الرسم العثمانيفَتَوَلّٰى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُۥ ثُمَّ أَتٰى
الـرسـم الإمـلائـيفَتَوَلّٰى فِرۡعَوۡنُ فَجَمَعَ كَيۡدَهٗ ثُمَّ اَتٰى
تفسير ميسر:
فأدبر فرعون معرضًا عما أتاه به موسى من الحق، فجمع سحرته، ثم جاء بعد ذلك لموعد الاجتماع.
يقول تعالى مخبرا عن فرعون أنه لما تواعد هو وموسى إلى وقت ومكان معلومين تولى أي شرع في جمع السحرة من مدائن مملكته كل من ينسب إلى السحر في ذلك الزمان وقد كان السحر فيهم كثيرا نافقا جدا كما قال تعالى" وقال فرعون ائتوني بكل ساحر عليم" ثم أتي أي اجتمع الناس لميقات يوم معلوم وهو يوم الزينة وجلس فرعون على سرير مملكته واصطف له أكابر دولته ووقفت الرعايا يمنة ويسرة وأقبل موسى متوكئا على عصاه ومعه أخوه هارون ووقف السحرة بين يدي فرعون صفوفا وهو يحرضهم ويحثهم ويرغبهم في إجادة عملهم في ذلك اليوم ويتمنون عليه وهو يعدهم ويمنيهم يقولون" أئن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين قال نعم وإنكم إذا لمن المقربين".
قوله تعالى ; فتولى فرعون فجمع كيده أي حيله وسحره ؛ والمراد جمع السحرة . قال ابن عباس ; كانوا اثنين وسبعين ساحرا ، مع كل ساحر منهم حبال وعصي . وقيل ; كانوا أربعمائة . وقيل ; كانوا اثني عشر ألفا . وقيل ; أربعة عشر ألفا . وقال ابن المنكدر ; كانوا ثمانين ألفا . وقيل ; كانوا مجمعين على رئيس يقال له شمعون . وقيل كان اسمه يوحنا معه اثنا عشر نقيبا ، مع كل نقيب عشرون عريفا ، مع كل عريف ألف ساحر . وقيل كانوا ثلثمائة ألف ساحر من الفيوم ، وثلثمائة ألف ساحر من الصعيد ، وثلثمائة ألف ساحر من الريف ، فصاروا تسعمائة ألف وكان رئيسهم أعمى . ثم أتى أي أتى الميعاد .
القول في تأويل قوله تعالى ; قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (59)يقول تعالى ذكره; قال موسى لفرعون، حين سأله أن يجعل بينه وبينه موعدا للاجتماع; (( مَوْعِدُكُمْ ) للاجتماع ( يَوْمُ الزِّينَةِ ) يعني يوم عيد كان لهم، أو سوق كانوا يتزينون فيه ( وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ) يقول; وأن يُساق الناس من كلّ فجّ وناحية (ضُحًى) فذلك موعد ما بيني وبينك للاجتماع.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن سعد، قال; ثني أبي، قال; ثني عمي، قال; ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ( قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى ) فإنه يوم زينة يجتمع الناس إليه ويحشر الناس له.حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن ابن جُرَيج ( قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ ) قال; يوم زينة لهم، ويوم عيد لهم ( وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى ) إلى عيد لهم.حدثنا ابن حميد، قال; ثنا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد ( يَوْمُ الزِّينَةِ ) قال; يوم السوق.حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( يَوْمُ الزِّينَةِ ) موعدهم.حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، مثله.حدثني موسى، قال; ثنا عمرو، قال; ثنا أسباط، عن السديّ، قال موسى ( مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى ) وذلك يوم عيد لهم.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد قال; ثنا سعيد، عن قتادة ( قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ ) يوم عيد كان لهم، وقوله ( وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى ) يجتمعون لذلك الميعاد الذي وعدوه.حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; قال ابن زيد، في قوله ( قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ ) قال; يوم العيد، يوم يتفرغ الناس من الأعمال، ويشهدون ويحضرون ويرون.حدثنا ابن حميد، قال; ثنا سلمة، عن ابن إسحاق ( قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ ) يوم عيد كان فرعون يخرج له ( وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى ) حتى يحضروا أمري وأمرك ، وأن من قوله ( وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى ) رفع بالعطف على قوله ( يَوْمُ الزِّينَةِ ).وذُكر عن أبي نهيك في ذلك ما حدثنا ابن حميد، قال; ثنا يحيى بن واضح، قال; ثنا عبد المؤمن، قال; سمعت أبا نهيك يقول; ( وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى ) يعني فرعون يحشر قومه.
فقال موسى: { مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ } وهو عيدهم، الذي يتفرغون فيه ويقطعون شواغلهم، { وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى } أي: يجمعون كلهم في وقت الضحى، وإنما سأل موسى ذلك، لأن يوم الزينة ووقت الضحى فيه يحصل فيه من كثرة الاجتماع، ورؤية الأشياء على حقائقها، ما لا يحصل في غيره، { فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ } أي: جميع ما يقدر عليه، مما يكيد به موسى، فأرسل في مدائنه من يحشر السحرة الماهرين في سحرهم، وكان السحر إذ ذاك، متوفرا، وعلمه علما مرغوبا فيه، فجمع خلقا كثيرا من السحرة، ثم أتى كل منهما للموعد، واجتمع الناس للموعد.فكان الجمع حافلا، حضره الرجال والنساء، والملأ، والأشراف، والعوام، والصغار، والكبار، وحضوا الناس على الاجتماع، وقالوا للناس: { هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ* لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ }
(الفاء) استئنافيّة و (الفاء) الثانية عاطفة
(كيده) فيه حذف مضاف أي ذوي كيده، مفعول به منصوب.
جملة: «تولّى فرعون ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «جمع ... » لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: «أتى ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة جمع.
- القرآن الكريم - طه٢٠ :٦٠
Taha20:60