الرسم العثمانيوَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتّٰى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ
الـرسـم الإمـلائـيوَاعۡبُدۡ رَبَّكَ حَتّٰى يَاۡتِيَكَ الۡيَـقِيۡنُ
تفسير ميسر:
واستمِرَّ في عبادة ربك مدة حياتك حتى يأتيك اليقين، وهو الموت. وامتثل رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر ربه، فلم يزل دائبًا في عبادة الله، حتى أتاه اليقين من ربه.
وقوله " واعبد ربك حتى يأتيك اليقين " قال البخاري قال سالم الموت وسالم هذا هو سالم بن عبد الله بن عمر كما قال ابن جرير; حدثنا محمد بن بشار حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان حدثنا طارق بن عبد الرحمن عن سالم بن عبد الله " واعبد ربك حتى يأتيك اليقين " قال الموت وهكذا قال مجاهد والحسن وقتادة وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وغيره والدليل على ذلك قوله تعالى إخبارا عن أهل النار أنهم قالوا " لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين حتى أتانا اليقين " وفي الصحيح من حديث الزهري عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أم العلاء امرأة من الأنصار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دخل على عثمان بن مظعون وقد مات قالت أم العلاء رحمة الله عليك أبا السائب فشهادتي عليك لقد أكرمك الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " وما يدريك أن الله أكرمه؟ " فقلت بأبي وأمي يا رسول الله فمن؟ فقال " أما هو فقد جاءه اليقين وإنى لأرجو له الخير " ويستدل بهذه الآية الكريمة وهى قوله " واعبد ربك حتى يأتيك اليقين " على أن العبادة كالصلاة ونحوها واجبة على الإنسان ما دام عقله ثابتا فيصلي بحسب حاله كما ثبت في صحيح البخاري عن عمران بن حصين رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب " ويستدل بها على تخطئة من ذهب من الملاحدة إلى أن المراد باليقين المعرفة فمتى وصل أحدهم إلى المعرفة سقط عنه التكليف عندهم وهذا كفر وضلال وجهل فإن الأنبياء " كانوا هم وأصحابهم أعلم الناس بالله وأعرفهم بحقوقه وصفاته وما يستحق من التعظيم وكانوا مع هذا أعبد وأكثر الناس عبادة ومواظبة على فعل الخيرات إلى حين الوفاة وإنما المراد باليقين ههنا الموت كما قدمناه ولله الحمد والمنة والحمد لله على الهداية وعليه الاستعانة والتوكل وهو المسئول أن يتوفانا على أكمل الأحوال وأحسنها فإنه جواد كريم. آخر تفسير سورة الحجر والحمد لله رب العالمين.
قوله تعالى ; واعبد ربك حتى يأتيك اليقين فيه مسألة واحدة ; وهو أن اليقين الموت . أمره بعبادته إذ قصر عباده في خدمته ، وأن ذلك يجب عليه . فإن قيل ; فما فائدة قوله ; حتى يأتيك اليقين وكان قوله ; واعبد ربك كافيا في الأمر بالعبادة . قيل له ; الفائدة في هذا أنه لو قال ; واعبد ربك مطلقا ثم عبده مرة واحدة كان مطيعا ; وإذا قال حتى يأتيك اليقين كان معناه لا تفارق هذا حتى تموت . فإن قيل ; كيف قال سبحانه ; واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ولم يقل أبدا ; فالجواب أن اليقين أبلغ من قوله ; أبدا ; لاحتمال لفظ الأبد للحظة الواحدة ولجميع الأبد . وقد تقدم هذا المعنى . والمراد استمرار العبادة مدة حياته ، كما قال العبد الصالح ; وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا . ويتركب على هذا أن الرجل إذا قال لامرأته ; أنت طالق أبدا ، وقال ; نويت يوما أو شهرا كانت عليه الرجعة . ولو قال ; طلقتها حياتها لم يراجعها . والدليل على أن اليقين الموت حديث أم العلاء الأنصارية ، وكانت من المبايعات ، وفيه ; فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ; أما عثمان - أعني عثمان بن مظعون - فقد جاءه اليقين وإني لأرجو له الخير والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل به وذكر الحديث . انفرد بإخراجه البخاري - رحمه الله - ! وكان عمر بن عبد العزيز يقول ; ما رأيت يقينا أشبه بالشك من يقين الناس بالموت ثم لا يستعدون له ; يعني كأنهم فيه شاكون . وقد قيل ; إن اليقين هنا الحق الذي لا ريب فيه من نصرك على أعدائك ; قاله ابن شجرة ; والأول أصح ، وهو قول مجاهد وقتادة والحسن . والله أعلم . وقد روى جبير بن نفير عن أبي مسلم الخولاني أنه سمعه يقول إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ; ما أوحي إلي أن أجمع المال وأكون من التاجرين لكن أوحي إلي أن سبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين .
