أَلَمْ تَرَ أَنَّآ أَرْسَلْنَا الشَّيٰطِينَ عَلَى الْكٰفِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا
اَلَمۡ تَرَ اَنَّاۤ اَرۡسَلۡنَا الشَّيٰـطِيۡنَ عَلَى الۡكٰفِرِيۡنَ تَؤُزُّهُمۡ اَزًّا
تفسير ميسر:
ألم تر - أيها الرسول - أنَّا سلَّطْنا الشياطين على الكافرين بالله ورسله؛ لتغويهم، وتدفعهم عن الطاعة إلى المعصية؟
وقوله; "ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا" قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس تغويهم إغواء وقال العوفي عنه تحرضهم على محمد وأصحابه وقال مجاهد تشليهم إشلاء وقال قتادة تزعجهم إزعاجا إلى معاصي الله وقال سفيان الثوري تغريهم إغراء وتستعجلهم استعجالا وقال السدي تطغيهم طغيانا وقال عبدالرحمن بن زيد هذا كقوله تعالى "ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين".
قوله تعالى ; ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين أي سلطناهم عليهم [ ص; 72 ] بالإغواء وذلك حين قال لإبليس واستفزز من استطعت منهم بصوتك . وقيل ; أرسلنا أي خلينا يقال ; أرسلت البعير أي خليته ، أي خلينا الشياطين وإياهم ولم نعصمهم من القبول منهم . الزجاج ; قيضنا . تؤزهم أزا قال ابن عباس ; تزعجهم إزعاجا من الطاعة إلى المعصية . وعنه ; تغريهم إغراء بالشر ; امض امض في هذا الأمر ، حتى توقعهم في النار حكى الأول الثعلبي ، والثاني الماوردي ، والمعنى واحد . الضحاك تغويهم إغواء . مجاهد ; تشليهم إشلاء ، وأصله الحركة والغليان ، ومنه الخبر المروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قام إلى الصلاة ولجوفه أزيز كأزيز المرجل من البكاء وائتزت القدر ائتزازا اشتد غليانها ، والأز التهييج والإغراء قال الله تعالى ; ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا أي تغريهم على المعاصي والأز الاختلاط . وقد أززت الشيء أؤزه أزا أي ضممت بعضه إلى بعض قاله الجوهري .
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم; ألم تر يا محمد أنا أرسلنا الشياطين على أهل الكفر بالله (تَؤُزُّهُمْ) يقول; تحرّكهم بالإغواء والإضلال، فتزعجهم إلى معاصي الله، وتغريهم بها حتى يواقعوها(أزًّا) إزعاجا وإغواء.وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثنا عليّ، قال; ثنا عبد الله، قال; ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله; (أَزًّا) يقول; تغريهم إغراء.حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن ابن جريح، قال; قال ابن عباس; تؤزّ الكافرين إغراء في الشرك; امض امض في هذا الأمر، حتى توقعهم في النار، امضوا في الغيّ امضوا.حدثنا أبو كريب، قال; ثنا أبو إدريس، عن جويبر، عن الضحاك، في قوله (تَؤُزُّهُمْ أَزًّا) قال; تغريهم إغراء.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (تَؤُزُّهُمْ أَزًّا) قال; تزعجهم إزعاجا في معصية الله.حدثنا محمد بن بشار، قال; ثنا ابن عثمة، قال; ثنا سعيد بن بشير، عن قتادة في قول الله (تَؤُزُّهُمْ أَزًّا) قال; تزعجهم إلى معاصي الله إزعاجا.حدثنا الحسن بن يحيى، قال; أخبرنا عبد الرزاق، قال; أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله (تَؤُزُّهُمْ أَزًّا) قال تزعجهم إزعاجا في معاصي الله.حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; قال ابن زيد، في قوله (أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا) فقرأ وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ قال; تؤزّهم أزّا، قال; تشليهم إشلاء على معاصي الله تبارك وتعالى، وتغريهم عليها، كما يغري الإنسان الآخر على الشيء ، يقال منه; أزَزْت فلانا بكذا، إذا أغريته به أؤزُّه أزّا وأزيزا ، وسمعت أزيز القدر; وهو صوت غليانها على النار; ومنه حديث مطرف عن أبيه، أنه انتهى إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، ولجوفه أزيز كأزيز المرجل.
وهذا من عقوبة الكافرين أنهم -لما لم يعتصموا بالله، ولم يتمسكوا بحبل الله، بل أشركوا به ووالوا أعداءه، من الشياطين- سلطهم عليهم، وقيضهم لهم، فجعلت الشياطين تؤزهم إلى المعاصي أزا، وتزعجهم إلى الكفر إزعاجا، فيوسوسون لهم، ويوحون إليهم، ويزينون لهم الباطل، ويقبحون لهم الحق، فيدخل حب الباطل في قلوبهم ويتشربها، فيسعى فيه سعي المحق في حقه، فينصره بجهده ويحارب عنه، ويجاهد أهل الحق في سبيل الباطل، وهذا كله، جزاء له على توليه من وليه وتوليه لعدوه، جعل له عليه سلطان، وإلا فلو آمن بالله، وتوكل عليه، لم يكن له عليه سلطان، كما قال تعالى: { إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ* إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ }
(الهمزة) للاستفهام
(تر) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف حرف العلّة
(على الكافرين) متعلّق بـ (أرسلنا)
(أزّا) مفعول مطلق منصوب.
والمصدر المؤوّلـ (أنّا أرسلنا..) في محلّ نصب سدّ مسدّ مفعولي ترى.
وجملة: «لم تر ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «أرسلنا ... » في محلّ رفع خبر أنّ..
وجملة: «تؤزّهم ... » في محلّ نصب حال من الشياطين أي تهيّجهم إلى المعاصي، أو من الكافرين أي متحرّكين إلى المعاصي.
84-
(الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر
(لا) ناهية جازمة
(عليهم) متعلّق بـ (تعجل) ،
(إنّما) كافّة ومكفوفة
(لهم) متعلّق بمحذوف حال من(عدّا) وهو مفعول مطلق منصوب.
وجملة: «لا تعجل ... » في محلّ جزم جواب شرط مقدّر أي إن وقعوا في المعصية فلا تعجل عليهم بالعذاب.
وجملة: «نعدّ ... » لا محلّ لها تعليليّة.85-
(يوم) ظرف زمان منصوب متعلّق بـ (نعدّ) ،
(إلى الرحمن) متعلّق بـ (وفدا) وهو حال منصوبة من المتّقين بمعنى وافدين.
وجملة: «نحشر ... » في محلّ جرّ مضاف إليه.
86-
(الواو) عاطفة
(إلى جهنّم) متعلّق بـ (نسوق) ،
(وردا) حال منصوبة من المجرمين أي واردين.
وجملة: «نسوق ... » في محلّ جرّ معطوفة على جملة نحشر.
87-
(لا) نافية
(إلّا) أداة استثناء
(من) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب على الاستثناء المنقطع ،
(عند) ظرف منصوب متعلّق بمحذوف مفعول به ثان
(عهدا) مفعول به أوّل منصوب.
وجملة: «لا يملكون ... » في محلّ نصب حال ثانية من المجرمين ،