وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ ۖ قَالَ أَحَدُهُمَآ إِنِّىٓ أَرٰىنِىٓ أَعْصِرُ خَمْرًا ۖ وَقَالَ الْءَاخَرُ إِنِّىٓ أَرٰىنِىٓ أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِى خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ ۖ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِۦٓ ۖ إِنَّا نَرٰىكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ
وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجۡنَ فَتَيٰنِؕ قَالَ اَحَدُهُمَاۤ اِنِّىۡۤ اَرٰٮنِىۡۤ اَعۡصِرُ خَمۡرًا ۚ وَقَالَ الۡاٰخَرُ اِنِّىۡۤ اَرٰٮنِىۡۤ اَحۡمِلُ فَوۡقَ رَاۡسِىۡ خُبۡزًا تَاۡكُلُ الطَّيۡرُ مِنۡهُ ؕ نَبِّئۡنَا بِتَاۡوِيۡلِهٖ ۚ اِنَّا نَرٰٮكَ مِنَ الۡمُحۡسِنِيۡنَ
تفسير ميسر:
ودخل السجن مع يوسف فَتَيان، قال أحدهما; إني رأيت في المنام أني أعصر عنبًا ليصير خمرًا، وقال الآخر; إني رأيت أني أحمل فوق رأسي خبزًا تأكل الطير منه، أخبرنا -يا يوسف -بتفسير ما رأينا، إنا نراك من الذين يحسنون في عبادتهم لله، ومعاملتهم لخلقه.
قال قتادة; كان أحدهما ساقي الملك والآخر خبازه قال محمد بن إسحاق; كان اسم الذي على الشراب نبوا والآخر مجلث قال السدي; كان سبب حبس الملك إياهما أنه توهم أنهما تمالا على سمه في طعامه وشرابه وكان يوسف عليه السلام قد اشتهر في السجن بالجود والأمانة وصدق الحديث وحسن السمت وكثرة العبادة صلوات الله عليه وسلامه ومعرفة التعبير والإحسان إلى أهل السجن وعيادة مرضاهم والقيام بحقوقهم ولما دخل هذان الفتيان إلى السجن تألفا به وأحباه حبا شديدا وقالا له; والله لقد أحببناك حبا زائدا قال بارك الله فيكما إنه ما أحبني أحد إلا دخل علي من محبته ضرر أحبتني عمتي فدخل علي الضرر بسببها وأحبني أبي فأوذيت بسببه وأحبتني امرأة العزيز فكذلك فقالا والله ما نستطيع إلا ذلك ثم إنهما رأيا مناما فرأى الساقي أنه يعصر خمرا يعني عنبا وكذلك هي في قراءة عبد الله بن مسعود إني أراني أعصر عنبا ورواه ابن أبي حاتم عن أحمد بن سنان عن يزيد بن هارون عن شريك عن الأعمش عن زيد بن وهب عن ابن مسعود أنه قرأها أعصر عنبا وقال الضحاك في قوله " إنى أرانى أعصر خمرا " يعني عنبا قال وأهل عمان يسمون العنب خمرا وقال عكرمة; قال له إنى رأيت فيما يرى النائم أني غرست حبلة من عنب فنبتت فخرج فيها عناقيد فعصرتهن ثم سقيتهن الملك فقال; تمكث فى السجن ثلاثة أيام ثم تخرج فتسقيه خمرا وقال الآخر وهو الخباز; " إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه نبئنا بتأويله " الآية والمشهور عند الأكثرين ما ذكرناه أنهما رأيا مناما وطلبا تعبيره وقال ابن جرير; حدثنا وكيع وابن حميد قالا; حدثنا جرير عن عمارة بن القعقاع عن إبراهيم عن عبدالله بن مسعود قال; ما رأى صاحبا يوسف شيئا إنما كانا تحالما ليجربا عليه.