يقول تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم; واعبد ربك حتى يأتيك الموت، الذي هو مُوقَن به. وقيل; يقين، وهو موقَن به، كما قيل; خمر عتيق، وهي معتَّقَة.وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .* ذكر من قال ذلك;حدثنا محمد بن بشار ، قال ; ثنا يحيى بن سعيد ، عن سفيان ، قال ; ثني طارق بن عبد الرحمن ، عن سالم بن عبد الله ( وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ) قال ; الموت .حدثني محمد بن عمرو ، قال ; ثنا أبو عاصم ، قال ; ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال ; ثنا الحسن ، قال ; ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .حدثني المثنى ، قال ; ثنا أبو حُذيفة ، قال ; ثنا شبل ، وحدثني المثنى ، قال ; ثنا إسحاق ، قال ; ثنا عبد الله ، عن ورقاء جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .حدثني عباس بن محمد ، قال ; ثنا حجاج ، قال ; قال ابن جريج ; أخبرني ابن كثير أنه سمع مجاهدا يقول ; ( حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ) قال ; الموت .حدثنا بشر ، قال ; ثنا يزيد ، قال ; ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله ( وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ) قال ; يعني الموت .حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال ; ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ) قال ; اليقين ; الموت .حدثنا الحسن بن يحيى قال ; أخبرنا عبد الرّزاق ، قال ; أخبرنا معمر ، عن قتادة ، مثله .حدثني المثنى ، قال ; ثنا سويد بن نصر ، قال ; أخبرنا ابن المبارك ، عن مبارك بن فضالة ، عن الحسن ، في قوله ( حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ) قال ; الموت .حدثنا ابن وكيع ، قال ثنا أبي ، عن سفيان عن طارق ، عن سالم ، مثله .حدثني يونس ، قال ; أخبرنا ابن وهب ، قال ; قال ابن زيد في قوله ( وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ) قال ; الموت ، إذا جاءه الموت ، جاءه تصديق ما قال الله له ، وحدّثه من أمر الآخرة .حدثني يونس ، قال ; أخبرنا ابن وهب ، قال ; أخبرني يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب " أن خارجة بن زيد بن ثابت أخبره عن أمّ العلاء امرأة من الأنصار قد بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرته أنهم اقتسموا المهاجرين قُرْعة قالت ; وطار لنا عثمان بن مظعون ، فأنـزلناه في أبياتنا ، فوَجع وجعه الذي مات فيه ، فلما تُوُفِّي وغسِّل وكُفِّن في أثوابه ، دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت ; يا عثمان بن مظعون رحمة الله عليك أبا السائب ، فشهادتي عليك ، لقد أكرمك الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ; أمَّا هُوَ فَقَدْ جاءَهُ اليَقِينُ ، وَوَاللَّهِ إنّي لأَرْجُو لَهُ الخَيْرَ " .حدثنا أبو كريب ، قال ; ثنا مالك بن إسماعيل ، قال ; ثنا إسماعيل ، قال ; ثنا إبراهيم بن سعد ، قال / ثنا ابن شهاب ، عن خارجة بن زيد ، عن أمّ العلاء امرأة من نسائهم ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم بنحوه .حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي ، قال ; ثنا جعفر بن عون ، قال ; أخبرنا إبراهيم بن إسماعيل ، عن محمد بن شهاب ، أن خارجة بن زيد ، حدثه عن أمّ العلاء امرأة منهم ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ، بنحوه ، إلا أنه قال في حديثه ; فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم ; " أمَّا هُوَ فَقَدْ عايَنَ اليَقِينَ ".
{ واعبد ربك حتى يأتيك اليقين } أي: الموت أي: استمر في جميع الأوقات على التقرب إلى الله بأنواع العبادات، فامتثل صلى الله عليه وسلم أمر ربه، فلم يزل دائبا في العبادة، حتى أتاه اليقين من ربه صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا. تم تفسير سورة الحجر
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - الحجر١٥ :٩٩
Al-Hijr15:99