فلنأتينك بسحر مثله أي لنعارضنك بمثل ما جئت به ليتبين للناس أن ما أتيت به ليس من عند الله . فاجعل بيننا وبينك موعدا هو مصدر ؛ أي وعدا . وقيل ; الموعد اسم لمكان الوعد ؛ كما قال تعالى ; وإن جهنم لموعدهم أجمعين فالموعد هاهنا مكان . وقيل ; الموعد اسم لزمان الوعد ؛ كقوله تعالى ; إن موعدهم الصبح فالمعنى ; اجعل لنا يوما معلوما ، أو مكانا معروفا . قال القشيري ; والأظهر أنه مصدر ولهذا قال ; لا نخلفه . أي لا نخلف ذلك الوعد ، والإخلاف أن يعد شيئا [ ص; 130 ] ولا ينجزه . وقال الجوهري والميعاد المواعدة والوقت والموضع وكذلك الموعد . وقرأ أبو جعفر بن القعقاع وشيبة والأعرج ( لا نخلفه ) بالجزم جوابا لقوله ; اجعل ومن رفع فهو نعت ل ( موعد ) والتقدير . موعدا غير مخلف . مكانا سوى قرأ ابن عامر وعاصم وحمزة ( سوى ) بضم السين . الباقون بكسرها ؛ وهما لغتان مثل عدا وعدا وطوى وطوى . واختار أبو عبيد وأبو حاتم كسر السين لأنها اللغة العالية الفصيحة . وقال النحاس والكسر أعرف وأشهر . وكلهم نونوا الواو ، وقد روي عن الحسن ، واختلف عنه ضم السين بغير تنوين . واختلف في معناه فقيل ; سوى هذا المكان ؛ قاله الكلبي . وقيل مكانا مستويا يتبين للناس ما بينا فيه ؛ قال ابن زيد ; ابن عباس ; نصفا . مجاهد ; منصفا ؛ وعنه أيضا وقتادة عدلا بيننا وبينك . قال النحاس ; وأهل التفسير على أن معنى سوى نصف وعدل وهو قول حسن ؛ قال سيبويه يقال ; سوى وسوى أي عدل ؛ يعني مكانا عدلا ؛ بين المكانين فيه النصفة ؛ وأصله من قولك ; جلس في سواء الدار بالمد أي في وسطها ؛ ووسط كل شيء أعدله ؛ وفي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ; وكذلك جعلناكم أمة وسطا أي عدلا ، وقال زهير ;أرونا خطة لا ضيم فيها يسوي بيننا فيها السواءوقال أبو عبيدة والقتبي ; وسطا بين الفريقين ؛ وأنشد أبو عبيدة لموسى بن جابر الحنفي ;وإن أبانا كان حل ببلدة سوى بين قيس قيس عيلان والفزروالفزر ; سعد بن زيد مناة بن تميم . وقال الأخفش ; ( سوى ) إذا كان بمعنى غير أو بمعنى العدل يكون فيه ثلاث لغات ; إن ضممت السين أو كسرت قصرت فيهما جميعا . وإن فتحت مددت ، تقول ; مكان سوى وسوى وسواء ؛ أي عدل ووسط فيما بين الفريقين . قال موسى بن جابر ;وجدنا أبانا كان حل ببلدةالبيت . وقيل ; مكانا سوى أي قصدا ؛ وأنشد صاحب هذا القول ;لو تمنت حبيبتي ما عدتني أو تمنيت ما عدوت سواهاوتقول ; مررت برجل سواك وسواك وسوائك أي غيرك . وهما في هذا الأمر سواء وإن [ ص; 131 ] شئت سواءان . وهم سواء للجمع وهم أسواء ؛ وهم سواسية مثل ثمانية على غير قياس . وانتصب مكانا على المفعول الثاني ل ( جعل ) . ولا يحسن انتصابه بالموعد على أنه مفعول أو ظرف له ؛ لأن الموعد قد وصف ، والأسماء التي تعمل عمل الأفعال إذا وصفت أو صغرت لم يسغ أن تعمل لخروجها عن شبه الفعل ، ولم يحسن حمله على أنه ظرف وقع موقع المفعول الثاني ؛ لأن الموعد إذا وقع بعده ظرف لم تجره العرب مجرى المصادر مع الظروف ، لكنهم يتسعون فيه كقوله تعالى ; إن موعدهم الصبح و موعدكم يوم الزينة .