قوله تعالى ; ودخل معه السجن فتيان قال أحدهما إني أراني أعصر خمرا وقال الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنينقوله تعالى ; ودخل معه السجن فتيان " فتيان " تثنية فتى ; وهو من ذوات الياء ، وقولهم ; الفتو شاذ . قال وهب وغيره ; حمل يوسف إلى السجن مقيدا على حمار ، وطيف به " هذا جزاء من يعصي سيدته " وهو يقول ; هذا أيسر من مقطعات النيران ، وسرابيل القطران ، وشراب الحميم ، وأكل الزقوم . فلما انتهى يوسف إلى السجن وجد فيه قوما قد انقطع رجاؤهم ، واشتد بلاؤهم ; فجعل يقول لهم ; اصبروا وأبشروا تؤجروا ; فقالوا له ; يا فتى ! ما أحسن حديثك ! لقد بورك لنا في جوارك ، من أنت يا فتى ؟ قال ; أنا يوسف ابن صفي الله يعقوب ، ابن ذبيح الله إسحاق ، ابن خليل الله إبراهيم . وقال ابن عباس ; لما قالت المرأة لزوجها إن هذا العبد العبراني قد فضحني ، وأنا أريد أن تسجنه ، فسجنه في السجن ; فكان [ ص; 165 ] يعزي فيه الحزين ، ويعود فيه المريض ، ويداوي فيه الجريح ، ويصلي الليل كله ، ويبكي حتى تبكي معه جدر البيوت وسقفها والأبواب ، وطهر به السجن ، واستأنس به أهل السجن ; فكان إذا خرج الرجل من السجن رجع حتى يجلس في السجن مع يوسف ، وأحبه صاحب السجن فوسع عليه فيه ; ثم قال له ; يا يوسف ! لقد أحببتك حبا لم أحب شيئا حبك ; فقال ; أعوذ بالله من حبك ، قال ; ولم ذلك ؟ فقال ; أحبني أبي ففعل بي إخوتي ما فعلوه ، وأحبتني سيدتي فنزل بي ما ترى ، فكان في حبسه حتى غضب الملك على خبازه وصاحب شرابه ، وذلك أن الملك عمر فيهم فملوه ، فدسوا إلى خبازه وصاحب شرابه أن يسماه جميعا ، فأجاب الخباز وأبى صاحب الشراب ، فانطلق صاحب الشراب فأخبر الملك بذلك ، فأمر الملك بحبسهما ، فاستأنسا بيوسف ، فذلك قوله ; ودخل معه السجن فتيان وقد قيل ; إن الخباز وضع السم في الطعام ، فلما حضر الطعام قال الساقي ; أيها الملك ! لا تأكل فإن الطعام مسموم . وقال الخباز ; أيها الملك لا تشرب ! فإن الشراب مسموم ; فقال الملك للساقي ; اشرب ! فشرب فلم يضره ، وقال للخباز ; كل ; فأبى ، فجرب الطعام على حيوان فنفق مكانه ، فحبسهما سنة ، وبقيا في السجن تلك المدة مع يوسف . واسم الساقي منجا ، والآخر مجلث ; ذكره الثعلبي عن كعب . وقال النقاش ; اسم أحدهما شرهم ، والآخر سرهم ; الأول ، بالشين المعجمة . والآخر بالسين المهملة . وقال الطبري ; الذي رأى أنه يعصر خمرا هو نبو ، قال السهيلي ; وذكر اسم الآخر ولم أقيده . وقال فتيان لأنهما كانا عبدين ، والعبد يسمى فتى ، صغيرا كان أو كبيرا ; ذكره الماوردي . وقال القشيري ; ولعل الفتى كان اسما للعبد في عرفهم ; ولهذا قال ; تراود فتاها عن نفسه . ويحتمل أن يكون الفتى اسما للخادم وإن لم يكن مملوكا . ويمكن أن يكون حبسهما مع حبس يوسف أو بعده أو قبله ، غير أنهما دخلا معه البيت الذي كان فيه .قال أحدهما إني أراني أعصر خمرا أي عنبا ; كان يوسف قال لأهل السجن ; إني أعبر الأحلام ; فقال أحد الفتيين لصاحبه ; تعال حتى نجرب هذا العبد العبراني ; فسألاه من غير أن يكونا رأيا شيئا ; قاله ابن مسعود . وحكى الطبري أنهما سألاه عن علمه فقال ; إني أعبر الرؤيا ; فسألاه عن رؤياهما . قال ابن عباس ومجاهد ; كانت رؤيا صدق رأياها وسألاه عنها ; ولذلك صدق تأويلها . وفي الصحيح عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ; أصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا . وقيل ; إنها كانت رؤيا كذب سألاه عنها تجريبا ; وهذا قول ابن مسعود والسدي . وقيل ; إن المصلوب