الرسم العثمانيوَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصّٰلِحٰتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِى الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِى ارْتَضٰى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنۢ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِى لَا يُشْرِكُونَ بِى شَيْـًٔا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذٰلِكَ فَأُولٰٓئِكَ هُمُ الْفٰسِقُونَ
الـرسـم الإمـلائـيوَعَدَ اللّٰهُ الَّذِيۡنَ اٰمَنُوۡا مِنۡكُمۡ وَ عَمِلُوا الصّٰلِحٰتِ لَـيَسۡتَخۡلِفَـنَّهُمۡ فِى الۡاَرۡضِ كَمَا اسۡتَخۡلَفَ الَّذِيۡنَ مِنۡ قَبۡلِهِمۡۖ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمۡ دِيۡنَهُمُ الَّذِى ارۡتَضٰى لَهُمۡ وَلَـيُبَدِّلَــنَّهُمۡ مِّنۡۢ بَعۡدِ خَوۡفِهِمۡ اَمۡنًا ؕ يَعۡبُدُوۡنَنِىۡ لَا يُشۡرِكُوۡنَ بِىۡ شَيۡــًٔــا ؕ وَمَنۡ كَفَرَ بَعۡدَ ذٰ لِكَ فَاُولٰٓٮِٕكَ هُمُ الۡفٰسِقُوۡنَ
تفسير ميسر:
وعد الله بالنصر الذين آمنوا منكم وعملوا الأعمال الصالحة، بأن يورثهم أرض المشركين، ويجعلهم خلفاء فيها، مثلما فعل مع أسلافهم من المؤمنين بالله ورسله، وأن يجعل دينهم الذي ارتضاه لهم- وهو الإسلام- دينًا عزيزًا مكينًا، وأن يبدل حالهم من الخوف إلى الأمن، إذا عبدوا الله وحده، واستقاموا على طاعته، ولم يشركوا معه شيئًا، ومن كفر بعد ذلك الاستخلاف والأمن والتمكين والسلطنة التامة، وجحد نِعَم الله، فأولئك هم الخارجون عن طاعة الله.
هذا وعد من الله تعالى لرسوله صلوات الله وسلامه عليه بأنه سيجعل أمته خلفاء الأرض أي أئمة الناس والولاة عليهم وبهم تصلح البلاد وتخضع لهم العباد وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا وحكما فيهم وقد فعله تبارك وتعالى وله الحمد والمنة; فإنه صلى الله عليه وسلم لم يمت حتى فتح الله عليه مكة وخيبر والبحرين وسائر جزيرة العرب وأرض اليمن بكمالها وأخذ الجزية من مجوس هجر ومن بعض أطراف الشام وهاداه هرقل ملك الروم وصاحب مصر وإسكندرية وهو المقوقس وملوك عمان والنجاشي ملك الحبشة الذي تملك بعد أصحمة رحمه الله وأكرمه ثم لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وأختار الله له ما عنده من الكرامة قام بالأمر بعده خليفته أبو بكر الصديق فلم شعث ما وهى بعد موته صلى الله عليه وسلم وأخذ جزيرة العرب ومهدها وبعث جيوش الإسلام إلى بلاد فارس صحبة خالد بن الوليد رضي الله عنه ففتحوا طرفا منها وقتلوا خلقا من أهلها وجيشا آخر صحبة أبي عبيدة رضي الله عنه ومن أتبعه من الأمراء إلى أرض الشام وثالثا صحبة عمرو بن العاص رضي الله عنه إلى بلاد مصر ففتح الله للجيش الشامي في أيامه بصري ودمشق ومخاليفهما من بلاد حوران وما والاها وتوفاه الله عز وجل واختار له ما عنده من الكرامة ومن على أهل الإسلام بأن ألهم الصديق أن يستخلف عمر الفاروق فقام بالأمر بعده قياما تاما لم يدر الفلك بعد الأنبياء على مثله في قوة سيرته وكمال عدله وتم في أيامه فتح البلاد الشامية بكمالها وديار مصر إلى آخرها وأكثر إقليم فارس وكسر كسرى وأهانه غاية الهوان وتقهقر إلى أقصى مملكته وقصر قيصر وانتزع يده عن بلاد الشام وأنحدر إلى القسطنطينية وأنفق أموالهما في سبيل الله كما أخبر بذلك ووعد به رسول الله; عليه من ربه أتم سلام وأزكى صلاة; ثم لما كانت الدولة العثمانية أمتدت الممالك الإسلامية إلى أقصى مشارق الأرض ومغاربها; ففتحت بلاد المغرب إلى أقصى ما هنالك الأندلس وقبرص; وبلاد القيروان وبلاد سبتة مما يلي البحر المحيط ومن ناحية المشرق إلى أقصى بلاد الصين; وقتل كسرى وباد ملكه بالكلية; وفتحت مدائن العراق وخراسان والأهواز وقتل المسلمون من الترك مقتلة عظيمة جدا; وخذل الله ملكهم الأعظم خاقان وجبي الخراج من المشارق والمغارب