الرسم العثمانيإِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصّٰلِحٰتِ وَأَخْبَتُوٓا إِلٰى رَبِّهِمْ أُولٰٓئِكَ أَصْحٰبُ الْجَنَّةِ ۖ هُمْ فِيهَا خٰلِدُونَ
الـرسـم الإمـلائـياِنَّ الَّذِيۡنَ اٰمَنُوۡا وَعَمِلُوا الصّٰلِحٰتِ وَاَخۡبَـتُوۡۤا اِلٰى رَبِّهِمۡۙ اُولٰٓٮِٕكَ اَصۡحٰبُ الۡجَـنَّةِؕ هُمۡ فِيۡهَا خٰلِدُوۡنَ
تفسير ميسر:
إن الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا الأعمال الصالحة، وخضعوا لله في كل ما أُمروا به ونُهوا عنه، أولئك هم أهل الجنة، لا يموتون فيها، ولا يَخْرجون منها أبدًا.
لما ذكر تعالى حال الأشقياء ثنى بذكر السعداء وهم الذين آمنوا وعملوا الصالحات فآمنت قلوبهم وعملت جوارحهم الأعمال الصالحة قولا وفعلا من الإتيان بالطاعات وترك المنكرات وبهذا ورثوا الجنات المشتملة على الغرف العاليات والسرر المصفوفات والقطوف الدانيات والفرش المرتفعات والحسان الخيرات والفواكه المتنوعات والمآكل المشتهيات والمشارب المستلذات والنظر إلى خالق الأرض والسموات وهم في ذلك خالدون لا يموتون ولا يهرمون ولا يمرضون ولا ينامون ولا يتغوطون ولا يبصقون ولا يتمخطون إن هو إلا رشح مسك يعرقون ثم ضرب تعالى مثل الكافرين والمؤمنين.
قوله تعالى ; إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدونقوله تعالى ; إن الذين آمنوا " الذين " اسم إن و " آمنوا " صلة ، أي صدقوا .وعملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم عطف على الصلة . قال ابن عباس ; أخبتوا أنابوا . مجاهد ; أطاعوا . قتادة ; خشعوا وخضعوا . مقاتل ; أخلصوا . الحسن ; الإخبات الخشوع للمخافة الثابتة في القلب ، وأصل الإخبات الاستواء ، من الخبت وهو الأرض المستوية الواسعة ; فالإخبات الخشوع والاطمئنان ، أو الإنابة إلى الله - عز وجل - المستمرة ذلك على استواء . إلى ربهم قال الفراء ; إلى ربهم ولربهم واحد ، وقد يكون المعنى ; وجهوا إخباتهم إلى ربهم . " أولئك " خبر إن .
القول في تأويل قوله تعالى ; إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (23)قال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره; إن الذين صدقوا الله ورسوله ، وعملوا في الدنيا بطاعة الله ، و " أخبتوا إلى ربهم ".* * *واختلف أهل التأويل في معنى " الإخبات ".فقال بعضهم; معنى ذلك; وأنابوا إلى ربهم.*ذكر من قال ذلك;18095- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال حدثني عمي قال، حدثني أبي عن أبيه، عن ابن عباس، قوله; (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم)، قال; " الإخبات " ، الإنابة.18096- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله; (وأخبتوا إلى ربهم) ، يقول; وأنابوا إلى ربهم.* * *وقال آخرون; معنى ذلك; وخافوا.*ذكر من قال ذلك;18097- حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله بن صالح قال; حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس في قوله; (وأخبتوا إلى ربهم) ، يقول; خافوا.* * *وقال آخرون; معناه; اطمأنوا.*ذكر من قال ذلك;18098- حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى وحدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد; (وأخبتوا إلى ربهم) ، قال; اطمأنوا.18099- حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.18100- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.* * *وقال آخرون; معنى ذلك; خشعوا.*ذكر من قال ذلك;18101- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة; (وأخبتوا إليهم ربهم)، " الإخبات "، التخشُّع والتواضعقال أبو جعفر; وهذه الأقوال متقاربة المعاني ، وإن اختلفت ألفاظها، لأن الإنابة إلى الله من خوف الله، ومن الخشوع والتواضع لله بالطاعة، والطمأنينة إليه من الخشوع له، غير أن نفس " الإخبات " ، عند العرب ; الخشوع والتواضع.* * *وقال; (إلى ربهم) ، ومعناه; وأخبتوا لربهم. وذلك أن العرب تضع " اللام " موضع " إلى " و " إلى " موضع " اللام " كثيًرا، كما قال تعالى; بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا ، [سورة الزلزلة; 5] بمعنى; أوحى إليها. وقد يجوز أن يكون قيل ذلك كذلك، لأنهم وصفوا بأنهم عمدوا بإخباتهم إلى الله.* * *وقوله; (أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون) ، يقول; هؤلاء الذين هذه صفتهم ، هم سكان الجنة الذين لا يخرجون عنها ولا يموتون فيها، ولكنهم فيها لابثُون إلى غير نهاية. (10)-------------------الهوامش ;(10) انظر تفسير " أصحاب الجنة " و " الخلود " في فهارس اللغة ( صحب ) ، ( خلد ) .
يقول تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا } بقلوبهم، أي: صدقوا واعترفوا, لما أمر الله بالإيمان به، من أصول الدين وقواعده. { وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } المشتملة على أعمال القلوب والجوارح، وأقوال اللسان. { وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ } أي: خضعوا له، واستكانوا لعظمته، وذلوا لسلطانه، وأنابوا إليه بمحبته، وخوفه، ورجائه، والتضرع إليه. { أُولَئِكَ } الذين جمعوا تلك الصفات { أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } لأنهم لم يتركوا من الخير مطلبا، إلا أدركوه، ولا خيرا، إلا سبقوا إليه.
(إنّ) حرف مشبّه بالفعلـ (الذين) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب اسم إنّ
(آمنوا) فعل ماض وفاعله
(الواو) عاطفة
(عملوا) ومثل آمنوا
(الصالحات) مفعول به منصوب وعلامة النصب الكسرة
(الواو) عاطفة
(أخبتوا) مثل آمنوا
(إلى ربّ) جارّ ومجرور متعلّق بـ (أخبتوا) و (هم) ضمير مضاف إليه
(أولئك) مبتدأ كالسابق،
(أصحاب) خبر مرفوع
(الجنة) مضاف إليه مجرور
(هم) ضمير منفصل مبتدأ
(في) حرف جرّ و (ها) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (خالدون) وهو خبر المبتدأ هم مرفوع وعلامة الرفع الواو.
جملة: «إنّ الذين ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «آمنوا ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) .
وجملة: «عملوا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة: «أخبتوا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة: «أولئك أصحاب ... » في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: «هم فيها خالدون» في محلّ نصب حال من أصحاب .
- القرآن الكريم - هود١١ :٢٣
Hud11:23