الرسم العثمانيفَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِۦ مَكَانًا قَصِيًّا
الـرسـم الإمـلائـيفَحَمَلَـتۡهُ فَانْتَبَذَتۡ بِهٖ مَكَانًا قَصِيًّا
تفسير ميسر:
فحملت مريم بالغلام بعد أن نفخ جبريل في جَيْب قميصها، فوصلت النفخة إلى رَحِمِها، فوقع الحمل بسبب ذلك، فتباعدت به إلى مكان بعيد عن الناس.
يقول تعالى مخبرا عن مريم أنها لما قال لها جبريل عن الله تعالى ما قال إنها استسلمت لقضاء الله تعالى فذكر غير واحد من علماء السلف أن الملك وهو جبرائيل عليه السلام عند ذلك نفخ في جيب درعها فنزلت النفخة حتى ولجت في الفرج فحملت بالولد بإذن الله تعالى فلما حملت به ضاقت ذرعا ولم تدر ماذا تقول للناس فإنها تعلم أن الناس لا يصدقونها فيما تخبرهم به غير أنها أفشت سرها وذكرت أمرها لأختها امرأة زكريا وذلك أن زكريا عليه السلام كان قد سأل الله الولد فأجيب إلى ذلك فحملت امرأته فدخلت عليها مريم فقامت إليها فاعتنقتها وقالت أشعرت يا مريم أني حبلى؟ فقالت لها مريم وهل علمت أيضا أني حبلى وذكرت لها شأنها وما كان من خبرها وكانوا بيت إيمان وتصديق ثم كانت امرأة زكريا بعد ذلك إذا واجهت مريم تجد الذي في بطنها يسجد للذي في بطن مريم أي يعظمه ويخضع له فإن السجود كان في ملتهم عند السلام مشروعا كما سجد ليوسف أبواه وإخوته وكما أمر الله الملائكة أن يسجدوا لآدم عليه السلام ولكن حرم في ملتنا هذه تكميلا لتعظيم جلال الرب تعالى قال ابن أبي حاتم حدثنا علي بن الحسين قال قرئ على الحارث بن مسكين وأنا أسمع أخبرنا عبدالرحمن بن القاسم قال; قال مالك رحمه الله بلغني أن عيسى ابن مريم ويحيى بن زكريا عليهما السلام ابنا خالة وكان حملهما جميعا معا فبلغني أن أم يحيى قالت لمريم إني أرى أن ما في بطني يسجد لما في بطنك قال مالك أرى ذلك لتفضيل عيسى عليه السلام لأن الله جعله يحي الموتى ويبرئ الأكمه والأبرص ثم اختلف المفسرون في مدة حمل عيسى عليه السلام فالمشهور عن الجمهور أنها حملت به تسعة أشهر وقال عكرمة ثمانية أشهر قال ولهذا لا يعيش ولد الثمانية أشهر وقال ابن جريج أخبرني المغيرة بن عتبة بن عبدالله الثقفي سمع ابن عباس وسئل عن حمل مريم قال لم يكن إلا أن حملت فوضعت وهذا غريب وكأنه مأخوذ من ظاهر قوله تعالى "فحملته فانتبذت به مكانا قصيا فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة" فالفاء وإن كانت للتعقيب لكن تعقيب كل شيء بحسبه كقوله تعالى "ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما" فهذه الفاء للتعقيب بحسبها وقد ثبت في الصحيحين أن بين كل صفتين أربعين يوما وقال تعالى "ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة" فالمشهور الظاهر والله على كل شيء قدير أنها حملت به كما تحمل النساء بأولادهن ولهذا لما ظهرت مخايل الحمل بها وكان معها في المسجد رجل صالح من قراباتها يخدم معها البيت المقدس يقال له يوسف النجار فلما رأى ثقل بطنها وكبره أنكر ذلك من أمرها ثم صرفه ما يعلم من براءتها ونزاهتها ودينها وعبادتها ثم تأمل ما هي فيه فجعل أمرها يجوس في فكره لا يستطيع صرفه عن نفسه فحمل نفسه على أن عرض لها في القول فقال يا مريم إني سائلك عن أمر فلا تعجلي علي. قالت وما هو؟ قال هل يكون قط شجر من غير حب وهل يكون زرع من غير بذر وهل يكون ولد من غير أب؟ فقالت نعم وفهمت ما أشار إليه أما قولك هل يكون شجر من غير حب وزرع من غير بذر فإن الله قد خلق الشجر والزرع أول ما خلقهما من غير حب ولا بذر وهل يكون ولد من غير أب فإن الله تعالى قد خلق آدم من غير أب ولا أم فصدقها وسلم لها حالها ولما استشعرت مريم من قومها اتهامها بالريبة انتبذت منهم مكانا قصيا أي قاصيا منهم بعيدا عنهم لئلا تراهم ولا يروها قال محمد بن إسحاق; فلما حملت به وملأت قلتها ورجعت استمسك عنها الدم وأصابها ما يصيب الحامل على الولد من الوصب والتوحم وتغير اللون حتى فطر لسانها فما دخل على أهل بيت ما دخل على آل زكريا وشاع الحديث في بني إسرائيل فقالوا إنما صاحبها يوسف ولم يكن معها في الكنيسة غيره وتوارت من الناس واتخذت من دونهم حجابا فلا يراها أحد ولا تراه.
