الرسم العثمانيوَرَءَا الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوٓا أَنَّهُم مُّوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا
الـرسـم الإمـلائـيوَرَاَ الۡمُجۡرِمُوۡنَ النَّارَ فَظَنُّوۡۤا اَنَّهُمۡ مُّوَاقِعُوۡهَا وَ لَمۡ يَجِدُوۡا عَنۡهَا مَصۡرِفًا
تفسير ميسر:
وشاهد المجرمون النار، فأيقنوا أنهم واقعون فيها لا محالة، ولم يجدوا عنها معدلا للانصراف عنها إلى غيرها.
وقوله " ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفا " أي أنهم لما عاينوا جهنم حين جيء بها تقاد بسبعين ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك " فإذا رأى المجرمون النار " تحققوا لا محالة أنهم مواقعوها ليكون ذلك من باب تعجيل الهم والحزن لهم فإن توقع العذاب والخوف منه قبل وقوعه عذاب ناجز وقوله " ولم يجدوا عنهـا مصرفا " أي ليس لهم طريق يعدل بهم عنها ولا بد لهم منها. قال ابن جرير; حدثني يونس أخبرنا ابن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " إن الكافر ليرى جهنم فيظن أنها مواقعته من مسيرة أربعمائة سنة "وقال الإمام أحمد; حدثنا حسن حدثنا دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري قال; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ينصب الكافر مقدار خمسين ألف سنة كما لم يعمل في الدنيا وإن الكافر ليرى جهنم ومظن أنها مواقعته من مسيرة أربعين سنة ".
قوله تعالى ; ورأى المجرمون النار رأى أصله رأي ; قلبت الياء ألفا لانفتاحها وانفتاح ما قبلها ; ولهذا زعم الكوفيون أن رأى يكتب بالياء ، وتابعهم على هذا القول بعض البصريين . فأما البصريون الحذاق ، منهم محمد بن يزيد فإنهم يكتبونه بالألف . قال النحاس ; سمعت علي ابن سليمان يقول سمعت محمد بن يزيد يقول ; لا يجوز أن يكتب مضى ورمى وكل ما كان من ذوات الياء إلا بالألف ، ولا فرق بين ذوات الياء وبين ذوات الواو في الخط ، كما أنه لا فرق بينهما في اللفظ ، ولو وجب أن يكتب ذوات الياء بالياء لوجب أن يكتب ذوات الواو بالواو ، وهم مع هذا يناقضون فيكتبون رمى بالياء ورماه بالألف ، فإن كانت العلة أنه من ذوات الياء وجب أن يكتبوا رماه بالياء ، ثم يكتبون ضحا جمع ضحوة ، وكسا جمع [ ص; 380 ] كسوة ، وهما من ذوات الواو بالياء ، وهذا ما لا يحصل ولا يثبت على أصل .فظنوا أنهم مواقعوها فظنوا هنا بمعنى اليقين والعلم كما قال ;فقلت لهم ظنوا بألفي مدججأي أيقنوا ; وقد تقدم . قال ابن عباس ; أيقنوا أنهم مواقعوها . وقيل ; رأوها من مكان بعيد فتوهموا أنهم مواقعوها ، وظنوا أنها تأخذهم في الحال . وفي الخبر ; إن الكافر ليرى جهنم ويظن أنها مواقعته من مسيرة أربعين سنة . والمواقعة ملابسة الشيء بشدة . وعن علقمة أنه قرأ " فظنوا أنهم ملافوها " أي مجتمعون فيها ، واللفف الجمع .ولم يجدوا عنها مصرفا أي مهربا لإحاطتها بهم من كل جانب . وقال القتبي ; معدلا ينصرفون إليه . وقيل ; ملجأ يلجئون إليه ، والمعنى واحد . وقيل ; ولم تجد الأصنام مصرفا للنار عن المشركين .
القول في تأويل قوله ; ( وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ ) يقول; وعاين المشركون النار يومئذ ( فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا ) يقول; فعلموا أنهم داخلوها.كما حدثنا الحسن بن يحيى، قال; أخبرنا عبد الرزاق، قال; أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله ; ( فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا ) قال; علموا.حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; أخبرني عمرو بن الحارث، عن دراج، عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدريّ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال; " إنَّ الكافرَ يَرَى جَهَنَّمَ فَيَظُنُّ أنَّها مُوَاقعَتُهُ منْ مَسيرَةِ أرْبَعينَ سَنَة ".وقوله; ( وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا ) يقول;ولم يجدوا عن النار التي رأوا معدلا يعدلون عنها إليه. يقول; لم يجدوا من مواقعتها بدّا، لأن الله قد حتم عليهم ذلك ، ومن المصرف بمعنى المعدل قول أبي كبير الهذليّ;أزُهَـيْرُ هَـلْ عَـنْ شَيْبَةٍ مِنْ مَصْرِفِأمْ لا خُـــلُودَ لبـــاذِلٍ مُتَكَــلِّفِ (5)------------------------الهوامش;(5) البيت لأبي كبير الهذلي ، وهو في القسم الثاني من ديوان الهذليين طبعة دار الكتب ص 104 مطلع قصيدة له . وهو من شواهد أبي عبيدة في ( مجاز القرآن ; 1 ; 407 ) قال في تفسير قوله تعالى ; " ولم يجدوا عنها مصرفا" ; أي معدلا . وقال أبو كبر الهذلي ; أزهير . . . إلخ البيت .
أي: لما كان يوم القيامة وحصل من الحساب ما حصل، وتميز كل فريق من الخلق بأعمالهم، وحقت كلمة العذاب على المجرمين، فرأوا جهنم قبل دخولها، فانزعجوا واشتد قلقهم لظنهم أنهم مواقعوها، وهذا الظن قال المفسرون: إنه بمعنى اليقين، فأيقنوا أنهم داخلوها { وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا } أي: معدلا يعدلون إليه، ولا شافع لهم من دون إذنه، وفي هذا من التخويف والترهيب، ما ترعد له الأفئدة والقلوب.
(الواو) استئنافيّة
(رأى) فعل ماض مبنيّ على الفتح المقدّر
(المجرمون) فاعل مرفوع، وعلامة الرفع الواو (النار) مفعول به منصوبـ (الفاء) عاطفة
(ظنّوا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ.. و (الواو) فاعلـ (أنّهم) حرف مشبّه بالفعل و (هم) ضمير متّصل مبنيّ في محلّ نصب أنّ
(مواقعوها) خبر أنّ مرفوع وعلامة الرفع الواو.. و (ها) ضمير مضاف إليه والمصدر المؤوّلـ (أنّهم مواقعوها..) في محلّ نصب سدّ مسدّ مفعولي ظنّوا..
(الواو) عاطفة
(لم) حرف نفي وجزم
(يجدوا) مضارع مجزوم وعلامةالجزم حذف النون.. و (الواو) فاعلـ (عن) حرف جرّ و (ها) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف مفعول به ثان
(مصرفا) مفعول به أوّل منصوب.
جملة: «رأى المجرمون ... » لا محلّ لها استئنافيّة وجملة: «ظنّوا ... » لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة وجملة: «لم يجدوا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة ظنّوا ...
- القرآن الكريم - الكهف١٨ :٥٣
Al-Kahf18:53