الرسم العثمانيمَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُۥ مِنْ إِلٰهٍ ۚ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلٰهٍۢ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلٰى بَعْضٍ ۚ سُبْحٰنَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ
الـرسـم الإمـلائـيمَا اتَّخَذَ اللّٰهُ مِنۡ وَّلَدٍ وَّمَا كَانَ مَعَهٗ مِنۡ اِلٰهٍ اِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ اِلٰهٍۢ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعۡضُهُمۡ عَلٰى بَعۡضٍؕ سُبۡحٰنَ اللّٰهِ عَمَّا يَصِفُوۡنَۙ
تفسير ميسر:
لم يجعل الله لنفسه ولدًا، ولم يكن معه من معبود آخر؛ لأنه لو كان ثمة أكثر مِن معبود لانفرد كل معبود بمخلوقاته، ولكان بينهم مغالبة كشأن ملوك الدنيا، فيختلُّ نظام الكون، تنزَّه الله سبحانه وتعالى وتقدَّس عن وصفهم له بأن له شريكًا أو ولدًا.
ينزه تعالى نفسه عن أن يكون له ولد أو شريك في الملك والتصرف والعبادة فقال تعالى " ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض " أي لو قدر تعدد الآلهة لانفرد كل منهم بما خلق فما كان ينتظم الوجود والمشاهد أن الوجود منتظم متسق كل من العالم العلوي والسفلي مرتبط بعضه ببعض في غاية الكمال " ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت " ثم لكان كل منهم يطلب قهر الآخر وخلافه فيعلو بعضهم على بعض والمتكلمون ذكروا هذا المعنى وعبروا عنه بدليل التمانع وهو أنه لو فرض صانعان فصاعدا فأراد واحد تحريك جسم والآخر أراد سكونه فإن لم يحصل مراد كل واحد منهما كانا عاجزين والواجب لا يكون عاجزا ويمتنع اجتماع مراديهما للتضاد وما جاء هذا المحال إلا من فرض التعدد فيكون محالا فأما إن حصل مراد أحدهما دون الآخر كان الغالب هو الواجب والآخر المغلوب ممكنا لأنه لا يليق بصفة الواجب أن يكون مقهورا ولهذا قال تعالى " ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون " أي عما يقول الظالمون المعتدون في دعواهم الولد أو الشريك علوا كبيرا.
ما اتخذ الله من ولد من صلة . وما كان معه من إله من زائدة ؛ والتقدير ; ما اتخذ الله ولدا كما زعمتم ، ولا كان معه إله فيما خلق . وفي الكلام حذف ؛ والمعنى ; لو كانت معه آلهة لانفرد كل إله بخلقه . ولعلا بعضهم على بعض أي ولغالب وطلب القوي الضعيف كالعادة بين الملوك ، وكان الضعيف المغلوب لا يستحق الإلهية . وهذا الذي يدل على نفي الشريك يدل على نفي الولد أيضا ؛ لأن الولد ينازع الأب في الملك منازعة الشريك .
وقوله; ( مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ ) يقول تعالى ذكره; ما لله من ولد، ولا كان معه في القديم، ولا حين ابتدع الأشياء من تصلح عبادته، ولو كان معه في القديم أو عند خلقه الأشياء من تصلح عبادته ( مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ ) يقول; إذن لاعتزل كل إله منهم ( بِمَا خَلَقَ ) من شيء، فانفرد به، ولتغالبوا، فلعلا بعضهم على بعض، وغلب القويّ منهم الضعيف؛ لأن القويّ لا يرضى أن يعلوه ضعيف، والضعيف لا يصلح أن يكون إلها، فسبحان الله ما أبلغها من حجة وأوجزها، لمن عقل وتدبر. وقوله; ( إِذًا لَذَهَبَ ) جواب لمحذوف، وهو; لو كان معه إله، إذن لذهب كل إله بما خلق، اجتزئ بدلالة ما ذكر عليه عنه. وقوله; ( سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ ) يقول تعالى ذكره؛ تنـزيها لله عما يصفه به هؤلاء المشركون من أن له ولدا، وعما قالوه من أن له شريكا، أو أن معه في القِدم إلها يُعبد تبارك وتعالى.
{ مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ } كذب يعرف بخبر الله، وخبر رسله، ويعرف بالعقل الصحيح، ولهذا نبه تعالى على الدليل العقلي، على امتناع إلهين فقال: { إِذًا } أي: لو كان معه آلهة كما يقولون { لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ } أي: لانفرد كل واحد من الإلهين بمخلوقاته, واستقل بها، ولحرص على ممانعة الآخر ومغالبته، { وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ } فالغالب يكون هو الإله، وإلا فمع التمانع لا يمكن وجود العالم، ولا يتصور أن ينتظم هذا الانتظام المدهش للعقول، واعتبر ذلك بالشمس والقمر، والكواكب الثابتة، والسيارة، فإنها منذ خلقت، وهي تجري على نظام واحد، وترتيب واحد، كلها مسخرة بالقدرة، مدبرة بالحكمة لمصالح الخلق كلهم، ليست مقصورة على مصلحة أحد دون أحد، ولن ترى فيها خللا ولا تناقضا، ولا معارضة في أدنى تصرف، فهل يتصور أن يكون ذلك، تقدير إلهين ربين؟\"{ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ } قد نطقت بلسان حالها، وأفهمت ببديع أشكالها، أن المدبر لها إله واحد كامل الأسماء والصفات، قد افتقرت إليه جميع المخلوقات، في ربوبيته لها، وفي إلهيته لها، فكما لا وجود لها ولا دوام إلا بربوبيته، كذلك، لا صلاح لها ولا قوام إلا بعبادته وإفراده بالطاعة
(ما) نافية
(ولد) مجرور لفظا منصوب محلّا مفعول به
(معه) ظرف منصوب متعلّق بخبر مقدّم لـ (كان) ،
(إله) مجرور لفظا مرفوع محلّا اسم كان مؤخّر
(إذا) حرف جواب لا محلّ له
(اللام) واقعة في جواب لو مقدّر ،
(ما) اسم موصول في محلّ جرّ بالباء متعلّق بـ (ذهب) بتضمينه معنى انفرد
(اللام) مثل الأولـ (على بعض) متعلّق بـ (علا) ،
(سبحان) مفعول مطلق لفعل محذوف
(عمّا) متعلّق بـ (سبحان) ، و (ما) موصول والعائد محذوف.. أو حرف مصدريّ.
جملة: «ما اتّخذ الله ... » لا محلّ لها استئنافيّة بيانيّة.
وجملة: «ما كان ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة ما اتّخذ الله.
وجملة: «ذهب كلّ إله ... » لا محلّ لها جواب شرط مقدّر أي لو كان معه آلهة لذهب.
وجملة: «علا بعضهم ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة ذهب كلّ إله.
وجملة: «
(نسبّح) سبحان ... » لا محلّ لها استئنافيّة متضمّنة معنى الدعاء.وجملة: «يصفون ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) الاسميّ أو الحرفيّ.
92-
(عالم) بدل من لفظ الجلالة- سبحان الله- مجرور مثله
(الفاء) عاطفة
(عمّا يشركون) مثل عمّا يصفون ...وجملة: «تعالى ... » لا محلّ لها معطوفة على استئناف مقدّر أي علم الغيب فتعالى..
وجملة: «يشركون ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) الاسميّ أو الحرفيّ.
- القرآن الكريم - المؤمنون٢٣ :٩١
Al-Mu'minun23:91