الرسم العثمانيأَمِ اتَّخَذُوٓا ءَالِهَةً مِّنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ
الـرسـم الإمـلائـياَمِ اتَّخَذُوۡۤا اٰلِهَةً مِّنَ الۡاَرۡضِ هُمۡ يُنۡشِرُوۡنَ
تفسير ميسر:
كيف يصح للمشركين أن يتخذوا آلهة عاجزة من الأرض لا تقدر على إحياء الموتى؟
ينكر تعالى على من اتخذ من دونه آلهة فقال; " أم اتخذوا آلهة من الأرض هم ينشرون " أي أهم يحيون الموتى وينشرونهم من الأرض أي لا يقدرون على شيء من ذلك فكيف جعلوها لله ندا وعبدوها معه ثم أخبر تعالى أنه لو كان في الوجود آلهة غيره لفسدت السموات والأرض.
قوله تعالى ; أم اتخذوا آلهة من الأرض هم ينشرون قال المفضل ; مقصود هذا الاستفهام الجحد ، أي لم يتخذوا آلهة تقدر على الإحياء . وقيل ; أم بمعنى ( هل ) أي هل اتخذ هؤلاء المشركون آلهة من الأرض يحيون الموتى . ولا تكون أم هنا بمعنى بل ؛ لأن ذلك يوجب لهم إنشاء الموتى إلا أن تقدر أم مع الاستفهام فتكون أم المنقطعة فيصح المعنى ؛ قاله المبرد . وقيل ; أم عطف على المعنى أي أفخلقنا السماء والأرض لعبا ، أو هذا الذي أضافوه إلينا من عندنا فيكون لهم موضع شبهة ؟ أو هل ما اتخذوه من الآلهة في [ ص; 188 ] الأرض يحيي الموتى فيكون موضع شبهة ؟ . وقيل ; لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم أفلا تعقلون ثم عطف عليه بالمعاتبة ، وعلى هذين التأويلين تكون أم متصلة . وقرأ الجمهور ينشرون بضم الياء وكسر الشين من أنشر الله الميت فنشر أي أحياه فحيي . وقرأ الحسن بفتح الياء ؛ أي يحيون ولا يموتون .
وقوله ( أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الأرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ ) يقول تعالى ذكره; أتخذ هؤلاء المشركون آلهة من الأرض هم ينشرون; يعني بقوله هم ; الآلهة، يقول; هذه الآلهة التي اتخذوها تنشر الأموات، يقول; يحيون الأموات، وينشرون الخلق، فإن الله هو الذي يحيي ويميت.كما حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثني عيسى " ح " وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله (يُنْشِرُونَ) يقول; يُحيون.حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; قال ابن زيد، في قوله ( أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الأرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ ) يقول; أفي آلهتهم أحد يحيي ذلك ينشرون، وقرأ قول الله قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ... إلى قوله ( مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ).
لما بيَّن تعالى كمال اقتداره وعظمته، وخضوع كل شيء له، أنكر على المشركين الذين اتخذوا من دون الله آلهة من الأرض، في غاية العجز وعدم القدرة { هُمْ يُنْشِرُونَ ْ} استفهام بمعنى النفي، أي: لا يقدرون على نشرهم وحشرهم، يفسرها قوله تعالى: { وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ * وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا ْ} { وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ* لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ ْ} فالمشرك يعبد المخلوق، الذي لا ينفع ولا يضر، ويدع الإخلاص لله، الذي له الكمال كله وبيده الأمر والنفع والضر، وهذا من عدم توفيقه، وسوء حظه، وتوفر جهله، وشدة ظلمه، فإنه لا يصلح الوجود، إلا على إله واحد، كما أنه لم يوجد، إلا برب واحد.
(أم) هي المنقطعة بمعنى بل والهمزة
(من الأرض) متعلّق بمحذوف مفعول به ثان .
جملة: «اتّخذوا ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «هم ينشرون ... » لا محلّ لها استئنافيّة وجملة: «ينشرون ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ
(هم) .
- القرآن الكريم - الأنبياء٢١ :٢١
Al-Anbiya'21:21