الرسم العثمانيوَمَآ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنذِرُونَ
الـرسـم الإمـلائـيوَمَاۤ اَهۡلَكۡنَا مِنۡ قَرۡيَةٍ اِلَّا لَهَا مُنۡذِرُوۡنَ
تفسير ميسر:
وما أهلكنا مِن قرية من القرى في الأمم جميعًا، إلا بعد أن نرسل إليهم رسلا ينذرونهم، تذكرة لهم وتنبيهًا على ما فيه نجاتهم، وما كنا ظالمين فنعذب أمة قبل أن نرسل إليها رسولا.
وقال تعالى; "وما يغني عنه ماله إذا تردى" ولهذا قال تعالى "ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون" وفي الحديث الصحيح "يؤتى بالكافر فيغمس في النار غمسة ثم يقال له هل رأيت خيرا قط ؟ هل رأت نعيما قط ؟ فيقول لا والله يارب ويؤتى بأشد الناس بؤسا كان في الدنيا فيصبغ في الجنة صبغة ثم يقال له هل رأيت بؤسا قط ؟ فيقول لا والله يارب" أي ما كان شيئا كان ولهذا كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتمثل بهذا البيت; كأنك لم تؤثر من الدهر ليلة إذا أنت أدركت الذي أنت تطلب ثم قال تعالى مخبرا عن عدله في خلقه أنه ما أهلك أمة من الأمم إلا بعد الإعذار إليهم والإنذار لهم وبعثهِ الرسل إليهم وقيام الحجة عليهم ولهذا قال تعالى "وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون ذكرى وما كنا ظالمين" كما قال تعالى; "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا" وقال تعالى "وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلو عليهم آياتنا" -إلى قوله - "وأهلها ظالمون".
وما أهلكنا من قرية ( من ) صلة ، المعنى ; وما أهلكنا قرية . إلا لها منذرون أي رسل .
يقول تعالى ذكره; (وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ) من هذه القرى التي وصفت في هذه السور (إِلا لَهَا مُنْذِرُونَ) يقول; إلا بعد إرسالنا إليهم رسلا ينذرونهم بأسنا على كفرهم وسخطنا عليهم.(ذِكْرَى) يقول; إلا لها منذرون ينذرونهم, تذكرة لهم وتنبيها لهم على ما فيه النجاة لهم من عذابنا. ففي الذكرى وجهان من الإعراب; أحدهما النصب على المصدر من الإنذار على ما بيَّنْتُ, والآخر; الرفع على الابتداء (1) كأنه قيل; ذكرى.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.------------------------الهوامش ;(1) يجوز أن يكون قوله تعالى (ذكرى) مرفوعًا على الابتداء والخبر محذوف، أي ذكرى لهم. ويجوز أن يكون مرفوعًا على أنه خبر عن مبتدأ، تقديره; "هم" أي المنذرون، ذكرى لهم..
يخبر تعالى عن كمال عدله, في إهلاك المكذبين, وأنه ما أوقع بقرية, هلاكا وعذابا, إلا بعد أن يعذر بهم, ويبعث فيهم النذر بالآيات البينات, ويدعونهم إلى الهدى, وينهونهم عن الردى, ويذكرونهم بآيات الله, وينبهونهم على أيامه في نعمه ونقمه.
(الواو) استئنافيّة
(ما) نافية
(قرية) مجرور لفظا منصوب محلا مفعول به
(إلّا) للحصر
(لها) متعلّق بخبر مقدّم للمبتدأ
(منذرون) .
جملة: «ما أهلكنا ... » لا محلّ لها استئنافيّة.وجملة: «لها منذرون ... » في محلّ نصب حال من قرية- أو نعت لها-
(209)
(ذكرى) مفعول لأجله عامله منذرون ،
(الواو) عاطفة- أو حاليّة-
(ما) نافية.
وجملة: «ما كنّا ظالمين» معطوفة على جملة لها منذرون أو حاليّة من الضمير في(لها) .
- القرآن الكريم - الشعراء٢٦ :٢٠٨
Asy-Syu'ara'26:208