وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ
وَمَكَرُوۡا مَكۡرًا وَّمَكَرۡنَا مَكۡرًا وَّهُمۡ لَا يَشۡعُرُوۡنَ
تفسير ميسر:
ودبَّروا هذه الحيلة لإهلاك صالح وأهله مكرًا منهم، فنصرنا نبينا صالحًا عليه السلام، وأخذناهم بالعقوبة على غِرَّة، وهم لا يتوقعون كيدنا لهم جزاءً على كيدهم.
قال قتادة تواثقوا على أن يأخذوه ليلا فيقتلوه وذكر لنا أنهم بينما هم معانيق إلى صالح ليفتكوا به إذ بعث الله عليهم صخرة فأهمدتهم.
قوله تعالى ; ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون مكرهم ما روي أن هؤلاء التسعة لما كان في صدر الثلاثة الأيام بعد عقر الناقة ، وقد أخبرهم صالح بمجيء العذاب ، اتفقوا وتحالفوا على أن يأتوا دار صالح ليلا ويقتلوه وأهله المختصين به ; قالوا ; فإذا كان كاذبا في وعيده أوقعنا به ما يستحق ، وإن كان صادقا كنا عجلناه قبلنا ، وشفينا نفوسنا ; قاله مجاهد وغيره . قال ابن عباس ; أرسل الله تعالى الملائكة تلك الليلة ، فامتلأت بهم دار صالح ، فأتى التسعة دار صالح شاهرين سيوفهم ، فقتلتهم الملائكة رضخا بالحجارة فيرون الحجارة ولا يرون من يرميها . وقال قتادة ; خرجوا مسرعين إلى صالح ، فسلط عليهم ملك بيده صخرة فقتلهم . وقال السدي ; نزلوا على جرف من الأرض ، فانهار بهم فأهلكهم الله تحته . وقيل ; اختفوا في غار قريب من دار صالح ، فانحدرت عليهم صخرة شدختهم جميعا ، فهذا ما كان من مكرهم . ومكر الله مجازاتهم على ذلك .
يقول تعالى ذكره; وغدر هؤلاء التسعة الرهط الذين يفسدون في الأرض بصالح بمصيرهم إليه ليلا ليقتلوه وأهله, وصالح لا يشعر بذلك (وَمَكَرْنَا مَكْرًا ) يقول; فأخذناهم بعقوبتنا إياهم, وتعجيلنا العذاب لهم (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ) بمكرنا.وقد بيَّنا فيما مضى معنى; مكر الله، بمن مكر به, وما وجه ذلك, وأنه أخذه من أخذه منهم على غرّة, أو استدراجه منهم من استدرج على كفره به, ومعصيته إياه, ثم إحلاله العقوبة به على غرّة وغفلة,وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.*ذكر من قال ذلك;حدثنا محمد بن بشار, قال; ثنا مؤمل, قال; ثنا سفيان, عن الأعمش, عن شمر بن عطية, عن رجل, عن عليّ, قال; المكر غدر, والغدر كفر.حدثني يونس, قال; أخبرنا ابن وهب, قال; قال ابن زيد, في قوله; (وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا ) قال; احتالوا لأمرهم, واحتال الله لهم, مكروا بصالح مكرا, ومكرنا بهم مكرا(وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ) بمكرنا وشعرنا بمكرهم, قالوا; زعم صالح أنه يفرغ منا إلى ثلاث فنحن نفرغ منه وأهله قبل ذلك, وكان له مسجد في الحجر في شعب يصلي فيه, فخرجوا إلى كهف وقالوا; إذا جاء يصلي قتلناه, ثم رجعنا إذا فرغنا منه إلى أهله, ففرغنا منهم, وقرأ قول الله تبارك وتعالى; قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ فبعث الله صخرة من الهضب حيالهم, فخشوا أن تشدخهم, فبادروا الغار, فطبقت الصخرة عليهم فم ذلك الغار, فلا يدري قومهم أين هم؟ ولا يدرون ما فعل بقومهم، فعذّب الله تبارك وتعالى هؤلاء هاهنا, وهؤلاء هنا, وأنجى الله صالحا ومن معه.حدثنا القاسم, قال; ثنا الحسين, قال; ثنا أبو سفيان, عن معمر, عن قَتادة; (وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا ) قال; فسلط الله عليهم صخرة فقتلتهم.
وَمَكَرُوا مَكْرًا دبروا أمرهم على قتل صالح وأهله على وجه الخفية حتى من قومهم خوفا من أوليائه وَمَكَرْنَا مَكْرًا بنصر نبينا صالح عليه السلام وتيسير أمره وإهلاك قومه المكذبين وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ
(مكرا) مفعول مطلق منصوب في الموضعين للفعلين
(الواو) حاليّة
(لا) نافية.
وجملة: «مكروا ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «مكرنا ... » لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: «هم لا يشعرون» في محلّ نصب حال.
وجملة: «لا يشعرون» في محلّ رفع خبر المبتدأ
(هم) .
(51)
(الفاء) استئنافيّة
(كيف) اسم استفهام مبنيّ في محلّ نصب خبر كان
(أنّا) حرف مشبّه بالفعل واسمه
(الواو) عاطفة
(قومهم) معطوف على الضمير المفعول في(دمّرناهم) ،
(أجمعين) توكيد معنوي للضمير والقوم، منصوب وعلامة النصب الياء .
وجملة: «انظر ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «كان عاقبة..» في محلّ نصب مفعول انظر المعلّق بالاستفهام كيف.
وجملة: «دمّرناهم ... » في محلّ رفع خبر أنّا.
والمصدر المؤوّلـ (أنّا دمّرناهم ... ) في محلّ جرّ بحرف جرّ محذوف متعلّق بعاقبة أي بأنا دمّرناهم «2» .(52)
(الفاء) عاطفة
(تلك) اسم إشارة مبتدأ خبره بيوتهم
(خاوية) حال منصوبة من البيوت والعامل الإشارة
(بما) متعلّق بخاوية، والباء سببيّة، وما حرف مصدريّ
(في ذلك) متعلّق بخبر إنّ
(اللام) لام الابتداء للتوكيد
(آية) اسم إنّ منصوبـ (لقوم) متعلّق بآية بمعنى عظة وعبرة.
وجملة: «تلك بيوتهم ... » في محلّ نصب معطوفة على جملة كان عاقبة .
وجملة: «ظلموا ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(ما) .
وجملة: «إنّ في ذلك لآية ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: «يعلمون ... » في محلّ جرّ نعت لقوم.
(53)
(الواو) عاطفة في الموضعين
(الذين) موصول مفعول به في محلّ نصب.
وجملة: «أنجينا ... » في محلّ نصب معطوفة على جملة تلك بيوتهم.
وجملة: «آمنوا ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) .
وجملة: «كانوا يتّقون» لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة: «يتّقون» في محلّ نصب خبر كانوا.