فَضَرَبْنَا عَلٰىٓ ءَاذَانِهِمْ فِى الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا
فَضَرَبۡنَا عَلٰٓى اٰذَانِهِمۡ فِى الۡـكَهۡفِ سِنِيۡنَ عَدَدًا ۙ
تفسير ميسر:
فألقينا عليهم النوم العميق، فبقوا في الكهف سنين كثيرة.
وقوله " فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا " أي ألقينا عليهم النوم حين دخلوا إلى الكهف فناموا سنين كثيرة.
قوله تعالى ; فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا عبارة عن إلقاء الله - تعالى - النوم عليهم . وهذه من فصيحات القرآن التي أقرت العرب بالقصور عن الإتيان بمثله . قال الزجاج ; أي منعناهم عن أن يسمعوا ; لأن النائم إذا سمع انتبه . وقال ابن عباس ; ضربنا على آذانهم بالنوم ; أي سددنا آذانهم عن نفوذ الأصوات إليها . [ ص; 326 ] وقيل ; المعنى فضربنا على آذانهم أي فاستجبنا دعاءهم ، وصرفنا عنهم شر قومهم ، وأنمناهم . والمعنى كله متقارب . وقال قطرب ; هذا كقول العرب ضرب الأمير على يد الرعية إذا منعهم الفساد ، وضرب السيد على يد عبده المأذون له في التجارة إذا منعه من التصرف . قال الأسود بن يعفر وكان ضريرا ;ومن الحوادث لا أبا لك أنني ضربت علي الأرض بالأسدادوأما تخصيص الآذان بالذكر فلأنها الجارحة التي منها عظم فساد النوم ، وقلما ينقطع نوم نائم إلا من جهة أذنه ، ولا يستحكم نوم إلا من تعطل السمع . ومن ذكر الأذن في النوم قوله - صلى الله عليه وسلم - ; ذاك رجل بال الشيطان في أذنه خرجه الصحيح . أشار - عليه السلام - إلى رجل طويل النوم ، لا يقوم الليل . وعددا نعت للسنين ; أي معدودة ، والقصد به العبارة عن التكثير ; لأن القليل لا يحتاج إلى عدد لأنه قد عرف . والعد المصدر ، والعدد اسم المعدود كالنفض والخبط . وقال أبو عبيدة ; عددا نصب على المصدر . ثم قال قوم ; بين الله - تعالى - عدد تلك السنين من بعد فقال ; ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا .
القول في تأويل قوله تعالى ; فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا (11)يعني جل ثناؤه بقوله; (فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ) ; فضربنا على آذانهم بالنوم في الكهف ; أي ألقينا عليهم النوم، كما يقول القائل لآخر; ضربك الله بالفالج، بمعنى ابتلاه الله به، وأرسله عليه. وقوله; (سِنِينَ عَدَدًا) يعني سنين معدودة، ونصب العدد بقوله (فَضَرَبْنَا).
{ فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ } أي أنمناهم { سِنِينَ عَدَدًا } وهي ثلاث مائة سنة وتسع سنين، وفي النوم المذكور حفظ لقلوبهم من الاضطراب والخوف، وحفظ لهم من قومهم وليكون آية بينة.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة