وَأُوحِىَ إِلٰى نُوحٍ أَنَّهُۥ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلَّا مَن قَدْ ءَامَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ
وَاُوۡحِىَ اِلٰى نُوۡحٍ اَنَّهٗ لَنۡ يُّؤۡمِنَ مِنۡ قَوۡمِكَ اِلَّا مَنۡ قَدۡ اٰمَنَ فَلَا تَبۡتَٮِٕسۡ بِمَا كَانُوۡا يَفۡعَلُوۡنَ
تفسير ميسر:
وأوحى الله سبحانه وتعالى إلى نوح -عليه السلام- لـمَّا حق على قومه العذاب، أنه لن يؤمن بالله إلا مَن قد آمن مِن قبل، فلا تحزن يا نوح على ما كانوا يفعلون.
يخبر تعالى أنه أوحى إلى نوح لما استعجل قومه نقمة الله بهم وعذابه لهم فدعا عليهم نوح دعوته التي قال الله تعالى مخبرا عنه أنه قال "رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا" "فدعا ربه أني مغلوب فانتصر" فعند ذلك أوحى الله إليه "أنه لا يؤمن من قومك إلا من قد آمن" فلا تحزن عليهم ولا يهمنك أمرهم.
قوله تعالى ; وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون[ ص; 28 ] قوله تعالى ; وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن " أنه " في موضع رفع على أنه اسم ما لم يسم فاعله . ويجوز أن يكون في موضع نصب ، ويكون التقدير ; ب " أنه " . و " آمن " في موضع نصب ب " يؤمن " ومعنى الكلام الإياس من إيمانهم ، واستدامة كفرهم ، تحقيقا لنزول الوعيد بهم . قال الضحاك ; فدعا عليهم لما أخبر بهذا فقال ; رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا الآيتين . وقيل ; إن رجلا من قوم نوح حمل ابنه على كتفه ، فلما رأى الصبي نوحا قال لأبيه ; اعطني حجرا ; فأعطاه حجرا ، ورمى به نوحا - عليه السلام - فأدماه ; فأوحى الله تعالى إليه أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن .فلا تبتئس بما كانوا يفعلون أي فلا تغتم بهلاكهم حتى تكون بائسا ; أي حزينا . والبؤس الحزن ; ومنه قول الشاعر ;وكم من خليل أو حميم رزئته فلم أبتئس والرزء فيه جليليقال ; ابتأس الرجل إذا بلغه شيء يكرهه . والابتئاس حزن في استكانة .
القول في تأويل قوله تعالى ; وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (36)قال أبو جعفر ; يقول تعالى ذكره; وأوحَى الله إلى نوح ، لمّا حَقّ على قومه القولُ، وأظلَّهم أمرُ الله، أنه لن يؤمن، يا نوح ، بالله فيوحِّده ، ويتبعك على ما تدعوه إليه ، (من قومك إلا من قد آمن)، فصدّق بذلك واتبعك.(فلا تبتئس) ، يقول; فلا تستكن ولا تحزن ، (بما كانوا يفعلون)، فإني مهلكهم ، ومنقذك منهم ومن اتبعك. وأوحى الله ذلك إليه ، بعد ما دعا عليهم نوحٌ بالهلاك فقال; رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا ، [سورة نوح; 26] .* * *، وهو " تفتعل " من " البؤس "، يقال; " ابتأس فلان بالأمر يبتئس ابتئاسًا "; كما قال لبيد بن ربيعة;فِـــي مَـــأْتَمٍ كَنِعَــاجِ صَــارَةَ يَبْتَئِسْــــنَ بِمَـــا لَقَيْنـــا (10)* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.*ذكر من قال ذلك;18121- حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد; (فلا تبتئس) ، قال; لا تحزن.18122- حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ، وحدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبى نجيح، عن مجاهد مثله.18123- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس; (فلا تبتئس بما كانوا يفعلون) ، يقول; فلا تحزن.18124- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة; (فلا تبتئس بما كانوا يفعلون) ، قال; لا تأسَ ولا تحزن.18125- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله; (وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن) ، وذلك حين دعا عليهم قال رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا ، [سورة نوح; 26] ، قوله; (فلا تبتئس)، يقول; فلا تأسَ ولا تحزن.18126- حدثت عن الحسين بن الفرج قال; سمعت أبا معاذ قال، حدثنا عبيد بن سليمان، قال; سمعت الضحاك يقول في قوله; (لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن) ، فحينئذ دعا على قومه ، لما بيَّن الله له أنه لن يؤمن من قومه إلا من قد آمن.---------------------الهوامش ;(10) ديوانه 2 ; 46 ( القصيدة ; 35 ، البيت ; 21 ) ، اللسان ( يأس ) قصيدة له ، يذكر بنته أو امرأته وحالها بعد موته ;وَحَــذِرْتُ بَعْــدَ المَــوْتِ يَــوْمَ تَشِـــينُ أَسْـــمَاءُ الجَبِينَـــافِــي رَبْــرَبٍ كَنِعَــاجِ صَــارَةَ يَبْتَئِسْــــنَ بِمَــــا لَقِينَـــامُتَسَـــلِّبَاتٍ فِـــي مُسُـــوحِالشَّــــعْرِ أَبْكَـــارًا وَعُونَـــاوهذا شعر ، حسبك به من شعر ! .
وقوله: { وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ } أي: قد قسوا، { فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ } أي: فلا تحزن، ولا تبال بهم, وبأفعالهم، فإن الله قد مقتهم، وأحق عليهم عذابه الذي لا يرد.
(الواو) استئنافيّة
(أوحي) فعل ماض مبنيّ للمجهولـ (إلى نوح) جارّ ومجرور متعلّق بـ (أوحي) ،
(أنّ) حرف مشبّه بالفعل للتوكيد
(الهاء) ضمير في محلّ نصب اسم أنّ- وهو ضمير الشأن-
(لن) حرف نفي ونصبـ (يؤمن) مضارع منصوبـ (من قوم) جارّ ومجرور حال من فاعل يؤمن و (الكاف) ضمير مضاف إليه
(إلّا) أداة حصر
(من) اسم موصول مبنيّ في محلّ رفع فاعل يؤمن(قد) حرف تحقيق
(آمن) فعل ماض، والفاعل هو وهو العائد
(الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر
(لا) ناهية جازمة
(تبتئس) مضارع مجزوم، والفاعل أنت
(الباء) حرف جرّ
(ما) حرف مصدريّ ،
(كانوا) فعل ماض ناقص- ناسخ- مبنيّ على الضمّ.. والواو اسم كان
(يفعلون) مضارع مرفوع والواو فاعل.
والمصدر المؤوّلـ (ما كانوا..) في محلّ جرّ بالباء متعلّق بـ (تبتئس) .
والمصدر المؤوّلـ (أنّه لن يؤمن..) في محلّ رفع نائب الفاعل لفعل أوحي.
جملة: «أوحي إلى نوح ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «لن يؤمن ... » في محلّ رفع خبر
(أنّ) .
وجملة: «قد آمن ... » لا محلّ لها صلة الموصول.
وجملة: «لا تبتئس» في محلّ جزم
(الواو) جواب شرط مقدّر أي إن كان المؤمنون قلّة فلا تبتئس.
وجملة: «كانوا يفعلون» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(ما) .
وجملة: «يفعلون» في محلّ نصب خبر كانوا.
(الواو) عاطفة
(اصنع) فعل أمر، والفاعل أنت
(الفلك) مفعول به منصوبـ (بأعين) جارّ ومجرور حال من فاعل اصنع و (نا) ضمير مضاف إليه
(الواو) عاطفة
(وحينا) معطوف على أعيننا، ومضاف إليه
(الواو) عاطفة
(لا) ناهية جازمة
(تخاطب) فعل مضارع مجزوم، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت و (النون) للوقاية و (الياء) ضمير مفعول به
(في) حرف جرّ
(الذين) موصول في محلّ جرّ متعلّق بـ (تخاطب) على حذف مضاف أي في أمر الذين ...
(ظلموا) فعل ماض وفاعله
(إنّ) حرف مشبه بالفعل- ناسخ- و (هم) ضمير متّصل مبنيّ في محلّ نصب اسم إنّ
(مغرقون) خبر مرفوع وعلامة الرفع الواو.وجملة: «اصنع ... » في محلّ جزم معطوفة على جملة لا تبتئس.
وجملة: «لا تخاطبني» معطوفة على جملة اصنع الفلك.
وجملة: «ظلموا» لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) .
وجملة: «إنّهم مغرقون» لا محلّ لها تعليليّة.