الرسم العثمانيوَأَصْحٰبُ مَدْيَنَ ۖ وَكُذِّبَ مُوسٰى فَأَمْلَيْتُ لِلْكٰفِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ ۖ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ
الـرسـم الإمـلائـيوَّاَصۡحٰبُ مَدۡيَنَۚ وَكُذِّبَ مُوۡسٰى فَاَمۡلَيۡتُ لِلۡكٰفِرِيۡنَ ثُمَّ اَخَذۡتُهُمۡۚ فَكَيۡفَ كَانَ نَكِيۡرِ
تفسير ميسر:
وإن يكذبك قومك- أيها الرسول- فقد سبقهم في تكذيب رسلهم قوم نوح، وعاد، وثمود، وقوم إبراهيم، وقوم لوط، وأصحاب "مدين" الذين كذبوا شعيبًا، وكذَّب فرعون وقومه موسى، فلم أعاجل هذه الأمم بالعقوبة، بل أمهلتها، ثم أخذتُ كلا منهم بالعذاب، فكيف كان إنكاري عليهم كفرهم وتكذيبهم، وتبديل ما كان بهم مِن نعمة بالعذاب والهلاك؟
" فأمليت للكافرين " أي أنطرتهم وأخرتهم " ثم أخذتهم فكيف كان نكير " أي فكيف كان إنكاري عليهم ومعاقبتي لهم ؟! وذكر بعض السلف أنه كان بين قول فرعون لقومه أنا ربكم الأعلى وبين إهلاك الله له أربعون سنة وفي الصحيحين عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " إن الله ليملي لظالم حتى إذا أخذه لم يفلته " ثم قرأ " وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد ".
وكذب موسى أي كذبه فرعون وقومه . فأما بنو إسرائيل فما كذبوه ، فلهذا لم يعطفه على ما قبله فيكون وقوم موسى . فأمليت للكافرين أي أخرت عنهم العقوبة . ثم أخذتهم فعاقبتهم . فكيف كان نكير استفهام بمعنى التغيير ؛ أي فانظر كيف كان تغييري ما كانوا فيه من النعم بالعذاب والهلاك ، فكذلك أفعل بالمكذبين من قريش . قال الجوهري ; النكير والإنكار تغيير المنكر ، والمنكر واحد المناكير .
وأصحاب مدين, وهم قوم شعيب. يقول; كذب كلّ هؤلاء رسلهم. وكذب موسى، فقيل; وكذب موسى، ولم يقل; وقوم موسى, لأن قوم موسى بنو إسرائيل, وكانت قد استجابت له ولم تكذّبه, وإنما كذّبه فرعون وقومه من القبط.وقد قيل; إنما قيل ذلك كذلك لأنه ولد فيهم كما ولد في أهل مكة.وقوله; ( فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ) يقول; فأمهلت لأهل الكفر بالله من هذه الأمم, فلم أعاجلهم بالنقمة والعذاب ( ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ ) يقول; ثم أحللت بهم العقاب بعد الإملاء ( فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ )يقول; فانظر يا محمد كيف كان تغييري ما كان بهم من نعمة وتنكري لهم عما كنت عليه من الإحسان إليهم, ألم أبدلهم بالكثرة قلة وبالحياة موتا وهلاكا وبالعمارة خرابا؟ يقول; فكذلك فعلي بمكذّبيك من قريش, وإن أمليت لهم إلى آجالهم, فإني منجزك وعدي فيهم كما أنجزت غيرك من رسلي وعدي في أممهم, فأهلكناهم وأنجيتهم من بين أظهرهم.
تفسير الآيات من 42 و44 :ـيقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وإن يكذبك هؤلاء المشركون فلست بأول رسول كذب، وليسوا بأول أمة كذبت رسولها { فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ* وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ* وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ } أي: قوم شعيب.{ وَكُذِّبَ مُوسَى فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ } المكذبين، فلم أعاجلهم بالعقوبة، بل أمهلتهم، حتى استمروا في طغيانهم يعمهون، وفي كفرهم وشرهم يزدادون، { ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ } بالعذاب أخذ عزيز مقتدر { فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ } أي: إنكاري عليهم كفرهم، وتكذيبهم كيف حاله، كان أشد العقوبات، وأفظع المثلات، فمنهم من أغرقه، ومنهم من أخذته الصيحة، ومنهم من أهلك بالريح العقيم، ومنهم من خسف به الأرض، ومنهم من أرسل عليه عذاب يوم الظلة، فليعتبر بهم هؤلاء المكذبون، أن يصيبهم ما أصابهم، فإنهم ليسوا خيرا منهم، ولا كتب لهم براءة في الكتب المنزلة من الله، وكم من المعذبين المهلكين أمثال هؤلاء كثير
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - الحج٢٢ :٤٤
Al-Hajj22:44