الرسم العثمانيلِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِۦ ۗ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ
الـرسـم الإمـلائـي لِيَجۡزِيَهُمُ اللّٰهُ اَحۡسَنَ مَا عَمِلُوۡا وَيَزِيۡدَهُمۡ مِّنۡ فَضۡلِهٖؕ وَاللّٰهُ يَرۡزُقُ مَنۡ يَّشَآءُ بِغَيۡرِ حِسَابٍ
تفسير ميسر:
ليعطيهم الله ثواب أحسن أعمالهم، ويزيدهم من فضله بمضاعفة حسناتهم. والله يرزق مَن يشاء بغير حساب، بل يعطيه مِنَ الأجر ما لا يبلغه عمله، وبلا عدٍّ ولا كيل.
أي هؤلاء من الذين يتقبل حسناتهم ويتجاوز عن سيئاتهم وقوله "ويزيدهم من فضله" أي يتقبل منهم الحسن ويضاعفه لهم كما قال تعالى "إن الله لا يظلم مثقال ذرة" الآية وقال تعالى "من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها" الآية وقال "من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا" الآية وقال "والله يضاعف لمن يشاء" وقال ههنا "والله يرزق من يشاء بغير حساب" وعن ابن مسعود أنه جيء بلبن فعرضه على جلسائه واحدا واحدا فكلهم لم يشربه لأنه كان صائما فتناوله ابن مسعود فشربه لأنه كان مفطرا ثم تلا قوله "يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار" رواه النسائي وابن أبي حاتم من حديث الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عنه. وقال أيضا حدثنا أبي حدثنا سويد بن سعيد حدثنا علي بن مسهر عن عبدالرحمن بن إسحاق عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد بن السكن قالت; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم; "إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة جاء مناد فنادى بصوت يسمع الخلائق سيعلم أهل الجمع من أولى بالكرم ليقم الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله فيقومون وهم قليل ثم يحاسب سائر الخلائق" وروى الطبراني من حديث بقية عن اسماعيل بن عبدالله الكندي عن الأعمش عن أبي وائل عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم فى قوله "ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله" قال أجورهم يدخلهم الجنة ويزيدهم من فضله الشفاعة لمن وجبت له الشفاعة لمن صنع لهم المعروف في الدنيا.
ليجزيهم الله أحسن ما عملوا فذكر الجزاء على الحسنات ، ولم يذكر الجزاء على السيئات وإن كان يجازي عليها لأمرين ; أحدهما ; أنه ترغيب ، فاقتصر على ذكر الرغبة . الثاني ; أنه في صفة قوم لا تكون منهم الكبائر ؛ فكانت صغائرهم مغفورة . ويزيدهم من فضله يحتمل وجهين ; أحدهما ; ما يضاعفه من الحسنة بعشر أمثالها . الثاني ; ما يتفضل به من غير جزاء . والله يرزق من يشاء بغير حساب أي من غير أن يحاسبه على ما أعطاه ؛ إذ لا نهاية لعطائه . وروي أنه لما نزلت هذه الآية أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ببناء مسجد قباء ، فحضر عبد الله بن رواحة فقال ; يا رسول الله ، قد أفلح من بنى المساجد ؟ قال ; نعم ، يابن رواحة قال ; وصلى فيها قائما وقاعدا ؟ قال ; نعم ، يابن رواحة ، قال ; ولم يبت لله إلا ساجدا ؟ قال ; نعم ، يابن رواحة كف عن السجع فما أعطي عبد شرا من طلاقة في لسانه ؛ ذكره الماوردي .
وقوله; ( لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا ) يقول; فعلوا ذلك، يعني أنهم لم تلههم تجارة ولا بيع عن ذكر الله، وأقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة، وأطاعوا ربهم؛ مخافة عذابه يوم القيامة، كي يثيبهم الله يوم القيامة بأحسن أعمالهم التي عملوها في الدنيا، ويزيدهم على ثوابه إياهم على أحسن أعمالهم التي عملوها في الدنيا من فضله، فَيُفْضل عليهم عن عنده بما أحبّ من كرامته لهم.وقوله; ( وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) يقول تعالى ذكره; يتفضل على من شاء وأراد من طوْله وكرامته، مما لم يستحقه بعمله، ولم يبلغه بطاعته ( بِغَيْرِ حِسَابٍ ) ، يقول; بغير محاسبة على ما بذل له وأعطاه.
{ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا } والمراد بأحسن ما عملوا: أعمالهم الحسنة الصالحة، لأنها أحسن ما عملوا، لأنهم يعملون المباحات وغيرها، فالثواب لا يكون إلا على العمل الحسن، كقوله تعالى: { لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كَانُوا يَعْمَلُونَ } { وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ } زيادة كثيرة عن الجزاء المقابل لأعمالهم، { وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ } بل يعطيه من الأجر ما لا يبلغه عمله، بل ولا تبلغه أمنيته، ويعطيه من الأجر بلا عد ولا كيل، وهذا كناية عن كثرته جدا.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - النور٢٤ :٣٨
An-Nur24:38