إلى حضرة أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه وذلك ببركة تلاوته ودراسته وجمعه الأمة على حفظ القرآن ولهذا ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال; "إن الله زوى لى الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي ما زوى لي منها" فها نحن نتقلب فيما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله فنسأل الله الإيمان به وبرسوله والقيام بشكره على الوجه الذي يرضيه عنا. قال الإمام مسلم بن الحجاج فى صحيحه; حدثنا ابن أبي عمر حدثنا سفيان عن عبد الملك بن عمير عن جابر ابن سمرة قال; سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول; "لا يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنا عشر رجلا" ثم تكلم النبي صلى الله عليه وسلم بكلمة خفيت عني فسألت أبي ماذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال قال; "كلهم من قريش" ورواه البخاري من حديث شعبة عن عبد الملك بن عمير به وفي رواية لمسلم أنه قال ذلك عشية رجم ماعز بن مالك وذكر معه أحاديث أخر وفي هذا الحديث دلالة على أنه لابد من وجود اثني عشر خليفة عادل وليسوا هم بأئمة الشيعة الاثني عشر فإن كثيرا من أولئك لم يكن لهم من الأمر شيء فأما هؤلاء فإنهم يكونون من قريش يلون فيعدلون وقد وقعت البشارة بهم في الكتب المتقدمة ثم لا يشترط أن يكون متتابعين بل يكون وجودهم في الأمة متتابعا ومتفرقا وقد وجد منهم أربعة على الولاء وهم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عنهم ثم كانت بعدهم فترة ثم وجد منهم من شاء الله ثم قد يوجد منهم من بقي في الوقت الذي يعلمه الله تعالى ومنهم المهدي الذي أسمه يطابق أسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنيته كنيته يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما وقد روى الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي من حديث سعيد بن جهمان عن سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال; "الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكا عضوضا" وقال الربيع بن أنس عن أبي العالية في قوله "وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذين ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا" الآية قال كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بمكة نحوا من عشر سنين يدعون إلى الله وحده وإلى عبادته وحده لا شريك له سرا وهم خائفون لا يؤمرون بالقتال حتى أمروا بالهجرة إلى المدينة فقدموها فأمرهم الله بالقتال فكانوا بها خائفين يمسون في السلاح ويصبحون في السلاح فصبروا على ذلك ما شاء الله ثم إن رجلا من الصحابة قال يا رسول الله; أبد الدهر نحن خائفون هكذا؟ أما يأتي علينا يوم نأمن فيه ونضع عنا السلاح؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم; "لن تصبروا إلا يسيرا حتى يجلس الرجل منكم في الملإ العظيم محتبيا ليست فيه حديدة" وأنزل الله هذه الآية فأظهر الله نبيه على جزيرة العرب فآمنوا ووضعوا السلاح ثم إن الله تعالى قبض نبيه صلى الله عليه وسلم فكانوا كذلك آمنين في إمارة أبي بكر وعمر وعثمان حتى وقعوا فيما وقعوا فيه فأدخل عليهم الخوف فاتخذوا الحجزة والشرط وغيروا فغير بهم وقال بعض السلف; خلافة أبي بكر وعمر رضي الله عنه حق في كتاب الله ثم تلا هذه الآية وقال البراء بن عازب نزلت هذه الآية ونحن في خوف شديد وهذه الآية الكريمة كقوله تعالى "واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض - إلى قوله - لعلكم تشكرون" وقوله تعالى; "كما استخلف الذين من قبلهم" كما قال تعالى عن موسى عليه السلام أنه قال لقومه; "عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض" الآية وقال تعالى "ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض" الآيتين. وقوله; "وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم" الآية كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعدي بن حاتم حين وفد عليه "أتعرف الحيرة؟ قال; لم أعرفها ولكن قد سمعت بها قال; فوالذي نفسي بيده ليتمن الله هذا الأمر حتى تخرج الظعينة من الحيرة حتى تطوف بالبيت في غير جوار أحد ولتفتحن كنوز كسرى بن هرمز قلت; كسرى بن هرمز؟ قال; نعم كسرى بن هرمز وليبذلن المال حتى لا يقبله أحد". قال عدي بن حاتم; فهذه الظعينة تخرج من الحيرة فتطوف بالبيت في غير جوار أحد ولقد كنت فيمن فتح كنوز كسرى بن هرمز والذي نفسي بيده لتكونن الثالثة لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قالها. وقال الإمام أحمد حدثنا عبد الرزاق أخبرنا سفيان عن أبي سلمة عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي بن كعب قال; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم; "بشر هذه الأمة بالسنا والرفعة والدين والنصر والتمكين في الأرض فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له فى الآخرة نصيب" وقوله تعالى; "يعبدونني لا يشركون بي شيئا" قال الإمام أحمد حدثنا عفان حدثنا همام حدثنا قتادة عن أنس أن معاذ بن جبل حدثه قال; بينا أنا رديف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار ليس بيني وبينه إلا آخرة الرحل قال; "يا معاذ قلت لبيك يا رسول الله وسعديك قال; ثم سار ساعة ثم قال; يا معاذ بن جبل قلت; لبيك يا رسول الله وسعديك ثم سار ساعة ثم قال; يا معاذ بن جبل قلت; لبيك يا رسول الله وسعديك قال; هل تدري ما حق الله على العباد؟ قلت الله ورسوله أعلم قال; حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا قال ثم سار ساعة ثم قال; يا معاذ بن جبل قلت; لبيك يا رسول الله وسعديك قال; فهل تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك؟ قال قلت; الله ورسوله أعلم قال; فإن حق العباد على الله أن لا يعذبهم". أخرجاه في الصحيحين من حديث قتادة. وقوله تعالى; "ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون" أي فمن خرج عن طاعتي بعد ذلك فقد خرج عن أمر ربه وكفى بذلك ذنبا عظيما فالصحابة رضي الله عنهم لما كانوا أقوم الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم بأوامر الله عز وجل وأطوعهم لله كان نصرهم بحسبهم أظهروا كلمة الله في المشارق والمغارب وأيدهم تأييدا عظيما وحكموا في سائر العباد والبلاد; ولما قصر الناس بعدهم في بعض الأوامر نقص ظهورهم بحسبهم ولكن قد ثبت فى الصحيحين من غير وجه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال; "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم إلى يوم القيامة - وفي رواية - حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك - وفي رواية - حتى يقاتلون الدجال - وفي رواية - حتى ينزل عيسى ابن مريم وهم ظاهرون". وكل هذه الروايات صحيحة ولا تعارض بينها.
قوله تعالى ; وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقوننزلت في أبي بكر ، وعمر - رضي الله عنهما - ؛ قاله مالك . وقيل ; إن سبب هذه الآية أن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - شكا جهد مكافحة العدو ، وما كانوا فيه من الخوف على أنفسهم ، وأنهم لا يضعون أسلحتهم ؛ فنزلت الآية . وقال أبو العالية ; مكث رسول - صلى الله عليه وسلم - بمكة عشر سنين بعدما أوحي إليه خائفا هو وأصحابه ، يدعون إلى الله سرا وجهرا ، ثم أمر بالهجرة إلى المدينة ، وكانوا فيها خائفين يصبحون ويمسون في السلاح . فقال رجل ; يا رسول الله ، أما يأتي علينا يوم نأمن فيه ونضع السلاح ؟ فقال ; عليه السلام - ; لا تلبثون إلا يسيرا حتى يجلس الرجل منكم في الملأ العظيم محتبيا ليس عليه حديدة . ونزلت هذه الآية ، وأظهر الله نبيه على جزيرة العرب فوضعوا السلاح وأمنوا . قال النحاس ; فكان في هذه الآية دلالة على نبوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ لأن الله جل وعز أنجز ذلك الوعد . قال الضحاك في كتاب النقاش ; هذه تتضمن خلافة أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ؛ لأنهم أهل الإيمان وعملوا الصالحات . وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ; الخلافة بعدي ثلاثون . وإلى هذا القول ذهب ابن العربي في أحكامه ، [ ص; 276 ] واختاره وقال ; قال علماؤنا هذه الآية دليل على خلافة الخلفاء الأربعة - رضي الله عنهم - ، وأن الله استخلفهم ورضي أمانتهم ، وكانوا على الدين الذي ارتضى لهم ، لأنهم لم يتقدمهم أحد في الفضيلة إلى يومنا هذا ، فاستقر الأمر لهم ، وقاموا بسياسة المسلمين ، وذبوا عن حوزة الدين ؛ فنفذ الوعد فيهم ، وإذا لم يكن هذا الوعد لهم نجز ، وفيهم نفذ ، وعليهم ورد ، ففيمن يكون إذا ، وليس بعدهم مثلهم إلى يومنا هذا ، ولا يكون فيما بعده . - رضي الله عنهم - . وحكى هذا القول القشيري ، عن ابن عباس . واحتجوا بما رواه سفينة مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ; سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ; الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكا . قال سفينة ; أمسك عليك ; خلافة أبي بكر سنتين ، وخلافة عمر عشرا ، وخلافة عثمان ثنتي عشرة سنة ، وخلافة علي ستا . وقال قوم ; هذا وعد لجميع الأمة في ملك الأرض كلها تحت كلمة الإسلام ؛ كما قال ; عليه الصلاة والسلام - ; زويت لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها . واختار هذا القول ابن عطية في تفسيره حيث قال ; والصحيح في الآية أنها في استخلاف الجمهور ، واستخلافهم هو أن يملكهم البلاد ويجعلهم أهلها ؛ كالذي جرى في الشام ، والعراق ، وخراسان ، والمغرب . قال ابن العربي ; قلنا لهم هذا وعد عام في النبوة والخلافة وإقامة الدعوة وعموم الشريعة ، فنفذ الوعد في كل أحد بقدره وعلى حاله ؛ حتى في المفتين والقضاة والأئمة ، وليس للخلافة محل تنفذ فيه الموعدة الكريمة إلا من تقدم من الخلفاء . ثم ذكر اعتراضا وانفصالا معناه ; فإن قيل هذا الأمر لا يصح إلا في أبي بكر وحده ، فأما عمر وعثمان فقتلا غيلة ، وعلي قد نوزع في الخلافة . قلنا ; ليس في ضمن الأمن السلامة من الموت بأي وجه كان ، وأما علي فلم يكن نزاله في الحرب مذهبا للأمن ، وليس من شرط الأمن رفع الحرب إنما شرطه ملك الإنسان لنفسه باختياره ، لا كما كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة . ثم قال في آخر كلامه ; وحقيقة الحال أنهم كانوا مقهورين فصاروا قاهرين ، وكانوا مطلوبين فصاروا طالبين ؛ فهذا نهاية الأمن والعز . قلت ; هذه الحال لم تختص بالخلفاء الأربعة - رضي الله عنهم - حتى يخصوا بها من عموم [ ص; 277 ] الآية ، بل شاركهم في ذلك جميع المهاجرين بل وغيرهم . ألا ترى إلى إغزاء قريش المسلمين في أحد وغيرها وخاصة الخندق ، حتى أخبر الله تعالى عن جميعهم فقال ; إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا . ثم إن الله رد الكافرين لم ينالوا خيرا ، وأمن المؤمنين وأورثهم أرضهم وديارهم وأموالهم ، وهو المراد بقوله ; ليستخلفنهم في الأرض . وقوله ; كما استخلف الذين من قبلهم يعني بني إسرائيل ، إذ أهلك الله الجبابرة بمصر ، وأورثهم أرضهم وديارهم فقال ; وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها . وهكذا كان الصحابة مستضعفين خائفين ، ثم إن الله تعالى أمنهم ومكنهم وملكهم ، فصح أن الآية عامة لأمة محمد - صلى الله عليه وسلم - غير مخصوصة ؛ إذ التخصيص لا يكون إلا بخبر ممن يجب التسليم ، ومن الأصل المعلوم التمسك بالعموم . وجاء في معنى تبديل خوفهم بالأمن أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قال أصحابه ; أما يأتي علينا يوم نأمن فيه ونضع السلاح ؟ فقال ; عليه السلام - ; لا تلبثون إلا قليلا حتى يجلس الرجل منكم في الملأ العظيم محتبيا ليس عليه حديدة . وقال ; صلى الله عليه وسلم - ; والله ليتمن الله هذا الأمر ، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله ، والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون . خرجه مسلم في صحيحه ؛ فكان كما أخبر - صلى الله عليه وسلم - . فالآية معجزة النبوة ؛ لأنها إخبار عما سيكون فكان .قوله تعالى ; ليستخلفنهم في الأرض فيه قولان ; أحدهما ; يعني أرض مكة ؛ لأن المهاجرين سألوا الله تعالى ذلك فوعدوا كما وعدت بنو إسرائيل ؛ قال معناه النقاش . الثاني ; بلاد العرب والعجم . قال ابن العربي ; وهو الصحيح ؛ لأن أرض مكة محرمة على المهاجرين ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ; لكن البائس سعد بن خولة . يرثي له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن مات بمكة . وقال في الصحيح أيضا ; يمكث المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه ثلاثا . واللام [ ص; 278 ] في ليستخلفنهم جواب قسم مضمر ؛ لأن الوعد قول ، مجازها ; قال الله للذين آمنوا وعملوا الصالحات والله ليستخلفنهم في الأرض فيجعلهم ملوكها وسكانها . كما استخلف الذين من قبلهم يعني بني إسرائيل ، أهلك الجبابرة بمصر والشام وأورثهم أرضهم وديارهم . وقراءة العامة كما استخلف بفتح التاء واللام ؛ لقوله ; ( وعد ) . وقوله ; ( ليستخلفنهم ) . وقرأ عيسى بن عمر ، وأبو بكر ، والمفضل ، عن عاصم ( استخلف ) بضم التاء وكسر اللام على الفعل المجهول . وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وهو الإسلام ؛ كما قال تعالى ; ورضيت لكم الإسلام دينا وقد تقدم . وروى سليم بن عامر ، عن المقداد بن الأسود قال ; سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ; ما على ظهر الأرض بيت حجر ولا مدر إلا أدخله الله كلمة الإسلام بعز عزيز ، أو ذل ذليل أما بعزهم فيجعلهم من أهلها ، وأما بذلهم فيدينون بها . ذكره الماوردي حجة لمن قال ; إن المراد بالأرض بلاد العرب والعجم ؛ وهو القول الثاني ; على ما تقدم آنفا . ( وليبدلنهم ) قرأ ابن محيصن ، وابن كثير ، ويعقوب ، وأبو بكر بالتخفيف ؛ من أبدل ، وهي قراءة الحسن ، واختيار أبي حاتم . الباقون بالتشديد ؛ من بدل ، وهي اختيار أبي عبيد ؛ لأنها أكثر ما في القرآن ، قال الله تعالى ; لا تبديل لكلمات الله . وقال ; وإذا بدلنا آية ونحوه ، وهما لغتان . قال النحاس ; وحكى محمد بن الجهم ، عن الفراء قال ; قرأ عاصم ، والأعمش وليبدلنهم مشددة ، وهذا غلط على عاصم ؛ وقد ذكر بعده غلطا أشد منه ، وهو أنه حكى عن سائر الناس التخفيف . قال النحاس ; وزعم أحمد بن يحيى أن بين التثقيل والتخفيف فرقا ، وأنه يقال ; بدلته أي غيرته ، وأبدلته أزلته وجعلت غيره . قال النحاس ; وهذا القول صحيح ؛ كما تقول ; أبدل لي هذا الدرهم ، أي أزله وأعطني غيره . وتقول ; قد بدلت بعدنا ، أي غيرت ؛ غير أنه قد يستعمل أحدهما موضع الآخر ؛ والذي ذكره أكثر . وقد مضى هذا في ( النساء ) والحمد لله ، وذكرنا في سورة ( إبراهيم ) الدليل من السنة على أن بدل معناه [ ص; 279 ] إزالة العين ؛ فتأمله هناك . وقرئ ( عسى ربنا أن يبدلنا ) مخففا ومثقلا . ( يعبدونني ) هو في موضع الحال ؛ أي في حال عبادتهم الله بالإخلاص . ويجوز أن يكون استئنافا على طريق الثناء عليهم . لا يشركون بي شيئا فيه أربعة أقوال ; لا يعبدون إلها غيري ؛ حكاه النقاش . لا يراءون بعبادتي أحدا . لا يخافون غيري ؛ قاله ابن عباس . لا يحبون غيري ؛ قاله مجاهد . ومن كفر بعد ذلك أي بهذه النعم . والمراد كفران النعمة لأنه قال تعالى فأولئك هم الفاسقون والكافر بالله فاسق بعد هذا الإنعام وقبله .
