الرسم العثمانيوَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِى لَشَدِيدٌ
الـرسـم الإمـلائـيوَاِذۡ تَاَذَّنَ رَبُّكُمۡ لَٮِٕنۡ شَكَرۡتُمۡ لَاَزِيۡدَنَّـكُمۡ وَلَٮِٕنۡ كَفَرۡتُمۡ اِنَّ عَذَابِىۡ لَشَدِيۡدٌ
تفسير ميسر:
وقال لهم موسى; واذكروا حين أعلم ربكم إعلامًا مؤكَّدًا; لئن شكرتموه على نعمه ليزيدنكم من فضله، ولئن جحدتم نعمة الله ليعذبنَّكم عذابًا شديدًا.
" وقوله " وإذ تأذن ربكم " أي آذنكم وأعلمكم بوعده لكم ويحتمل أن يكون المعنى; وإذ أقسم بكم وآلى بعزته وجلاله وكبريائه كقوله تعالى " وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة " وقوله " لئن شكرتم لأزيدنكم " أي لئن شكرتم نعمتي عليكم لأزيدنكم منها " ولئن كفرتم " أي كفرتم النعم وسترتموها وجحدتموها " إن عذابي لشديد " وذلك بسلبها عنهم وعقابه إياهم على كفرها وقد جاء في الحديث " إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه " وفي المسند أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر به سائل فأعطاه تمرة فسخطها ولم يقبلها ثم مر به آخر فأعطاه إياها فقبلها وقال تمرة من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فأمر له بأربعين رهما أو كما قال قال الإمام أحمد; حدثنا أسود حدثنا عمارة الصيدلاني عن ثابت عن أنس قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم سائل فأمر له بتمرة فلم يأخذها أو وحش بها - قال - وأتاه آخر فأمر له بتمرة فقال سبحان الله تمرة من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال للجارية " اذهبي إلى أم سلمة فأعطيه الأربعين درهما التي عندها " تفرد به الإمام أحمد وعمارة بن زاذان وثقه ابن حبان وأحمد ويعقوب بن سفيان وقال ابن معين; صالح وقال أبو زرعة لا بأس به وقال أبو حاتم يكتب حديثه ولا يحتج به ليس بالمتين وقال البخاري ربما يضطرب في حديثه وعن أحمد أيضا أنه قال; روي عنه أحاديث منكرة.وقال أبو داود ليس بذلك وضعفه الدارقطني وقال ابن عدي لا بأس به ممن يكتب حديثه.
قوله تعالى ; وإذ تأذن ربكم قيل ; هو من قول موسى لقومه . وقيل ; هو من قول الله ; أي واذكر يا محمد إذ قال ربك كذا . و " تأذن " وأذن بمعنى أعلم ; مثل أوعد وتوعد ; روي معنى ذلك عن الحسن وغيره . ومنه الأذان ; لأنه إعلام ; قال الشاعر ;فلم نشعر بضوء الصبح حتى سمعنا في مجالسنا الأذيناوكان ابن مسعود يقرأ ; " وإذ قال ربكم " والمعنى واحد .لئن شكرتم لأزيدنكم أي لئن شكرتم إنعامي لأزيدنكم من فضلي . الحسن ; لئن شكرتم نعمتي لأزيدنكم من طاعتي . ابن عباس ; لئن وحدتم وأطعتم لأزيدنكم من الثواب ، والمعنى متقارب في هذه الأقوال ; [ ص; 300 ] والآية نص في أن الشكر سبب المزيد ; وقد تقدم في " البقرة " ما للعلماء في معنى الشكر . وسئل بعض الصلحاء عن الشكر لله فقال ; ألا تتقوى بنعمه على معاصيه . وحكي عن داود - عليه السلام - أنه قال ; أي رب كيف أشكرك ، وشكري لك نعمة مجددة منك علي . قال ; يا داود الآن شكرتني . قلت ; فحقيقة الشكر على هذا الاعتراف بالنعمة للمنعم . وألا يصرفها في غير طاعته ; وأنشد الهادي وهو يأكل ;أنالك رزقه لتقوم فيه بطاعته وتشكر بعض حقهفلم تشكر لنعمته ولكن قويت على معاصيه برزقهفغص باللقمة ، وخنقته العبرة . وقال جعفر الصادق ; إذا سمعت النعمة نعمة الشكر فتأهب للمزيد .ولئن كفرتم إن عذابي لشديد أي جحدتم حقي . وقيل ; نعمي ; وعد بالعذاب على الكفر ، كما وعد بالزيادة على الشكر ، وحذفت الفاء التي في جواب الشرط من " إن " للشهرة .
