى ; ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أولئك يعرضون على ربهم ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمينقوله تعالى ; ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أي لا أحد أظلم منهم لأنفسهم لأنهم افتروا على الله كذبا ; فأضافوا كلامه إلى غيره ; وزعموا أن له شريكا وولدا ، وقالوا للأصنام هؤلاء شفعاؤنا عند الله .أولئك يعرضون على ربهم أي يحاسبهم على أعمالهمويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم يعني الملائكة الحفظة ; عن مجاهد وغيره ; وقال سفيان ; سألت الأعمش عن الأشهاد فقال ; الملائكة . الضحاك ; هم الأنبياء والمرسلون ; دليله قوله ; فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا . وقيل ; الملائكة والأنبياء والعلماء الذين بلغوا الرسالات . وقال قتادة ; عن الخلائق أجمع . وفي صحيح مسلم من حديث صفوان بن محرز عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وفيه قال ; وأما الكفار والمنافقون فينادى بهم [ ص; 19 ] على رءوس الخلائق هؤلاء الذين كذبوا على الله .ألا لعنة الله على الظالمين أي بعده وسخطه وإبعاده من رحمته على الذين وضعوا العبادة في غير موضعها .
القول في تأويل قوله تعالى ; وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (18)قال أبو جعفر ; يقول تعالى ذكره; وأي الناس أشد تعذيبًا ممن اختلق على الله كذبًا فكذب عليه؟ (39) ، (أولئك يعرضون على ربهم ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ) يعرضون يوم القيامة على ربهم "، (40) فيسألهم عما كانوا في دار الدنيا يعملون، كما;18080- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قوله; (ومن أظلم ممن افترى على الله كذبًا) ، قال; الكافر والمنافق ، (أولئك يعرضون على ربهم) ، فيسألهم عن أعمالهم.* * *وقوله; (ويقول الأشهاد) ، يعني الملائكة والأنبياء الذين شهدوهم وحفظوا عليهم ما كانوا يعملون ، وهم جمع " شاهد " مثل " الأصحاب " الذي هو جمع " صاحب " ، (هؤلاء الذين كذبوا على ربهم) ، يقول; شهد هؤلاء الأشهاد في الآخرة على هؤلاء المفترين على الله في الدنيا، فيقولون; هؤلاء الذين كذبوا في الدنيا على ربهم، يقول الله; (ألا لعنة الله على الظالمين) ، يقول; ألا غضب الله على المعتدين الذين كفروا بربّهم.* * *وبنحو ما قلنا في قوله (ويقول الأشهاد) ، قال أهل التأويل.*ذكر من قال ذلك;18081- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا ابن نمير، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد; (ويقول الأشهاد) ، قال; الملائكة.18082- حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال; الملائكة.18083- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة; (ويقول الأشهاد) ، والأشهاد; الملائكة، يشهدون على بني آدم بأعمالهم.18084- حدثني محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة; (الأشهاد) ، قال; الخلائق ، أو قال; الملائكة.18085- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق، قال; أخبرنا معمر، عن قتادة، بنحوه.18086- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج; (ويقول الأشهاد) ، الذين كان يحفظون أعمالهم عليهم في الدنيا ، (هؤلاء الذين كذبوا على ربهم) ، حفظوه وشهدوا به عليهم يوم القيامة ، قال ابن جريج; قال مجاهد; " الأشهاد "، الملائكة.18087- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي، عن سفيان، قال; سألت الأعمش عن قوله; (ويقول الأشهاد)، قال; الملائكة.18088- حدثت عن الحسين بن الفرج قال; سمعت أبا معاذ قال ، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله; (ويقول الأشهاد) ، يعني الأنبياء والرسل، وهو قوله; وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلاءِ ، [سورة النحل; 89] . قال; وقوله; (ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم) ، يقولون; يا ربنا أتيناهم بالحق فكذبوا، فنحن نشهد عليهم أنهم كذبوا عليك يا ربنا.18089- حدثنا محمد بن بشار قال ، حدثنا ابن أبي عدي، عن سعيد وهشام، عن قتادة، عن صفوان بن محرز المازني قال، بينا نحن بالبيت مع عبد الله بن عمر ، وهو يطوف، إذ عرض له رجل فقال; يا ابن عمر ، ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في النجوى؟ (41) فقال; سمعت نبي الله صلى الله عليه وسلم يقول; يدنو المؤمن من ربه حتى يضع عليه كَنَفه فيقرّره بذنوبه، فيقول; هل تعرف كذا؟ فيقول; رب أعرف ! (42) مرتين ، حتى إذا بلغ به ما شاء الله أن يبلغ قال; فإني قد سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم . قال; فيعطى صحيفة حسناته ، أو ; كتابه ، بيمينه. وأما الكفار والمنافقون، فينادى بهم على رءوس الأشهاد; " ألا هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين ". (43)18090- حدثني يعقوب قال ، حدثنا ابن علية قال ، حدثنا هشام، عن قتادة، عن صفوان بن محرز، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحوه. (44)18091- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة; كنا نحدَّث أنه لا يخزَى يومئذ أحدٌ ، فيخفى خزيُه على أحد ممن خلق لله ، أو; الخلائق.-----------------------الهوامش ;(39) انظر تفسير " افترى " فيما سلف من فهارس اللغة ( فرى ) .(40) في المطبوعة والمخطوطة ; " يكذبون على ربهم " ، والأجود أن تبقى على سياقة الآية .(41) مضى في رقم ; 6497 ; " أما سمعت " .(42) مضى في رقم ; 6497 ; " رب اغفر " ، مكان " رب أعرف " .(43) الأثر ; 18089 - مضى هذا الخبر بإسناده ، وتخريجه في رقم ; 6497 ( ج 6 ; 119 ، 120 ) .(44) الأثر ; 18090 - مضى هذا الإسناد برقم ; 6497 ، أيضًا .
