يٰصٰىحِبَىِ السِّجْنِ ءَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوٰحِدُ الْقَهَّارُ
يٰصَاحِبَىِ السِّجۡنِ ءَاَرۡبَابٌ مُّتَفَرِّقُوۡنَ خَيۡرٌ اَمِ اللّٰهُ الۡوَاحِدُ الۡقَهَّارُؕ
تفسير ميسر:
وقال يوسف للفَتَيين اللذين معه في السجن; أعبادةُ آلهةٍ مخلوقة شتى خير أم عبادة الله الواحد القهار؟
ثم إن يوسف عليه السلام أقبل على الفتيين بالمخاطبة والدعاء لهما إلى عبادة الله وحده لا شريك له وخلع ما سواه من الأوثان التي يعبدها قومهما فقال " أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار " أي الذي دل كل شيء لعز جلاله وعظمة سلطانه.
قوله ; ياصاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهارقوله تعالى ; يا صاحبي السجن أي يا ساكني السجن ; وذكر الصحبة لطول مقامهما فيه ، كقولك ; أصحاب الجنة ، وأصحاب النار .قوله تعالى ; أأرباب متفرقون أي في الصغر والكبر والتوسط ، أو متفرقون في العدد .خير أم الله الواحد القهار وقيل ; الخطاب لهما ولأهل السجن ، وكان بين أيديهم أصنام يعبدونها من دون الله تعالى ، فقال ذلك إلزاما للحجة ; أي آلهة شتى لا تضر ولا تنفع . خير أم الله الواحد القهار الذي قهر كل شيء . نظيره ; الله خير أم ما يشركون . [ ص; 168 ] وقيل ; أشار بالتفرق إلى أنه لو تعدد الإله لتفرقوا في الإرادة ولعلا بعضهم على بعض ، وبين أنها إذا تفرقت لم تكن آلهة .
القول في تأويل قوله تعالى ; يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39)قال أبو جعفر ; ذكر أن يوسف صلوات الله عليه قال هذا القول للفتيين اللذين دخلا معه السجن ، لأن أحدهما كان مشركًا ، فدعاه بهذا القول إلى الإسلام وترك عبادة الآلهة والأوثان ، فقال; (يا صاحبي السجن)، يعني; يا من هو في السجن، وجعلهما " صاحبيه " لكونهما فيه ، كما قال الله تعالى لسكان الجنة; فَـ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ وكذلك قال لأهل النار ، وسماهم " أصحابها " لكونهم فيها . (1)* * *وقوله; (أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار) ، يقول; أعبادة أرباب شتى متفرقين وآلهة لا تنفع ولا تضر، خيرٌ أم عبادة المعبود الواحد الذي لا ثاني له في قدرته وسلطانه ، الذي قهر كل شي فذلـله وسخره، فأطاعه طوعًا وكرهًا . (2)* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .*ذكر من قال ذلك;19289 - حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، &; 16-105 &; قوله; (يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون) إلى قوله; لا يَعْلَمُونَ ، لما عرف نبيُّ الله يوسف أن أحدهما مقتولٌ، دعاهما إلى حظّهما من ربهما، وإلى نصيبهما من آخرتهما.19290 - حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد; (يا صاحبي السجن) يوسفُ يقوله.19291-... قال، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .19292 - حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق قال; ثم دعاهما إلى الله وإلى الإسلام ، فقال; (يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار)، أي; خيرٌ أن تعبدوا إلهًا واحدًا ، أو آلهة متفرقة لا تغني عنكم شيئا؟* * *----------------------الهوامش;(1) انظر تفسير" الصاحب" ، فيما سلف من فهارس اللغة ( صحب ) .(2) انظر تفسير" القهار" فيما سلف 13 ; 42 ، تعليق ; 1 ، والمراجع هناك .
ثم صرح لهما بالدعوة، فقال: { يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ } أي: أرباب عاجزة ضعيفة لا تنفع ولا تضر، ولا تعطي ولا تمنع، وهي متفرقة ما بين أشجار وأحجار وملائكة وأموات، وغير ذلك من أنواع المعبودات التي يتخذها المشركون، أتلك { خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ } الذي له صفات الكمال، { الْوَاحِدُ } في ذاته وصفاته وأفعاله فلا شريك له في شيء من ذلك.{ الْقَهَّارُ } الذي انقادت الأشياء لقهره وسلطانه، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن { ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها } ومن المعلوم أن من هذا شأنه ووصفه خير من الآلهة المتفرقة التي هي مجرد أسماء، لا كمال لها ولا أفعال لديها.
(يا) أداة نداء
(صاحبي) منادى مضاف منصوب، وعلامة النصب الياء
(السجن) مضاف إليه مجرور
(الهمزة) للاستفهام
(أرباب) مبتدأ مرفوع
(متفرّقون) نعت لأرباب مرفوع، وعلامة الرفع الواو (خير) خبر مرفوع
(أم) حرف عطف معادل لهمزة الاستفهام
(الله) معطوف على أرباب مرفوع
(الواحد) نعت للفظ الجلالة
(القهّار) نعت ثان مرفوع.
جملة النداء: «يا صاحبي ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «أأرباب.. خير» لا محلّ لها جواب النداء.