يقول تعالى ذكره; ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ منكم ) أيها الناس، ( وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) يقول; وأطاعوا الله ورسوله فيما أمراه ونهياه ( لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرْضِ ) يقول; ليورثنهم الله أرض المشركين من العرب والعجم، فيجعلهم ملوكها وساستها( كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ) يقول; كما فعل منْ قبلهم ذلك ببني إسرائيل، إذ أهلك الجبابرة بالشأم، وجعلهم ملوكها وسكانها( وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ ) يقول; وليوطئنّ لهم دينهم، يعني; ملتهم التي ارتضاها لهم، فأمرهم بها. وقيل; وعد الله الذين آمنوا، ثم تلقى ذلك بجواب اليمين بقوله; ( ليستخلفنهم ) لأن الوعد قول يصلح فيه " أن "، وجواب اليمين كقوله; وعدتك أن أكرمك، ووعدتك لأكرمنك.واختلف القرّاء في قراءة قوله; ( كَمَا اسْتَخْلَفَ ) فقرأته عامة القرّاء ( كَمَا اسْتَخْلَفَ ) بفتح التاء واللام، بمعنى; كما استخلف الله الذين من قبلهم من الأمم. وقرأ ذلك عاصم " كَما اسْتُخْلِفَ" بضم التاء وكسر اللام، على مذهب ما لم يسمّ فاعله.واختلفوا أيضا في قراءة قوله; ( وليبدلنهم ) فقرأ ذلك عامة قرّاء الأمصار سوى عاصم ( وليبدلنهم ) بتشديد الدال، بمعنى; وليغيرنّ حالهم عما هي عليه من الخوف إلى الأمن، والعرب تقول; قد بدّل فلان إذا غيرت حاله، ولم يأت مكان غيره، وكذلك كلّ مغير عن حاله، فهو عندهم مبدل بالتشديد. وربما قيل بالتخفيف، وليس بالفصيح، فأما إذا جعل مكان الشيء المبدل غيره، فذلك بالتخفيف أبدلته فهو مبدل. وذلك كقولهم; أبدل هذا الثوب; أي جُعل مكانه آخر غيره، وقد يقال بالتشديد غير أن الفصيح من الكلام ما وصفت. وكان عاصم يقرؤه " وَلَيُبْدِلَنَّهُمْ" بتخفيف الدال.والصواب من القراءة في ذلك التشديد، على المعنى الذي وصفت قبلُ، لإجماع الحجة من قرّاء الأمصار عليه، وأن ذاك تغيير حال الخوف إلى الأمن، وأرى عاصما ذهب إلى أن الأمن لما كان خلاف الخوف وجَّه المعنى إلى أنه ذهب بحال الخوف، وجاء بحال الأمن، فخفف ذلك.ومن الدليل على ما قلنا، من أن التخفيف إنما هو ما كان في إبدال شيء مكان آخر، قول أبي النجم;عَزْلُ الأمير للأمِيرِ المبْدَل (3)وقوله; ( يعبدونني ) يقول; يخضعون لي بالطاعة ويتذللون لأمري ونهيي ( لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ) يقول; لا يشركون في عبادتهم إياي الأوثان والأصنام ولا شيئا غيرها، بل يخلصون لي العبادة فيفردونها إليَّ دون كل ما عبد من شيء غيري، وذُكر أن هذه الآية نـزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل شكاية بعض أصحابه إليه في بعض الأوقات التي كانوا فيها من العدوّ في خوف شديد مما هم فيه من الرعب والخوف، وما يلقون بسبب ذلك من الأذى والمكروه.* ذكر الرواية بذلك;حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن أبي جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية، قوله; ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) ... الآية، قال; فمكث النبيّ صلى الله عليه وسلم عشر سنين خائفا يدعو إلى الله سرّا وعلانية، قال; ثم أُمر بالهجرة إلى المدينة. قال; فمكث بها هو وأصحابه خائفون، يصبحون في السلاح، ويمسون فيه، فقال رجل; ما يأتي علينا يوم نأمن فيه، ونضع عنا السلاح ، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم; " لا تَغْبُرُونَ إلا يَسيرًا حتى يجْلِسَ الرَّجُلُ مِنْكُمْ فِي الملإ العَظيمِ مُحْتَبِيًا فِيه، لَيْسَ فِيهِ حَدِيدَةٌ". (4) فأنـزل الله هذه الآية ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ ) ... إلى قوله; ( فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ ) " قال; يقول; من كفر بهذه النعمة ( فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) وليس يعني الكفر بالله. قال; فأظهره الله على جزيرة العرب فآمنوا، ثم تجبروا، فغيرَ الله ما بهم، وكفروا بهذه النعمة، فأدخل الله عليهم الخوف الذي كان رفعه عنهم، قال القاسم; قال أبو علي; بقتلهم عثمان بن عفان رضي الله عنه.واختلف أهل التأويل في معنى الكفر الذي ذكره الله في قوله; ( فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ ) فقال أبو العالية (5) ما ذكرنا عنه من أنه كفر بالنعمة لا كفر بالله.ورُوي عن حُذيفة في ذلك ما حدثنا به ابن بشار، قال; ثنا عبد الرحمن، قال; ثنا سفيان، عن حبيب بن أبي الشعثاء، قال; كنت جالسا مع حُذيفة وعبد الله بن مسعود، فقال حُذيفة; ذهب النفاق، وإنما كان النفاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنما هو الكفر بعد الإيمان ، قال; فضحك عبد الله، فقال; لم تقول ذلك؟ قال; علمت ذلك، قال; ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرْضِ ) ... حتى بلغ آخرها.حدثنا ابن المثنى، قال; ثنا ابن أبي عديّ، قال; ثنا شعبة، عن أبي الشعثاء، قال; قعدت إلى ابن مسعود وحُذيفة، فقال حذيفة; ذهب النفاق فلا نفاق، وإنما هو الكفر بعد الإيمان ، فقال عبد الله; تعلم ما تقول؟ قال; فتلا هذه الآية إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ ... حتى بلغ; ( فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) قال; فضحك عبد الله، قال; فلقيت أبا الشعثاء بعد ذلك بأيام، فقلت; من أي شيء ضحك عبد الله؟ قال; لا أدري، إن الرجل ربما ضحك من الشيء الذي يعجبه، وربما ضحك من الشيء الذي لا يعجبه، فمن أي شيء ضحك؟ لا أدري. والذي قاله أبو العالية من التأويل أشبه بتأويل الآية، وذلك أن الله وعد الإنعام على هذه الأمة بما أخبر في هذه الآية، أنه منعم به عليهم، ثم قال عقيب ذلك; فمن كفر هذه النعمة بعد ذلك ( فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ).حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، قوله; ( يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ) قال; تلك أمة محمد صلى الله عليه وسلم.حدثنا ابن بشار، قال; ثنا عبد الرحمن، قال; ثنا سفيان، عن ليث، عن مجاهد ( أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ) قال; لا يخافون غيري.------------------------الهوامش;(3) البيت من مشطور الرجز ، لأبي النجم العجلي الراجز ( اللسان ; بدل ) قال ; قال أبو العباس ( يعني ثعلبًا ) وحقيقته ; أن التبديل تغيير الصورة إلى صورة أخرى ، والجوهرة بعينها ؛ والإبدال ; تنحية الجوهرة ، واستئناف جوهرة أخرى . منه قول أبي النجم ;* عـزل الأمـير للأمـير المبـدل *ألا ترى أنه نحى جسمًا ، وجعل مكانه جسمًا غيره ؟ .(4) في فتح القدير للشوكاني ( 4 ; 47 ) ليست فيهم جديدة . ولعلها رواية أخرى(5) لعله أبو العالية ، راوي الحديث .