منهما كان كاذبا ، والآخر صادقا ; قاله أبو مجلز . وروى الترمذي عن ابن عباس عن [ ص; 166 ] النبي - صلى الله عليه وسلم - ; قال ; من تحلم كاذبا كلف يوم القيامة أن يعقد بين شعيرتين ولن يعقد بينهما . قال أبو عيسى ; هذا حديث حسن صحيح وعن علي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ; من كذب في حلمه كلف يوم القيامة عقد شعيرة . قال ; حديث حسن . قال ابن عباس ; لما رأيا رؤياهما أصبحا مكروبين ; فقال لهما يوسف ; ما لي أراكما مكروبين ؟ قالا ; يا سيدنا ! إنا رأينا ما كرهنا ; قال ; فقصا علي ، فقصا عليه ; قالا ; نبئنا بتأويل ما رأينا ; وهذا يدل على أنها كانت رؤيا منام إنا نراك من المحسنين فإحسانه ، أنه كان يعود المرضى ويداويهم ، ويعزي الحزانى ; قال الضحاك ; كان إذا مرض الرجل من أهل السجن قام به ، وإذا ضاق وسع له ، وإذا احتاج جمع له ، وسأل له . وقيل ; من المحسنين أي العالمين الذين أحسنوا العلم ، قاله الفراء . وقال ابن إسحاق ; من المحسنين لنا إن فسرته ، كما يقول ; افعل كذا وأنت محسن .. قال ; فما رأيتما ؟ قال الخباز ; رأيت كأني اختبزت في ثلاثة تنانير ، وجعلته في ثلاث سلال ، فوضعته على رأسي فجاء الطير فأكل منه . وقال الآخر ; رأيت كأني أخذت ثلاثة عناقيد من عنب أبيض ، فعصرتهن في ثلاث أوان ، ثم صفيته فسقيت الملك كعادتي فيما مضى ، فذلك قوله ; إني أراني أعصر خمرا أي عنبا ، بلغة عمان ، قاله الضحاك . وقرأ ابن مسعود ; " إني أراني أعصر عنبا " . وقال الأصمعي ; أخبرني المعتمر بن سليمان أنه لقي أعرابيا ومعه عنب فقال له ; ما معك ؟ قال ; خمر . وقيل ; معنى . أعصر خمرا أي عنب خمر ، فحذف المضاف . ويقال ; خمرة وخمر وخمور ، مثل تمرة وتمر وتمور .
القول في تأويل قوله تعالى ; وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (36)قال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره; ودخل مع يوسف السجن فتيان ، فدل بذلك على متروكٍ قد ترك من الكلام، وهو; ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ ، فسجنوه وأدخلوه السجن ، ودخل معه فتيان , فاستغنَى بدليل قوله; (ودخل معه السجن فتيان) ، على إدخالهم يوسف السجن، من ذكره.* * *وكان الفتيان، فيما ذكر، (37) غلامين من غلمان ملك مصر الأكبر، أحدهما صاحبُ شرابه , والآخر صاحبُ طعامه، كما; -&; 16-95 &; 19266 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة , عن ابن إسحاق , قال; فطرح في السجن ، يعني يوسف ، ( ودخل معه السجن فتيان ) , غلامان كانا للملك الأكبر الرّيان بن الوليد , كان أحدهما على شرابه , والآخر على بعض أمره , في سَخْطَةٍ سخطها عليهما , اسم أحدهما " مجلث " والآخر " نبو " , و " نبو " الذي كان على الشراب.19267 - حدثنا بشر , قال; حدثنا يزيد , قال; حدثنا سعيد , عن قتادة; (ودخل معه السجن فتيان) ، قال; كان أحدهما خبازًا للملك على طعامه , وكان الآخر ساقيه على شرابِه.* * *وكان سبب حبس الملك الفتيين فيما ذكر، ما; -19268 - حدثنا ابن وكيع , قال; حدثنا عمرو , عن أسباط , عن السدي , قال; إن الملك غضب على خبَّازه , بلغه أنه يريد أن يسمّه , فحبسه وحبس صاحب شرابه , ظنَّ أنه مالأه على ذلك. فحبسهما جميعًا ; فذلك قول الله; ( ودخل معه السجن فتيان ).