الرسم العثمانيلَّقَدْ أَضَلَّنِى عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَآءَنِى ۗ وَكَانَ الشَّيْطٰنُ لِلْإِنسٰنِ خَذُولًا
الـرسـم الإمـلائـيلَقَدۡ اَضَلَّنِىۡ عَنِ الذِّكۡرِ بَعۡدَ اِذۡ جَآءَنِىۡ ؕ وَكَانَ الشَّيۡطٰنُ لِلۡاِنۡسَانِ خَذُوۡلًا
تفسير ميسر:
واذكر - أيها الرسول - يوم يَعَضُّ الظالم لنفسه على يديه ندمًا وتحسرًا قائلا يا ليتني صاحبت رسول الله محمدًا صلى الله عليه وسلم واتبعته في اتخاذ الإسلام طريقًا إلى الجنة، ويتحسَّر قائلا يا ليتني لم أتخذ الكافر فلانًا صديقًا أتبعه وأوده. لقد أضلَّني هذا الصديق عن القرآن بعد إذ جاءني. وكان الشيطان الرجيم خذولا للإنسان دائمًا. وفي هذه الآيات التحذير من مصاحبة قرين السوء؛ فإنه قد يكون سببًا لإدخال قرينه النار.
"لقد أضلني عن الذكر" وهو القرآن "بعد إذ جاءني" أي بعد بلوغه إلي قال الله تعالى "وكان الشيطان للإنسان خذولا" أي يخذله عن الحق ويصرفه عنه ويستعمله في الباطل ويدعوه إليه.
لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني أي يقول هذا النادم ; لقد أضلني من اتخذته في الدنيا خليلا عن القرآن والإيمان به . وقيل ; عن الذكر أي عن الرسول . وكان الشيطان للإنسان خذولا قيل ; هذا من قول الله لا من قول الظالم . وتمام الكلام على هذا عند قوله ; بعد إذ جاءني . والخذل ; الترك من الإعانة ، ومنه خذلان إبليس للمشركين لما ظهر لهم في صورة سراقة بن مالك ، فلما رأى الملائكة تبرأ منهم . وكل من صد عن سبيل الله وأطيع في معصية الله فهو شيطان للإنسان ، خذولا عند نزول العذاب والبلاء . ولقد أحسن من قال ;تجنب قرين السوء واصرم حباله فإن لم تجد عنه محيصا فداره وأحبب حبيب الصدق واحذر مراءهتنل منه صفو الود ما لم تماره وفي الشيب ما ينهى الحليم عن الصباإذا اشتعلت نيرانه في عذارهوقال آخر ;اصحب خيار الناس حيث لقيتهم خير الصحابة من يكون عفيفا[ ص; 27 ] والناس مثل دراهم ميزتها فوجدت منها فضة وزيوفاوفي الصحيح من حديث أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ; إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد ريحا طيبة ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد ريحا خبيثة لفظ مسلم . وأخرجه أبو داود من حديث أنس . وذكر أبو بكر البزار عن ابن عباس قال ; قيل يا رسول الله ، أي جلسائنا خير ؟ قال ; من ذكركم بالله رؤيته ، وزاد في علمكم منطقه ، وذكركم بالآخرة عمله . وقال مالك بن دينار ; إنك إن تنقل الأحجار مع الأبرار خير لك من أن تأكل الخبيص مع الفجار . وأنشد ;وصاحب خيار الناس تنج مسلما وصاحب شرار الناس يوما فتندما
حدثنا القاسم, قال; ثنا الحسين, قال; ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, مثله. وقوله; ( لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي ) يقول جلّ ثناؤه مخبرا عن هذا النادم على ما سلف منه في الدنيا, من معصية ربه في طاعة خليله; لقد أضلني عن الإيمان بالقرآن, وهو الذكر, بعد إذ جاءني من عند الله, فصدّني عنه، يقول الله; ( وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإنْسَانِ خَذُولا ) يقول; مسلما لما ينـزل به من البلاء غير منقذه ولا منجيه.
{ لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي } حيث زين له ما هو عليه من الضلال بخدعه وتسويله. { وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا } يزين له الباطل ويقبح له الحق، ويعده الأماني ثم يتخلى عنه ويتبرأ منه كما قال لجميع أتباعه حين قضي الأمر، وفرغ الله من حساب الخلق { وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ } الآية. فلينظر العبد لنفسه وقت الإمكان وليتدارك الممكن قبل أن لا يمكن، وليوال من ولايته فيها سعادته وليعاد من تنفعه عداوته وتضره صداقته. والله الموفق.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - الفرقان٢٥ :٢٩
Al-Furqan25:29