قوله تعالى ; فانتبذت به مكانا قصيا أي تنحت بالحمل إلى مكان بعيد ؛ قال ابن عباس ; إلى أقصى الوادي ، وهو وادي بيت لحم بينه وبين إيلياء أربعة أميال ؛ وإنما بعدت فرارا من تعيير قومها إياها بالولادة من غير زوج . قال ابن عباس ; ما هو إلا أن حملت فوضعت في الحال وهذا هو الظاهر ؛ لأن الله تعالى ذكر الانتباذ عقب الحمل . وقيل غير ذلك على ما يأتي ;
وفي هذا الكلام متروك تُرِك ذكره استغناء بدلالة ما ذكر منه عنه ( فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا بغلام فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا ) وبذلك جاء تأويل أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن سهل، قال; ثنا إسماعيل بن عبد الكريم، قال; ثني عبد الصمد بن معقِل ابن أخي وهب بن منبه، قال; سمعت وهبا قال; لما أرسل الله جبريل إلى مريم تمثَّل لها بشرا سويا فقالت له; إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا ثم نفخ في جيب درعها حتى وصلت النفخة إلى الرحم فاشتملت.حدثنا ابن حميد، قال ; ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عمن لا يتهم، عن وهب بن منبه اليماني ، قال; لما قال ذلك، يعني لما قال جبريل قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ .... الآية استسلمت لأمر الله، فنفخ في جيبها ثم انصرف عنها.حدثنا موسى، قال; ثنا عمرو، قال; ثنا أسباط ، عن السديّ، قال; طرحَتْ عليها جلبابها لما قال جبريل ذلك لها، فأخذ جبريل بكميها، فنفخ في جيب درعها، وكان مشقوقا من قُدامها، فدخلت النفخة صدرها، فحملت، فأتتها أختها امرأة زكريا ليلة تزورها; فلما فتحت لها الباب التزمتها، فقالت امرأة زكريا; يا مريم أشعرت أني حبلى، قالت مريم; أشعرت أيضا أني حُبلى، قالت امرأة زكريا; إني وجدت ما في بطني يسجد لما في بطنك، فذلك قوله مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ .حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج، قال; قال ابن جريج; يقولون; إنه إنما نفخ في جيب درعها وكمها.وقوله ( فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا ) يقول; فاعتزلت بالذي حملته، وهو عيسى، وتنحَّت به عن الناس مكانا قصيا يقول; مكانا نائيا قاصيا عن الناس، يقال; هو بمكان قاص، وقصيّ بمعنى واحد، كما قال الراجز;لَتَقْعُــــدِنَّ مَقْعَـــدَ القَصِـــيِّمِنِّـــي ذي القـــاذُوَرةِ المَقْــلِيّ (7)يقال منه; قصا المكان يقصو قصوا ; إذا تباعد، وأقصيت الشيء; إذا أبعدته وأخَّرته.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن سعد، قال; ثني أبي، قال; ثني عمي، قال; ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ( فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا ) قال; مكانا نائيا.حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم ، قال; ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله ( مَكَانًا قَصِيًّا ) قال; قاصيا.حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.حدثنا موسى، قال; ثنا عمرو، قال; ثنا أسباط، عن السدّي، قال; لما بلغ أن تضع مريم، خرجت إلى جانب المحراب الشرقي منه فأتت أقصاه.-------------------------الهوامش ;(7) البيتان لرؤبة ابن العجاج الراجز ( انظر فوائد القلائد في مختصر الشواهد للعيني ص 115 - 116 ) وبعدهما بيتان آخران وهما ;أو تحـــلفي بـــربك العـــليأنــى أبــو ذيــا لــك الصبـيومقعد القصي ; إما مفعول مطلق . على أن يكون المقعد بمعنى القعود أو على أنه مفعول فيه ، أي في مقعد القصي ، أي البعيد ، من قصا المكان يقصو ; إذا بعد . ويقال رجل قاذورة ; أي لا يخالط الناس ، لسوء خلقه . والمقلي المبغض من قلاه يقليه قلى بالكسر . وهما صفتان للقصي . وفي ( لسان العرب ; قصا ) قصا عنه قصوا ، وقصوا وقصا وقصاء ، وقصي ( بكسر الصاد ) ; بعد وقصا المكان يقصو قصوا ( على فعول ) ; بعد . والقصي والقاصي ; البعيد ، والجمع ; أقصاء فيهما ، كشاهد وأشهاد ، ونصير وأنصار .