* * *وقوله; (قال أحدهما إني أراني أعصر خمرًا) ، ذكر أن يوسف صلوات الله عليه لما أدخل السجن , قال لمن فيه من المحبَّسين , وسألوه عن عمله; إني أعبُرُ الرؤيا; فقال أحد الفتيين اللذين أدخلا معه السجن لصاحبه; تعال فلنجربه، كما; -19269 - حدثنا ابن وكيع , قال; حدثنا عمرو بن محمد , عن أسباط , عن السدي , قال; لما دخل يوسف السجن قال; أنا أعبُرُ الأحلام . فقال أحد الفتيين لصاحبه; هلمَّ نجرّب هذا العبد العبرانيّ فتراءَيَا له ! فسألاه، (38) من غير أن يكونا رأيا شيئًا . فقال الخباز; إني أراني أحمل فوق رأسي خبزًا تأكل الطير منه؟ وقال الآخر; إني أراني أعصر خمرًا؟ (39)19270 - حدثنا ابن وكيع وابن حميد , قالا حدثنا جرير , عن عمارة بن القعقاع , عن إبراهيم , عن عبد الله , قال; ما رأى صاحبا يوسف شيئًا , وإنما كانا تحالما ليجرِّبا علمه.* * *وقال قوم; إنما سأله الفَتَيان عن رؤيا كانا رأياها على صحةٍ وحقيقةٍ , وعلى تصديق منهما ليوسف لعلمه بتعبيرها .* ذكر من قال ذلك;19271 - حدثنا ابن حميد , قال; حدثنا سلمة , عن ابن إسحاق , قال; لما رأى الفتيان يوسف , قالا والله، يا فتى لقد أحببناك حين رأيناك.19272 - .... قال; حدثنا سلمة , عن ابن إسحاق , عن عبد الله , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد; أن يوسف قال لهم حين قالا له ذلك; أنشدكما الله أن لا تحباني، فوالله ما أحبني أحدٌ قط إلا دخل عليَّ من حبه بلاء، لقد أحبتني عمتي فدخل علي من حبها بلاء , ثم لقد أحبني أبي فدخل عليّ بحبه بلاء , ثم لقد أحبتني زوجةُ صاحبي هذا فدخل عليَّ بحبها إياي بلاء , فلا تحباني بارك الله فيكما ! قال; فأبيا إلا حبه وإلفه حيث كان , وجعلا يعجبهما ما يريان من فهمه وعقله. وقد كانا رأيا حين أدخلا السجن رؤيا , فرأى " مجلث " أنه يحمل فوق رأسه خبزًا تأكل الطير منه , ورأى " نبو " أنه يعصر خمرًا , فاستفتياه فيها، وقالا له; (نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين) ، إن فعلت.* * *وعني بقوله; (أعصر خمرًا) ، أي; إني أرى في نومي أني أعصر عنبًا . وكذلك ذلك في قراءة ابن مسعود فيما ذكر عنه .19273 - حدثنا ابن وكيع , قال; حدثنا أبي , عن أبي سلمة الصائغ , عن إبراهيم بن بشير الأنصاري , عن محمد بن الحنفية قال في قراءة ابن مسعود; " إنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ عِنَبًا. (40)* * *وذكر أن ذلك من لغة أهل عمان , وأنهم يسمون العنب خمرًا .* ذكر من قال ذلك;19274 - حدثت عن الحسين , قال; سمعت أبا معاذ , يقول; حدثنا عبيد , قال; سمعت الضحاك يقول في قوله; (إني أراني أعصر خمرًا) ، يقول; أعصر عنبًا , وهو بلغة أهل عمان، يسمون العنب خمرًا.19275 - حدثنا أبو كريب , قال; حدثنا وكيع ; وثنا ابن وكيع , قال; حدثنا أبي ، عن سلمة بن نبيط , عن الضحاك; (إني أراني أعصر خمرًا) ، قال; عنبًا , أرضُ كذا وكذا يدعُون العنب " خمرًا ".19276 - حدثنا القاسم , قال; حدثنا الحسين , قال; ثني حجاج , عن ابن جريج , قال; قال ابن عباس; (إني أراني أعصر خمرًا) ، قال; عنبًا.19277 - حدثت عن المسيب بن شريك , عن أبي حمزة , عن عكرمة , قال; أتاه فقال; رأيت فيما يرى النائم أني غرست حَبَلة من عنب، (41) فنبتت , فخرج فيه عناقيد فعصرتهنّ , ثم سقيتهن الملك، فقال; تمكث في السجن ثلاثة أيام , ثم تخرج فتسقيه خمرًا.* * *وقوله; (وقال الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزًا تأكل الطير منه نبئنا بتأويله) ، يقول تعالى ذكره; وقال الآخر من الفَتيين; إني أراني في منامي أحمل فوق رأسي خبزًا ; يقول; أحمل على رأسي ، فوضعت " فوق " مكان " على " (42) ، (تأكل الطير منه) ، يعني; من الخبز.