قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلٰى شَاكِلَتِهِۦ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدٰى سَبِيلًا
قُلۡ كُلٌّ يَّعۡمَلُ عَلٰى شَاكِلَتِهٖؕ فَرَبُّكُمۡ اَعۡلَمُ بِمَنۡ هُوَ اَهۡدٰى سَبِيۡلًا
تفسير ميسر:
قل -أيها الرسول- للناس; كل واحد منكم يعمل على ما يليق به من الأحوال، فربكم أعلم بمن هو أهدى طريقًا إلى الحق.
ولهذا قال "قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا" أي منا ومنكم وسيجزى كل عامل بعمله فإنه لا تخفي عليه خافية.
قوله تعالى ; قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا قوله تعالى ; قل كل يعمل على شاكلته قال ابن عباس ; ناحيته . وقاله الضحاك . مجاهد ; طبيعته . وعنه ; حدته . ابن زيد ; على دينه . الحسن وقتادة ; نيته . مقاتل ; جبلته . الفراء ; على طريقته ومذهبه الذي جبل عليه . وقيل . قل كل يعمل على ما هو أشكل عنده وأولى بالصواب في اعتقاده . وقيل ; هو مأخوذ من الشكل ; يقال ; لست على شكلي ولا شاكلتي . قال الشاعر ;كل امرئ يشبهه فعله ما يفعل المرء فهو أهلهفالشكل هو المثل والنظير والضرب . كقوله - تعالى - ; وآخر من شكله أزواج . الشكل ( بكسر الشين ) ; الهيئة . يقال ; جارية حسنة الشكل . وهذه الأقوال كلها متقاربة . والمعنى ; أن كل أحد يعمل على ما يشاكل أصله وأخلاقه التي ألفها ، وهذا ذم للكافر ومدح للمؤمن . والآية والتي قبلها نزلتا في الوليد بن المغيرة ; ذكره المهدوي .فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا [ ص; 290 ] أي بالمؤمن والكافر وما سيحصل من كل واحد منهم . وقيل ; أهدى سبيلا أي أسرع قبولا . وقيل ; أحسن دينا . وحكي أن الصحابة رضوان الله عليهم تذاكروا القرآن فقال أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - ; قرأت القرآن من أوله إلى آخره فلم أر فيه آية أرجى وأحسن من قوله - تعالى - ; بسم الله الرحمن الرحيم حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول قدم غفران الذنوب على قبول التوبة ، وفي هذا إشارة للمؤمنين . وقال عثمان بن عفان - رضي الله عنه - ; قرأت جميع القرآن من أوله إلى آخره فلم أر آية أحسن وأرجى من قوله - تعالى - ; نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم . وقال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ; قرأت القرآن من أوله إلى آخره فلم أر آية أحسن وأرجى من قوله - تعالى - ; قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم .قلت ; وقرأت القرآن من أوله إلى آخره فلم أر آية أحسن وأرجى من قوله - تعالى - ; الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون .
يقول عزّ وجلّ لنبيّه محمد صلى الله عليه وسلم; قل يا محمد للناس; كلكم يعمل على شاكلته; على ناحيته وطريقته ( فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ ) هو منكم ( أَهْدَى سَبِيلا ) يقول; ربكم أعلم بمن هو منكم أهدى طريقا إلى الحقّ من غيره.وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثنا عليّ، قال; ثنا عبد الله، قال; ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله ( كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ ) يقول; على ناحيته.حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى ؛ وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله ( عَلَى شَاكِلَتِهِ ) قال; على ناحيته.حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال ; ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد ( قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ ) قال; على طبيعته على حِدَته.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة ( قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ ) يقول ; على ناحيته وعلى ما ينوي.وقال آخرون; الشاكلة; الدِّين.* ذكر من قال ذلك;حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; قال ابن زيد، في قوله ( كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ ) قال; على دينه، الشاكلة; الدين.
أي: { قُلْ كُلٌّ } من الناس { يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ } أي: على ما يليق به من الأحوال، إن كان من الصفوة الأبرار، لم يشاكلهم إلا عملهم لرب العالمين. ومن كان من غيرهم من المخذولين، لم يناسبهم إلا العمل للمخلوقين، ولم يوافقهم إلا ما وافق أغراضهم. { فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا } فيعلم من يصلح للهداية، فيهديه ومن لا يصلح لها فيخذله ولا يهديه.
(قل) فعل أمر، والفاعل أنت
(كلّ) مبتدأ مرفوع ،
(يعمل) مضارع مرفوع، والفاعل هو (على شاكلته) جارّ ومجرور متعلّق بـ (يعمل) ، و (الهاء) مضاف إليه
(الفاء) عاطفة
(ربّكم) مبتدأ مرفوع..
و (كم) مضاف إليه
(أعلم) خبر مرفوع
(الباء) حرف جرّ
(من) اسم موصول في محلّ جرّ متعلّق بـ (أعلم)
(هو أهدى) مثل هو شفاء ، وعلامة الرفع في أهدى الضمّة المقدّرة على الألف
(سبيلا) تمييز منصوب.
جملة: «قل ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «كلّ يعمل ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «يعمل» في محلّ رفع خبر المبتدأ
(كلّ) .
وجملة: «ربّكم أعلم ... » في محلّ نصب معطوفة على جملة مقول القول.
وجملة: «هو أهدى» لا محلّ لها صلة الموصولـ (من) .