قال أبو جعفر ; يقول جل ثناؤه; واذكروا أيضًا حين آذنكم رَبُّكم.* * *و " تأذن " ، " تفعَّل " من "آذن " . والعرب ربما وضعت " تفعَّل " موضع " أفعل " ، كما قالوا; " أوعدتُه " " وتَوعَّدته " ، بمعنى واحد . و "آذن " ، أعلم ، (11) كما قال الحارث بن حِلِّزة;آذَنَتْنَــــا بِبَيْنِهَــــا أَسْـــمَاءُرُبَّ ثَــاوٍ يُمَــلُّ مِنْــهُ الثَّــوَاءُ (12)يعني بقوله; "آذنتنا " ، أعلمتنا.* * *وذكر عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يقرأ ; ( وإذ تأذن ربكم ) ; " وَإِذْ قَالَ رَبُّكُمْ ";-20583- حدثني بذلك الحارث قال ، حدثني عبد العزيز قال ، حدثنا سفيان ، عن الأعمش عنه. (13)20584- حدثني يونس قال; أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد ، في قوله; ( وإذ تأذن ربكم ) ، وإذ قال ربكم ، ذلك " التأذن ".* * *وقوله; ( لئن شكرتم لأزيدنكم ) ، يقول; لئن شكرتم ربَّكم ، بطاعتكم إياه فيما أمركم ونهاكم ، لأزيدنكم في أياديه عندكم ونعمهِ عليكم ، على ما قد أعطاكم من النجاة من آل فرعون والخلاص مِنْ عذابهم.* * *وقيل في ذلك قولٌ غيره ، وهو ما;-20585- حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا الحسين بن الحسن قال ، أخبرنا ابن المبارك قال ، سمعت علي بن صالح ، يقول في قول الله عز وجل; ( لئن شكرتم لأزيدنكم ) ، قال; أي من طاعتي.20586- حدثنا المثنى قال ، حدثنا يزيد قال ، أخبرنا ابن المبارك قال; سمعت علي بن صالح ، فذكر نحوه.20587- حدثنا أحمد بن إسحاق قال ، حدثنا أبو أحمد قال ، حدثنا سفيان; ( لئن شكرتم لأزيدنكم ) ، قال; من طاعتي.20588- حدثني الحارث قال ، حدثنا عبد العزيز قال ، حدثنا مالك بن مغول ، عن أبان بن أبي عياش ، عن الحسن ، في قوله; ( لئن شكرتم لأزيدنكم ) ، قال; من طاعتي.* * *قال أبو جعفر ; ولا وجهَ لهذا القول يُفْهَم ، لأنه لم يجرِ للطاعة في هذا الموضع ذكرٌ فيقال; إن شكرتموني عليها زدتكم منها ، وإنما جَرَى ذكر الخبر عن إنعام الله على قوم موسى بقوله; وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ، ثم أخبرهم أن الله أعلمهم إن شكروه على هذه النعمة زادهم . فالواجب في المفهوم أن يكون معنى الكلام; زادهم من نعمه ، لا مما لم يجرِ له ذكر من " الطاعة " ، إلا أن يكون أريد به; لئن شكرتم فأطعتموني بالشكر ، لأزيدنكم من أسباب الشكر ما يعينكم عليه ، فيكون ذلك وجهًا.* * *وقوله; ( ولئن كفرتم إن عذابي لشديد ) ، يقول; ولئن كفرتم ، أيها القوم ، نعمةَ الله ، فجحدتموها بتركِ شكره عليها وخلافِه في أمره ونهيه ، وركوبكم معاصيه ( إن عَذَابي لشديد ) ، أعذبكم كما أعذب من كفر بي من خلقي.* * *وكان بعض البصريين يقول في معنى قوله; ( وإذ تأذن ربكم ) ، وتأذّن ربكم; ويقول; " إذ " من حروف الزوائد ، (14) وقد دللنا على فساد ذلك فيما مضى قبل. (15)-------------------------الهوامش ;(11) انظر تفسير " أذن " فيما سلف 13 ; 204 ، ثم تفسير " الإذن " فيما سلف من فهارس اللغة . ثم انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة 1 ; 345 .(12) مطلع طويلته المشهورة ، انظر شرح القصائد السبع لابن الأنباري ; 433 .(13) الأثر ; 20583 - " الحارث " ، هو " الحارث بن أبي أسامة " منسوبًا إلى جده ، وهو " الحارث بن محمد بن أبي أسامة التميمي " ، شيخ الطبري ، ثقة ، سلف مرارًا آخرها رقم ; 14333.و " عبد العزيز " ، هو " عبد العزيز بن أبان الأموي " ، كذاب خبيث يضع الأحاديث ، مضى مرارًا كثيرة آخرها رقم 14333 .(14) هو أبو عبيدة في مجاز القرآن 1 ; 345 .(15) انظر ما سلف 1 ; 439 - 444 ويزاد في المراجع ص ; 439 ، تعليق ; 1 أن قول أبي عبيدة هذا في مجاز القرآن 1 ; 36 ، 37 .
وقال لهم حاثا على شكر نعم الله: { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ } أي: أعلم ووعد، { لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ } من نعمي { وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ } ومن ذلك أن يزيل عنهم النعمة التي أنعم بها عليهم. والشكر: هو اعتراف القلب بنعم الله والثناء على الله بها وصرفها في مرضاة الله تعالى. وكفر النعمة ضد ذلك.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - ابراهيم١٤ :٧
Ibrahim14:7