تفسير الايتين 22 و 23 :ـأي: لما حملت بعيسى عليه السلام، خافت من الفضيحة، فتباعدت عن الناس { مَكَانًا قَصِيًّا ْ} فلما قرب ولادها، ألجأها المخاض إلى جذع نخلة، فلما آلمها وجع الولادة، ووجع الانفراد عن الطعام والشراب، ووجع قلبها من قالة الناس، وخافت عدم صبرها، تمنت أنها ماتت قبل هذا الحادث، وكانت نسيا منسيا فلا تذكر. وهذا التمني بناء على ذلك المزعج، وليس في هذه الأمنية خير لها ولا مصلحة، وإنما الخير والمصلحة بتقدير ما حصل.
(الفاء) عاطفة في الفعلين
(به) متعلّق بحال من فاعل انتبذت أي حاملة به
(مكانا) مفعول به منصوب- أو ظرف مكان متعلّق بـ (انتبذت) .
جملة: «حملته ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة مقدّرة مستأنفة أي:
فنفخ جبريل في جيبها فأحسّت بالحمل فحملته.
وجملة: «انتبذت ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة حملته.
23-
(الفاء) عاطفة
(إلى جذع) متعلّق بـ (أجاء) بتضمينه ألجأها
(يا) أداة تنبيه
(ليتني) حرف مشبّه بالفعل للتمنّي و (النون) للوقاية، و (الياء) ضميراسم ليت
(قبل) ظرف منصوب متعلّق بـ (متّ) ،
(هذا) في محلّ جرّ مضاف إليه
(الواو) عاطفة
(نسيا) خبر كنت منصوب.
وجملة: «أجاءها المخاض ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة انتبذت .
وجملة: «قالت ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «ليتني متّ ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «متّ ... » في محلّ رفع خبر ليت.
وجملة: «كنت ... » في محلّ رفع معطوفة على جملة متّ.
24-
(الفاء) عاطفة، وفاعلـ (نادى) هو جبريل- أو عيسى-
(من تحتها) متعلّق بـ (نادى) ،
(أن) حرف تفسير ،
(لا) ناهية
(تحزني) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون و (الياء) فاعلـ (قد) حرف تحقيق
(تحتك) ظرف مكان منصوب متعلّق بمحذوف مفعول به ثان
(سريّا) مفعول به أوّل منصوب.
وجملة: «ناداها ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة قالت.
وجملة: «لا تحزني ... » لا محلّ لها تفسيريّة.
وجملة: «قد جعل ... » لا محلّ لها تعليل للنهي المتقدّم .
25-
(الواو) عاطفة
(إليك) متعلّق بـ (هزّي) بتضمينه معنى أميلي أو قربيّ
(بجذع) متعلّق بحال من مفعول هزّي- أي هزّي الرطب كائنا بجذع النخلة -،
(تساقط) مضارع مجزوم بجواب الطلب، والفاعل هي أي النخلة(عليك) متعلّق بـ (تساقط) ،
(جنيّا) نعت لـ (رطبا) .
وجملة: «هزّي ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة لا تحزني.
وجملة: «تساقط» لا محلّ لها جواب شرط مقدّر غير مقترنة بالفاء أي إن تهزّي.. تساقط.
26-
(الفاء) رابطة لجواب مقدّر
(عينا) تمييز منصوب محوّل عن فاعلـ (الفاء) استئنافيّة «
(إمّا)
(إن) » حرف شرط جازم.. و (ما) زائدة
(ترينّ) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون..- لأنه من الأفعال الخمسة- و (الياء) ضمير متصل في محلّ رفع فاعل، و (النون) نون التوكيد
(من البشر) متعلّق بحال من(أحدا) وهو مفعول به منصوب عامله ترينّ
(الفاء) رابطة لجواب الشرط
(قولي) فعل أمر مبنيّ على حذف النون.. و (الياء) فاعلـ (للرحمن) متعلّق بـ (نذرت)
(صوما) مفعول به منصوب عامله نذرت
(الفاء) عاطفة
(اليوم) ظرف زمان منصوب متعلّق بـ (أكلّم) .
(إنسيّا) مفعول به.
وجملة: «كلي ... » لا محلّ لها جواب شرط مقدّر أي إذا هززت فتساقطت فكلي..
وجملة: «اشربي ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة كلي.
وجملة: «قرّي عينا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة كلي وجملة: «إمّا ترينّ ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «قولي ... » في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة: «إنّي نذرت ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «نذرت ... » في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: «لن أكلّم ... » في محلّ رفع معطوفة على جملة نذرت .
- القرآن الكريم - مريم١٩ :٢٢
Maryam19:22