الرسم العثمانيفَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِّثْلِهِۦ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَّا نُخْلِفُهُۥ نَحْنُ وَلَآ أَنتَ مَكَانًا سُوًى
الـرسـم الإمـلائـيفَلَنَاۡتِيَنَّكَ بِسِحۡرٍ مِّثۡلِهٖ فَاجۡعَلۡ بَيۡنَنَا وَبَيۡنَكَ مَوۡعِدًا لَّا نُخۡلِفُهٗ نَحۡنُ وَلَاۤ اَنۡتَ مَكَانًـا سُوًى
تفسير ميسر:
فسوف نأتيك بسحر مثل سحرك، فاجعل بيننا وبينك موعدًا محددًا، لا نخلفه نحن ولا تخلفه أنت، في مكان مستوٍ معتدل بيننا وبينك.
فإن عندنا سحرا مثل سحرك فلا يغرنك ما أنت فيه "فاجعل بيننا وبينك موعدا"أي يوما نجتمع نحن وأنت فيه فنعارض ما جئت به بما عندك من السحر في مكان معين ووقت معين.
فلنأتينك بسحر مثله أي لنعارضنك بمثل ما جئت به ليتبين للناس أن ما أتيت به ليس من عند الله . فاجعل بيننا وبينك موعدا هو مصدر ؛ أي وعدا . وقيل ; الموعد اسم لمكان الوعد ؛ كما قال تعالى ; وإن جهنم لموعدهم أجمعين فالموعد هاهنا مكان . وقيل ; الموعد اسم لزمان الوعد ؛ كقوله تعالى ; إن موعدهم الصبح فالمعنى ; اجعل لنا يوما معلوما ، أو مكانا معروفا . قال القشيري ; والأظهر أنه مصدر ولهذا قال ; لا نخلفه . أي لا نخلف ذلك الوعد ، والإخلاف أن يعد شيئا [ ص; 130 ] ولا ينجزه . وقال الجوهري والميعاد المواعدة والوقت والموضع وكذلك الموعد . وقرأ أبو جعفر بن القعقاع وشيبة والأعرج ( لا نخلفه ) بالجزم جوابا لقوله ; اجعل ومن رفع فهو نعت ل ( موعد ) والتقدير . موعدا غير مخلف . مكانا سوى قرأ ابن عامر وعاصم وحمزة ( سوى ) بضم السين . الباقون بكسرها ؛ وهما لغتان مثل عدا وعدا وطوى وطوى . واختار أبو عبيد وأبو حاتم كسر السين لأنها اللغة العالية الفصيحة . وقال النحاس والكسر أعرف وأشهر . وكلهم نونوا الواو ، وقد روي عن الحسن ، واختلف عنه ضم السين بغير تنوين . واختلف في معناه فقيل ; سوى هذا المكان ؛ قاله الكلبي . وقيل مكانا مستويا يتبين للناس ما بينا فيه ؛ قال ابن زيد ; ابن عباس ; نصفا . مجاهد ; منصفا ؛ وعنه أيضا وقتادة عدلا بيننا وبينك . قال النحاس ; وأهل التفسير على أن معنى سوى نصف وعدل وهو قول حسن ؛ قال سيبويه يقال ; سوى وسوى أي عدل ؛ يعني مكانا عدلا ؛ بين المكانين فيه النصفة ؛ وأصله من قولك ; جلس في سواء الدار بالمد أي في وسطها ؛ ووسط كل شيء أعدله ؛ وفي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ; وكذلك جعلناكم أمة وسطا أي عدلا ، وقال زهير ;أرونا خطة لا ضيم فيها يسوي بيننا فيها السواءوقال أبو عبيدة والقتبي ; وسطا بين الفريقين ؛ وأنشد أبو عبيدة لموسى بن جابر الحنفي ;وإن أبانا كان حل ببلدة سوى بين قيس قيس عيلان والفزروالفزر ; سعد بن زيد مناة بن تميم . وقال الأخفش ; ( سوى ) إذا كان بمعنى غير أو بمعنى العدل يكون فيه ثلاث لغات ; إن ضممت السين أو كسرت قصرت فيهما جميعا . وإن فتحت مددت ، تقول ; مكان سوى وسوى وسواء ؛ أي عدل ووسط فيما بين الفريقين . قال موسى بن جابر ;وجدنا أبانا كان حل ببلدةالبيت . وقيل ; مكانا سوى أي قصدا ؛ وأنشد صاحب هذا القول ;لو تمنت حبيبتي ما عدتني أو تمنيت ما عدوت سواهاوتقول ; مررت برجل سواك وسواك وسوائك أي غيرك . وهما في هذا الأمر سواء وإن [ ص; 131 ] شئت سواءان . وهم سواء للجمع وهم أسواء ؛ وهم سواسية مثل ثمانية على غير قياس . وانتصب مكانا على المفعول الثاني ل ( جعل ) . ولا يحسن انتصابه بالموعد على أنه مفعول أو ظرف له ؛ لأن الموعد قد وصف ، والأسماء التي تعمل عمل الأفعال إذا وصفت أو صغرت لم يسغ أن تعمل لخروجها عن شبه الفعل ، ولم يحسن حمله على أنه ظرف وقع موقع المفعول الثاني ؛ لأن الموعد إذا وقع بعده ظرف لم تجره العرب مجرى المصادر مع الظروف ، لكنهم يتسعون فيه كقوله تعالى ; إن موعدهم الصبح و موعدكم يوم الزينة .
القول في تأويل قوله تعالى ; قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى (57)يقول تعالى ذكره; قال فرعون لما أريناه آياتنا كلها لرسولنا موسى; أجئتنا يا موسى لتخرجنا من منازلنا ودورنا بسحرك هذا الذي جئتنا به .
فلنأتينك بسحر مثل سحرك فأمهلنا، واجعل لنا { مَوْعِدًا لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى } أي: مستو علمنا وعلمك به، أو مكانا مستويا معتدلا ليتمكن من رؤية ما فيه.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - طه٢٠ :٥٨
Taha20:58