الرسم العثمانيوَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزٰتِ الشَّيٰطِينِ
الـرسـم الإمـلائـيوَقُلْ رَّبِّ اَعُوۡذُ بِكَ مِنۡ هَمَزٰتِ الشَّيٰطِيۡنِۙ
تفسير ميسر:
وقل - أيها النبي -; رب أستجير بك من إغواء الشياطين ووسوستها، المغرية على الباطل والفساد والصد عن الحق، وأستجير بك- يا رب- مِن حضورهم في شيء من أموري.
وقوله تعالى " وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين " أمره الله أن يستعيذ من الشياطين لأنهم لا تنفع معهم الحيل ولا ينقادون بالمعروف وقد قدمنا عند الاستعاذة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول " أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه ".
قوله تعالى ; وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين فيه مسألتان ;الأولى ; قوله تعالى ; من همزات الشياطين الهمزات هي جمع همزة . والهمز في [ ص; 137 ] اللغة النخس والدفع ؛ يقال ; همزه ولمزه ونخسه دفعه . قال الليث ; الهمز كلام من وراء القفا ، واللمز مواجهة . والشيطان يوسوس فيهمس في وسواسه في صدر ابن آدم ؛ وهو قوله ; أعوذ بك من همزات الشياطين أي نزغات الشياطين الشاغلة عن ذكر الله تعالى . وفي الحديث ; كان يتعوذ من همز الشيطان ولمزه وهمسه . قال أبو الهيثم ; إذا أسر الكلام وأخفاه فذلك الهمس من الكلام . وسمي الأسد هموسا ؛ لأنه يمشي بخفة لا يسمع صوت وطئه . وقد تقدم في ( طه ) .الثانية ; أمر الله تعالى نبيه - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين بالتعوذ من الشيطان في همزاته ، وهي سورات الغضب التي لا يملك الإنسان فيها نفسه ، كأنها هي التي كانت تصيب المؤمنين مع الكفار فتقع المحادة فلذلك اتصلت بهذه الآية . فالنزغات وسورات الغضب الواردة من الشيطان هي المتعوذ منها في الآية ؛ وقد تقدم في آخر ( الأعراف ) بيانه مستوفى ، وفي أول الكتاب أيضا . وروي عن علي بن حرب بن محمد الطائي ، حدثنا سفيان ، عن أيوب ، عن محمد بن حبان أن خالدا كان يؤرق من الليل ؛ فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، فأمره أن يتعوذ بكلمات الله التامة من غضب الله ، وعقابه ، ومن شر عباده ، ومن همزات الشياطين ، وأن يحضرون . وفي كتاب أبي داود قال عمر ; وهمزه الموتة ؛ قال ابن ماجه ; الموتة يعني الجنون . والتعوذ أيضا من الجنون وكيد . وفي قراءة أبي ( رب عائذا بك من همزات الشياطين وعائذا بك أن يحضرون ) ؛ أي يكونوا معي في أموري ، فإنهم إذا حضروا الإنسان كانوا معدين للهمز ، وإذا لم يكن حضور فلا همز . وفي صحيح مسلم ، عن جابر قال ; سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ; إن الشيطان يحضر أحدكم [ ص; 138 ] عند كل شيء من شأنه ، حتى يحضره عند طعامه ، فإذا سقطت من أحدكم اللقمة ، فليمط ما كان بها من أذى ثم ليأكلها ولا يدعها للشيطان ، فإذا فرغ فليلعق أصابعه ، فإنه لا يدري في أي طعامه البركة .
وقوله; ( وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم; وقل يا محمد; ربّ أستجير بك من خنق (1) الشياطين وهمزاتها، والهَمْزُ; هو الغَمْز، ومن ذلك قيل للهمز في الكلام; هَمْزة، والهَمَزَاتُ جمع همزة.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.*ذكر من قال ذلك;حدثني يونس، قال; أخبرني ابن وهب، قال; قال ابن زيد في قوله; (وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ) قال; همزات الشياطين; خَنْقهم الناس، فذلك هَمَزاتهم.------------------------الهوامش ;(1) في غريب القرآن للراغب الأصفهاني ; ( همز ) ; " الهمز كالعصر " وهو مناسب لقول المؤلف ; خنق الشياطين ؛ لأن الخنق هو عصر الرقبة وضغطها لينقطع النفس
{ وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ } أي اعتصم بحولك وقوتك متبرئا من حولي وقوتي { مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ }
(الواو) عاطفة
(قل ربّ) مرّ إعرابها ،
(بك) متعلّق بـ (أعوذ) ،
(من همزات) متعلّق بـ (أعوذ) .
جملة: «قل ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة ادفع .
وجملة: «
(النداء) ربّ ... » لا محلّ لها اعتراضيّة لتأكيد الدعاء.
وجملة: «أعوذ ... » في محلّ نصب مقول القول.
98-
(الواو) عاطفة
(بك) مثل الأول، و (النون) في(يحضرون) هي للوقاية، و (الياء) المحذوفة مفعول به.
والمصدر المؤوّلـ (أن يحضرون) في محلّ جرّ بـ (من) محذوف متعلّق بـ (أعوذ) الثاني «4» .
وجملة: «أعوذ
(الثانية) ... » في محلّ نصب معطوفة على جملة أعوذ
(الأولى) .
وجملة: «يحضرون» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ.
- القرآن الكريم - المؤمنون٢٣ :٩٧
Al-Mu'minun23:97