هذا من أوعاده الصادقة، التي شوهد تأويلها ومخبرها، فإنه وعد من قام بالإيمان والعمل الصالح من هذه الأمة، أن يستخلفهم في الأرض، يكونون هم الخلفاء فيها، المتصرفين في تدبيرها، وأنه يمكن لهم دينهم الذي ارتضى لهم، وهو دين الإسلام، الذي فاق الأديان كلها، ارتضاه لهذه الأمة، لفضلها وشرفها ونعمته عليها، بأن يتمكنوا من إقامته، وإقامة شرائعه الظاهرة والباطنة، في أنفسهم وفي غيرهم، لكون غيرهم من أهل الأديان وسائر الكفار مغلوبين ذليلين، وأنه يبدلهم من بعد خوفهم الذي كان الواحد منهم لا يتمكن من إظهار دينه، وما هو عليه إلا بأذى كثير من الكفار، وكون جماعة المسلمين قليلين جدا بالنسبة إلى غيرهم، وقد رماهم أهل الأرض عن قوس واحدة، وبغوا لهم الغوائل. فوعدهم الله هذه الأمور وقت نزول الآية، وهي لم تشاهد الاستخلاف في الأرض والتمكين فيها، والتمكين من إقامة الدين الإسلامي، والأمن التام، بحيث يعبدون الله ولا يشركون به شيئا، ولا يخافون أحدا إلا الله، فقام صدر هذه الأمة، من الإيمان والعمل الصالح بما يفوقون على غيرهم، فمكنهم من البلاد والعباد، وفتحت مشارق الأرض ومغاربها، وحصل الأمن التام والتمكين التام، فهذا من آيات الله العجيبة الباهرة، ولا يزال الأمر إلى قيام الساعة، مهما قاموا بالإيمان والعمل الصالح، فلا بد أن يوجد ما وعدهم الله، وإنما يسلط عليهم الكفار والمنافقين، ويديلهم في بعض الأحيان، بسبب إخلال المسلمين بالإيمان والعمل الصالح. { وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ ْ} التمكين والسلطنة التامة لكم، يا معشر المسلمين، { فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ْ} الذين خرجوا عن طاعة الله، وفسدوا، فلم يصلحوا لصالح، ولم يكن فيهم أهلية للخير، لأن الذي يترك الإيمان في حال عزه وقهره، وعدم وجود الأسباب المانعة منه، يدل على فساد نيته، وخبث طويته، لأنه لا داعي له لترك الدين إلا ذلك. ودلت هذه الآية، أن الله قد مكن من قبلنا، واستخلفهم في الأرض، كما قال موسى لقومه: { وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ْ} وقال تعالى: { وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ }
المفعول الثاني لـ (وعد) محذوف أي وعدهم الاستخلاف والتمكين
(منكم) متعلّق بحال من فاعل آمنوا
(اللام) لام القسم لقسم مقدّر ،
(في الأرض) متعلّق بـ (يستخلفنّهم) ،
(ما) حرف مصدريّ..والمصدر المؤوّلـ (ما استخلف..) في محلّ جرّ بالكاف متعلّق بمحذوف مفعول مطلق عامله
(يستخلفنّ) .
(من قبلهم) متعلّق بمحذوف صلة الموصولـ (الذين) ،
(الواو) عاطفة
(ليمكننّ) مثل ليستخلفنّ
(لهم) متعلّق بـ (يمكننّ) ، و (لهم) الثاني متعلّق بـ (ارتضى) ،
(الواو) عاطفة
(ليبدّلنّهم) مثل ليمكننّ
(من بعد) متعلّق بـ (يبدّلنّهم) ،
(أمنا) مفعول به ثان منصوب، و (النون) الثانية في(يعبدونني) نون الوقاية
(بي) متعلّق بـ (يشركون) ،
(الواو) عاطفة
(بعد) ظرف منصوب متعلّق بـ (كفر) ،
(الفاء) رابطة لجواب الشرط
(هم) للفصل .
جملة: «وعد الله ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «آمنوا ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) .
وجملة: «عملوا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة: «يستخلفنّهم ... » لا محلّ لها جواب القسم المقدّر.
وجملة: «استخلف ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(ما) .
وجملة: «يمكّننّ ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب القسم.
وجملة: «ارتضى ... لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذي) .
وجملة: «يبدّلنّهم ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب القسم.
وجملة: «يعبدونني ... » في محلّ نصب حال من مفعول يبدّلنّهم .
وجملة: «لا يشركون ... » في محلّ نصب حال من فاعل يعبدون.
وجملة: «من كفر ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة وعد الله.
وجملة: «كفر ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ
(من) .وجملة: «أولئك.. الفاسقون» في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
- القرآن الكريم - النور٢٤ :٥٥
An-Nur24:55