يخبر تعالى أنه لا أحد { أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا } ويدخل في هذا كل من كذب على الله، بنسبة الشريك له، أو وصفه بما لا يليق بجلاله، أو الإخبار عنه، بما لم يقل، أو ادعاء النبوة، أو غير ذلك من الكذب على الله، فهؤلاء أعظم الناس ظلما { أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ } ليجازيهم بظلمهم، فعندما يحكم عليهم بالعقاب الشديد { يَقُولُ الْأَشْهَادُ } أي: الذين شهدوا عليهم بافترائهم وكذبهم: { هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ } أي: لعنة لا تنقطع، لأن ظلمهم صار وصفا لهم ملازما، لا يقبل التخفيف.
(الواو) استئنافيّة
(من) اسم استفهام مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ
(أظلم) خبر مرفوع
(من) حرف جرّ
(من) اسم موصول مبني في محلّ جرّ متعلّق بأظلم
(افترى) فعل ماض مبنيّ على الفتح المقدّر،والفاعل هو (على الله) جارّ ومجرور متعلّق بـ (افترى)
(كذبا) مفعول به ، منصوبـ (أولئك) اسم إشارة مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ.. و (الكاف) حرف خطابـ (يعرضون) مضارع مبنيّ للمجهول مرفوع ...و (الواو) نائب الفاعلـ (على ربّ) جارّ ومجرور متعلّق بـ (يعرضون) ، و (هم) ضمير مضاف إليه
(الواو) عاطفة
(يقول) مضارع مرفوع
(الأشهاد) فاعل مرفوع
(ها) حرف تنبيه
(أولاء) اسم إشارة مبتدأ
(الذين) اسم موصول خبر
(كذبوا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ.. والواو فاعلـ (على ربّهم) جارّ ومجرور متعلّق بـ (كذبوا) ، و (الهاء) مضاف إليه
(ألا) حرف تنبيه
(لعنة) مبتدأ مرفوع
(الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور
(على الظالمين) جارّ ومجرور متعلّق بخبر محذوف.
جملة: «من أظلم ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «افترى ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (من) .
وجملة: «أولئك يعرضون ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: «يعرضون على ربّهم» في محلّ رفع خبر المبتدأ
(أولئك) .
وجملة: «يقول الأشهاد ... » في محلّ رفع معطوفة على جملة يعرضون، والرابط مقدّر أي يقول الأشهاد فيهم .
وجملة: «هؤلاء الذين ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «كذبوا ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) .
وجملة: «لعنة الله على الظالمين» لا محلّ لها استئنافيّة.(الذين) موصول في إعرابه عدّة وجوه: الأول: في محلّ جرّ نعت للظالمين. الثاني: في محلّ رفع بدل من(الذين) المتقدّم. الثالث: في محلّ رفع خبر لمبتدأ محذوف وجوبا على الذمّ تقديره هم . الرابع:
في محلّ نصب مفعول به لفعل محذوف تقديره أذمّ.
(يصدّون) مضارع مرفوع.. والواو فاعلـ (عن سبيل) جارّ ومجرور متعلّق بـ (يصدّون) ،
(الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور
(الواو) عاطفة
(يبغون) مثل يصدّون و (ها) ضمير مفعول به
(عوجا) مصدر في موضع الحال منصوبـ (الواو) عاطفة
(هم) ضمير منفصل مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ
(بالآخرة) جارّ ومجرور متعلّق بـ (كافرون) خبر المبتدأ مرفوع
(هم) الثاني توكيد لفظيّ للأول.
وجملة: «يصدّون ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) .
وجملة: «يبغونها ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة: «هم ... كافرون» لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
- القرآن الكريم - هود١١ :١٨
Hud11:18