* * *وقوله; (نبئنا بتأويله) ، يقول; أخبرنا بما يؤول إليه ما أخبرناك أنَّا رأيناه في منامنا، ويرجع إليه، (43) كما; -19278 - حدثني الحارث , قال; حدثنا القاسم , قال; حدثنا يزيد , عن ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد; (نبئنا بتأويله) ، قال; به ، قال الحارث , قال أبو عبيد; يعني مجاهد أن " تأويل الشيء "، هو الشيء . قال; ومنه; " تأويل الرؤيا "، إنما هو الشيء الذي تؤول إليه.* * *وقوله; (إنا نراك من المحسنين) اختلف أهل التأويل في معنى " الإحسان " الذي وصف به الفتيان يوسف. (44)فقال بعضهم; هو أنه كان يعود مريضهم , ويعزي حزينهم , وإذا احتاج منهم إنسان جَمَع له .* ذكر من قال ذلك;19279 - حدثنا الحسن بن محمد , قال; حدثنا سعيد بن منصور , قال; حدثنا خلف بن خليفة , عن سلمة بن نبيط , عن الضحاك بن مزاحم , قال; كنت جالسًا معه ببلخ , فسئل عن قوله; (نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين) ، قال; قيل له; ما كان إحسان يوسف؟ قال; كان إذا مرض إنسان قام عليه , وإذا احتاج جمع له , وإذا ضاق أوْسَع له.19280 - حدثنا إسحاق , عن أبي إسرائيل , قال; حدثنا خلف بن خليفة , عن سلمة بن نبيط , عن الضحاك , قال; سأل رجل الضحاك عن قوله; (إنا نراك من المحسنين) ما كان إحسانه؟ قال; كان إذا مرض إنسان في السجن قامَ عليه , وإذا احتاج جمع له , وإذا ضاق عليه المكان وسَّع له.19281 - حدثنا القاسم , قال; حدثنا الحسين , قال; حدثني حجاج , عن أبي بكر بن عبد الله , عن قتادة , قوله; (إنا نراك من المحسنين) ، قال; بلغنا أن إحسانه أنه كان يداوي مريضهم , ويعزِّي حزينهم , ويجتهد لربه . وقال; لما انتهى يوسف إلى السجن وجد فيه قومًا قد انقطع رجاؤهم، واشتد بلاؤهم , فطال حزنهم , فجعل يقول; أبشروا واصبروا تؤجَروا , إن لهذا أجرًا , إن لهذا ثوابًا. فقالوا; يا فتى، بارك الله فيك، ما أحسن وجهك، وأحسن خلقك , لقد بورك لنا في جوارك , ما نحبُّ أنَّا كنا في غير هذا منذ حبسنا، لما تخبرنا من الأجر والكفَّارة والطَّهارة , فمن أنت يا فتى؟ قال; أنا يوسف، ابن صفي الله يعقوب، ابن ذبيح الله إسحاق بن إبراهيم خليل الله. وكانت عليه محبَّة. وقال له عامل السجن; يا فتى، والله لو استطعت لخلَّيت سبيلك , ولكن سأحسن جِوارك، وأحسن إسارك , فكن في أيِّ بيوت السجن شئت.19282 - حدثنا أبو كريب , قال; حدثنا وكيع , عن خلف الأشجعي , عن سلمة بن نبيط , عن الضحاك في; (إنا نراك من المحسنين) ، قال; كان يوسع للرجل في مجلسه , ويتعاهد المرضى.* * *وقال آخرون; معناه; (إنا نراك من المحسنين) ، إذا نبأتنا بتأويل رؤيانا هذه.* ذكر من قال ذلك;19283 - حدثنا ابن حميد , قال; حدثنا سلمة , عن ابن إسحاق , قال; استفتياه في رؤياهما , وقالا له; (نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين) ، إن فعلت.قال أبو جعفر; وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب ، القول الذي ذكرناه عن الضحاك وقتادة.* * *فإن قال قائل; وما وجهُ الكلام إن كان الأمر إذن كما قلت , وقد علمت أن مسألتهما يوسف أن ينبئهما بتأويل رؤياهما، ليست من الخبَر عن صفته بأنه يعود المريض ويقوم عليه، ويحسن إلى من احتاج في شيء , وإنما يقال للرجل; " نبئنا بتأويل هذا فإنك عالم " , وهذا من المواضع التي تحسن بالوصف بالعلم، لا بغيره؟قيل; إن وجه ذلك أنهما قالا له; نبئنا بتأويل رؤيانا محسنًا إلينا في إخبارك إيانا بذلك , كما نراك تحسن في سائر أفعالك; ( إنا نراك من المحسنين).* * *----------------------الهوامش;(37) انظر تفسير" الفتى" فيما سلف 8 ; 188 / 16 ; 62 .