الرسم العثمانيأَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَآءَهُم مَّا لَمْ يَأْتِ ءَابَآءَهُمُ الْأَوَّلِينَ
الـرسـم الإمـلائـياَفَلَمۡ يَدَّبَّرُوا الۡقَوۡلَ اَمۡ جَآءَهُمۡ مَّا لَمۡ يَاۡتِ اٰبَآءَهُمُ الۡاَوَّلِيۡنَ
تفسير ميسر:
أفلم يتفكروا في القرآن فيعرفوا صدقه، أم منعهم من الإيمان أنه جاءهم رسول وكتاب لم يأت أباءهم الأولين مثله، فأنكروه وأعرضوا عنه؟
يقول تعالى منكرا على المشركين في عدم تفهمهم للقرآن العظيم وتدبرهم له وإعراضهم عنه مع أنهم قد خصوا بهذا الكتاب الذي لم ينزل الله على رسول أكمل منه ولا أشرف لا سيما آباؤهم الذين ماتوا في الجاهلية حيث لم يبلغهم كتاب ولا أتاهم نذير فكان اللائق بهؤلاء أن يقابلوا النعمة التي أسداها الله عليهم بقبولها والقيام بشكرها وتفهمها والعمل بمقتضاها آناء الليل وأطراف النهار كما فعله النجباء منهم ممن أسلم واتبع الرسـول صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم. وقال قتادة " أفلم يدبروا القول " إذا والله يجدون في القرآن زاجرا عن معصية الله لو تدبره القوم وعقلوه ولكنهم أخذوا بما تشابه به فهلكوا عند ذلك.
قوله تعالى ; أفلم يدبروا القول أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولينقوله تعالى ; أفلم يدبروا القول يعني القرآن ؛ وهو كقوله تعالى ; أفلا يتدبرون القرآن . وسمي القرآن قولا لأنهم خوطبوا به . أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين فأنكروه وأعرضوا عنه . وقيل ; أم بمعنى بل ؛ أي بل جاءهم ما لا عهد لآبائهم به ، فلذلك أنكروه وتركوا التدبر له . وقال ابن عباس ; وقيل المعنى أم جاءهم أمان من العذاب ، وهو شيء لم يأت آباءهم الأولين فتركوا الأعز .
يقول تعالى ذكره; أفلم يتدبر هؤلاء المشركون تنـزيل الله وكلامه، فيعلموا ما فيه من العبر، ويعرفوا حجج الله التي احتج بها عليه فيه؟(أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الأَوَّلِينَ) ؟ يقول; أم جاءهم أمر ما لم يأت من قبلهم من أسلافهم، فاستكبروا ذلك وأعرضوا، فقد جاءت الرسل من قبلهم، وأنـزلت معهم الكتب. وقد يحتمل أن تكون " أم " في هذا الموضع بمعنى; بل، فيكون تأويل الكلام; أفلم يدبروا القول؟ بل جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين، فتركوا لذلك التدبر وأعرضوا عنه، إذ لم يكن فيمن سلف من آباءهم ذلك، وقد ذُكر عن ابن عباس في نحو هذا القول.حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن عكرمة، عن ابن عباس، في قوله; ( أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الأَوَّلِينَ ) قال; لعمري لقد جاءهم ما لم يأت آباءهم الأوّلين، ولكن أو لم يأتهم ما لم يأت آباءهم الأوّلين.
{ أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ } أي: أفلا يتفكرن في القرآن ويتأملونه ويتدبرونه، أي: فإنهم لو تدبروه، لأوجب لهم الإيمان، ولمنعهم من الكفر، ولكن المصيبة التي أصابتهم بسبب إعراضهم عنه، ودل هذا على أن تدبر القرآن، يدعو إلى كل خير، ويعصم من كل شر، والذي منعهم من تدبره أن على قلوبهم أقفالها. { أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ } أي: أو منعهم من الإيمان، أنه جاءهم رسول وكتاب، ما جاء آبائهم الأولين، فرضوا بسلوك طريق آبائهم الضالين، وعارضوا كل ما خالف ذلك، ولهذا قالوا، هم ومن أشبههم من الكفار، ما أخبر الله عنهم: { وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ } فأجابهم بقوله: { قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ } فهل تتبعون إن كان قصدكم الحق، فأجابوا بحقيقة أمرهم { قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ }
(الهمزة) للاستفهام
(الفاء) عاطفة
(أم) هي المنقطعة بمعنى بل والهمزة
(ما) اسم موصول في محلّ رفع فاعل، وعلامة الجزم في(يأت) حذف حرف العلّة، وفاعل يأت هو العائد.
وجملة: «يدّبّروا ... » لا محلّ لها معطوفة على استئناف مقدّر أي أجهلوا فلم يدّبّروا....وجملة: «جاءهم ما لم يأت ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «لم يأت ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) .
- القرآن الكريم - المؤمنون٢٣ :٦٨
Al-Mu'minun23:68