الرسم العثمانيقَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى
الـرسـم الإمـلائـيقَالَ مَوۡعِدُكُمۡ يَوۡمُ الزِّيۡنَةِ وَاَنۡ يُّحۡشَرَ النَّاسُ ضُحًى
تفسير ميسر:
قال موسى لفرعون; موعدكم للاجتماع يوم العيد، حين يتزيَّن الناس، ويجتمعون من كل فج وناحية وقت الضحى.
فعند ذلك "قال" لهم موسى "موعدكم يوم الزينة" وهو يوم عيدهم وتفرغهم من أعمالهم واجتماع جميعهم ليشاهد الناس قدرة الله على ما يشاء ومعجزات الأنبياء وبطلان معارضة السحر لخوارق العادات النبوية ولهذا قال "وأن يحشر الناس" أي جميعهم "ضحى" أي ضحوة من النهار ليكون أظهر وأجلى وأبين وأوضح وهكذا شأن الأنبياء كل أمرهم بين واضح ليس فيه خفاء ولا ترويج ولهذا لم يقل ليلا ولكن نهارا ضحى قال ابن عباس وكان يوم الزينة يوم عاشوراء وقال السدي وقتادة وابن زيد كان يوم عيدهم وقال سعيد بن جبير كان يوم سوقهم ولا منافاة قلت وفي مثله أهلك الله فرعون وجنوده كما ثبت في الصحيح وقال وهب بن منبه قال فرعون يا موسى اجعل بيننا وبينك أجلا ننظر فيه قال موسى لم أؤمر بهذا إنما أمرت بمناجزتك إن أنت لم تخرج دخلت إليك فأوحى الله إلى موسى أن اجعل بينك وبينه أجلا وقل له أن يجعل هو قال فرعون اجعله إلى أربعين يوما ففعل وقال مجاهد وقتادة مكانا سوى منصفا وقال السدي عدلا وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم مكانا سوى مُسْتَوٍ بين الناس وما فيه لا يكون صوت ولا شيء يتغيب بعض ذلك عن بعض مُسْتَوٍ حين يُرى.
واختلف في يوم الزينة ، فقيل هو يوم عيد كان لهم يتزينون ويجتمعون فيه ؛ قاله قتادة والسدي وغيرهما . وقال ابن عباس وسعيد بن جبير ; كان يوم عاشوراء . وقال سعيد بن المسيب ; يوم سوق كان لهم يتزينون فيها ؛ وقاله قتادة أيضا . وقال الضحاك ; يوم السبت . وقيل ; يوم النيروز ؛ ذكره الثعلبي . وقيل ; يوم يكسر فيه الخليج ؛ وذلك أنهم كانوا يخرجون فيه يتفرجون ويتنزهون ؛ وعند ذلك تأمن الديار المصرية من قبل النيل . وقرأ الحسن والأعمش وعيسى الثقفي والسلمي وهبيرة عن حفص يوم الزينة بالنصب . ورويت عن أبي عمرو ؛ أي في يوم الزينة إنجاز موعدنا . الباقون بالرفع على أنه خبر الابتداء .وأن يحشر الناس ضحى أي وجمع الناس ؛ ف ( أن ) في موضع رفع على قراءة من قرأ ( يوم ) بالرفع . وعطف وأن يحشر يقوي قراءة الرفع ؛ لأن أن لا تكون ظرفا ، وإن كان المصدر الصريح يكون ظرفا كمقدم الحاج ؛ لأن من قال آتيك مقدم الحاج لم يقل آتيك أن يقدم الحاج . النحاس ; وأولى من هذا أن يكون في موضع خفض عطفا على الزينة . والضحا مؤنثة تصغرها العرب بغير هاء لئلا يشبه تصغيرها ضحوة ؛ قاله النحاس . وقال الجوهري ; ضحوة النهار بعد طلوع الشمس ، ثم بعده الضحى وهي حين تشرق الشمس ؛ مقصورة تؤنث وتذكر ؛ فمن أنث ذهب إلى أنها جمع ضحوة ؛ ومن ذكر ذهب إلى أنه اسم على فعل مثل صرد ونغر ؛ وهو ظرف غير متمكن مثل سحر ؛ تقول ; لقيته ضحا ؛ وضحا إذا أردت به ضحا يومك لم تنونه ، ثم بعده الضحاء ممدود مذكر ، وهو عند ارتفاع النهار الأعلى . وخص الضحى لأنه أول النهار ، فلو امتد الأمر فيما بينهم كان في النهار متسع . وروي عن ابن مسعود والجحدري وغيرهما ( وأن يحشر الناس ضحا ) على معنى وأن يحشر الله الناس ونحوه . وعن بعض القراء ( وأن تحشر الناس ) والمعنى وأن تحشر أنت يا فرعون الناس وعن الجحدري أيضا ( وأن نحشر ) بالنون وإنما واعدهم ذلك اليوم ؛ ليكون علو كلمة الله ، وظهور دينه ، وكبت الكافر ، وزهوق الباطل على رءوس الأشهاد ، وفي المجمع الغاص لتقوى رغبة من رغب في الحق ، ويكل حد [ ص; 132 ] المبطلين وأشياعهم ، ويكثر المحدث بذلك الأمر العلم في كل بدو وحضر ، ويشيع في جمع أهل الوبر والمدر .
( فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا ) لا نتعدّاه، لنجيء بسحر مثل الذي جئت به، فننظر أينا يغلب صاحبه، لا نخلف ذلك الموعد ( نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى ) يقول; بمكان عدل بيننا وبينك ونَصَف.وقد اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الحجاز والبصرة وبعض الكوفيين ( مَكانا سِوًى) بكسر السين، وقرأته عامة قراء الكوفة ( مَكَانًا سُوًى ) بضمها.قال أبو جعفر; والصواب من القول في ذلك عندنا، أنهما لغتان، أعني الكسر والضم في السين من " سوى " مشهورتان في العرب ، وقد قرأت بكل واحدة منهما علماء من القرّاء، مع اتفاق معنييهما، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب. وللعرب في ذلك إذا كان بمعنى العدل والنصف لغة هي أشهر من الكسر والضم وهو الفتح، كما قال جلّ ثناؤه تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ وإذا فتح السين منه مدّ ، وإذا كسرت أو ضمت قصر، كما قال الشاعر;فــإنَّ أبانــا كــانَ حَـلَّ بِبَلْـدَةٍسُـوًى بيـنَ قَيْسٍ قَيْسَ عَيْلانَ والفِزْرِ (1)ونظير ذلك من الأسماء; طُوَى، وطَوَى، وثنى وثُنَى، وعَدَى، وعُدَى.وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن قال; ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله ( مَكَانًا سُوًى ) قال; منصفا بينهم.حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، بنحوه.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قَتادة ( مَكَانًا سُوًى ) ; أي عادلا بيننا وبينك.حدثنا الحسن، قال; أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن قَتادة، قوله ( مَكَانًا سُوًى ) قال; نصفا بيننا وبينك.حدثنا موسى، قال; ثنا عمرو، قال; ثنا أسباط، عن السديّ، في قوله (فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى) قال; يقول; عدلا.وكان ابن زيد يقول في ذلك ما حدثني به يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; قال ابن زيد في قوله (مَكانا سُوًى) قال; مكانا مستويا يتبين للناس ما فيه، لا يكون صوب ولا شيء فيغيب بعض ذلك عن بعض مستو حين يرى.--------------------الهوامش ;(1) البيت لموسى بن جابر الحنفي ( اللسان ; سوى ) قال ; قال الأخفش ; سوى إذا كان بمعنى غير أو العدل يكون فيه ثلاث لغات ; إن ضمت السين أو قصرت فيهما جميعا ، وإن فتحت مددت . تقول ; ما كان سوى وسوى وسواء ; أي عدل ووسط بين الفريقين ، قال موسى بن جابر ; " وجدنا أبانا . . . البيت " . والفزر ; أبو قبيلة من تميم ، وهو سعد بن زياد مناة بن تميم .
فقال موسى: { مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ } وهو عيدهم، الذي يتفرغون فيه ويقطعون شواغلهم، { وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى } أي: يجمعون كلهم في وقت الضحى، وإنما سأل موسى ذلك، لأن يوم الزينة ووقت الضحى فيه يحصل فيه من كثرة الاجتماع، ورؤية الأشياء على حقائقها، ما لا يحصل في غيره
(موعدكم) مبتدأ مرفوع.. و (كم) مضاف إليه
(يوم) خبر مرفوع
(يحشر) مضارع مبنيّ للمجهول منصوب بـ (أن) ،
(الناس) نائب الفاعل مرفوع
(ضحى) ظرف زمان منصوب متعلّق بـ (يحشر) ، وعلامة النصب الفتحة المقدّرة.
والمصدر المؤوّلـ (أن يحشر..) في محلّ رفع معطوف على يوم .
جملة: «قال ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «موعدكم يوم ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «يحشر الناس ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن)
- القرآن الكريم - طه٢٠ :٥٩
Taha20:59