(38) في المطبوعة ;" نتراءى له" ، والصواب من المخطوطة ، والتاريخ .(39) الأثر ; 19269 - رواه أبو جعفر في تاريخه 1 ; 176 .(40) الأثر ; 19273 -" أبو سلمة الصائغ" هو" راشد ، أبو سلمة الصائغ الفزاري" ، روى عن الشعبي ، وزيد الأحمسي ، وغيرهما . مترجم في الكبير 2 / 1 / 272 ، وابن أبي حاتم 1 / 2 / 485 ، ولم يذكرا فيه جرحًا .و" إبراهيم بن بشير الأنصاري" ، روى عن ابن الحنفية ، مترجم في الكبير 1 / 1 / 274 زابن أبي حاتم 1 / 1 / 89 .وهذا الخبر ، ذكره البخاري في ترجمة" إبراهيم بن بشير" .(41) " الحبلة" ( بفتح الحاء والباء ) ، القضيب من شجر الأعناب ، يغرس فينبت .(42) انظر تفسير" فوق" فيما سلف 13 ; 430 .(43) انظر تفسير" النبأ" فيما سلف من فهارس اللغة ( نبأ ) .، وتفسير" التأويل" فيما سلف ص ; 20 ، تعليق ; 2 ، والمراجع هناك .(44) انظر تفسير" الإحسان" فيما سلف من فهارس اللغة ( حسن ) .
أي: { و } لما دخل يوسف السجن، كان في جملة من { دَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ } أي: شابان، فرأى كل واحد منهما رؤيا، فقصها على يوسف ليعبرها، .فـ { قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا } وذلك الخبز { تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ } أي: بتفسيره، وما يؤول إليه أمرهما، وقولهما: { إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ } أي: من أهل الإحسان إلى الخلق، فأحسن إلينا في تعبيرك لرؤيانا، كما أحسنت إلى غيرنا، فتوسلا ليوسف بإحسانه.
(الواو) عاطفة
(دخل) فعل ماض
(معه) ظرف منصوب متعلّق بـ (دخل) .. و (الهاء) ضمير مضاف إليه
(السجن) مفعول به منصوبـ (فتيان) فاعل مرفوع، وعلامة الرفع الألف
(قال) مثل دخلـ (أحدهما) فاعل مرفوع، و (هما) ضمير متّصل في محلّ جرّ مضاف إليه
(إنّي أراني) مثل إنّا لنراها ، و (النون) للوقاية، والفاعل أنا
(أعصر) مضارع مرفوع، والفاعل أنا
(خمرا) مفعول به منصوبـ (الواو) عاطفة
(قال الآخر ...أحمل) مثل المتقدّمة
(فوق) ظرف مكان منصوب متعلّق بـ (أحمل) ،
(رأسي) مضاف إليه مجرور، وعلامة الجرّ الكسرة المقدّرة على ما قبل الياء، و (الياء) مضاف إليه
(خبزا) مفعول به منصوبـ (تأكل) مضارع مرفوع
(الطير) فاعل مرفوع
(من) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (تأكل) ،
(نبّئنا) فعل أمر.. و (نا) ضمير مفعول به، والفاعل أنت
(بتأويله) جارّ ومجرور ومضاف إليه متعلّق بـ (نبّئ) ،
(إنّا نراك من المحسنين) مثل إنّا لنراها في ضلال ، وعلامة الجرّ الياء.وجملة: «دخل.. فتيان» لا محلّ لها معطوفة على محذوف مستأنف أي فسجن يوسف ومعه دخل السجن فتيان..
جملة: «قال أحدهما ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «إنّي أراني ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «أراني أعصر ... » في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: «أعصر خمرا» في محلّ نصب حال .
وجملة: «قال الآخر ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة قال أحدهما.
وجملة: «إنّي أراني ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «أراني أحمل ... » في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: «أحمل.. خبزا» في محلّ نصب حال- أو مفعول به ثان- وجملة: «تأكل الطير منه» في محلّ نصب نعت لـ (خبزا) .
وجملة: «نبّئنا بتأويله» لا محلّ لها استئنافيّة في حيّز القول.
وجملة: «إنّا تراك ... » لا محلّ لها تعليليّة- أو استئناف بيانيّ- وجملة: «نراك من المحسنين» في محلّ رفع خبر إنّ.