الرسم العثمانيأَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا ءَامِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ ۚ أَفَبِالْبٰطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ
الـرسـم الإمـلائـياَوَلَمۡ يَرَوۡا اَنَّا جَعَلۡنَا حَرَمًا اٰمِنًا وَّيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنۡ حَوۡلِهِمۡ ؕ اَفَبِالۡبَاطِلِ يُؤۡمِنُوۡنَ وَبِنِعۡمَةِ اللّٰهِ يَكۡفُرُوۡنَ
تفسير ميسر:
أولم يشاهد كفار "مكة" أن الله جعل "مكة" لهم حَرَمًا آمنًا يأمن فيه أهله على أنفسهم وأموالهم، والناسُ مِن حولهم خارج الحرم، يُتَخَطَّفون غير آمنين؟ أفبالشرك يؤمنون، وبنعمة الله التي خصَّهم بها يكفرون، فلا يعبدونه وحده دون سواه؟
يقول تعالى ممتنا على قريش فيما أحلهم من حرمه الذي جعله للناس سواء العاكف فيه والباد ومن دخله كان آمنا فهم في أمن عظيم والأعراب حوله ينهب بعضهم بعضا ويقتل بعضهم بعضا كما قال تعالى "لإيلاف قريش" إلى آخر السورة. وقوله تعالى "أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون" أي أفكان شكرهم على هذه النعمة العظيمة أن أشركوا به وعبدوا معه غيره من الأصنام والأنداد و "بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار" فكفروا بنبي الله وعبده ورسوله فكان اللائق بهم إخلاص العبادة لله وأن لا يشركوا به وتصديق الرسول وتعظيمه وتوقيره فكذبوه فقاتلوه فأخرجوه من بين ظهرهم ولهذا سلبهم الله تعالى ما كان أنعم به عليهم وقتل من قتل منهم ببدر ثم صارت الدولة لله ولرسوله وللمؤمنين ففتح الله على رسوله مكة وأرغم آنافهم وأذل رقابهم.
قوله تعالى ; أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا قال عبد الرحمن بن زيد ; هي مكة وهم قريش أمنهم الله تعالى فيها . ويتخطف الناس من حولهم قال الضحاك ; يقتل بعضهم بعضا ويسبي بعضهم بعضا والخطف الأخذ بسرعة وقد مضى في ( القصص ) وغيرها فأذكرهم الله عز وجل هذه النعمة ; ليذعنوا له بالطاعة ; أي جعلت لهم حرما آمنا أمنوا فيه من السبي والغارة والقتل . وخلصتهم في البر كما خلصتهم في البحر فصاروا يشركون في البر ولا يشركون في البحر ! فهذا تعجب من تناقض أحوالهم . أفبالباطل يؤمنون قال قتادة ; أفبالشرك . وقال يحيى بن سلام ; أفبإبليس . وبنعمة الله يكفرون قال ابن عباس ; أفبعافية الله . وقال ابن شجرة ; أفبعطاء الله وإحسانه وقال ابن سلام ; أفبما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم .[ ص; 336 ] من الهدى . وحكى النقاش ; أفبإطعامهم من جوع وأمنهم من خوف يكفرون ؟ وهذا تعجب وإنكار خرج مخرج الاستفهام .
وقوله; ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا ) يقول تعالى ذكره، مذكرا هؤلاء المشركين من قريش، القائلين; لولا أنـزل عليه آية من ربه، نِعْمَتَه عليهم التي خصهم بها دون سائر الناس غيرهم، مع كفرهم بنعمته وإشراكهم في عبادته الآلهة والأنداد; أولم ير هؤلاء المشركون من قريش، ما خصصناهم به من نعمتنا عليهم، دون سائر عبادنا، فيشكرونا على ذلك، وينـزجروا عن كفرهم بنا، وإشراكهم ما لا ينفعنا، ولا يضرّهم في عبادتنا أنا جعلنا بلدهم حرما، حرّمنا على الناس أن يدخلوه بغارة أو حرب، آمنا يأمن فيه من سكنه، فأوى إليه من السباء، والخوف، والحرام الذي لا يأمنه غيرهم من الناس، ( وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ ) يقول; وتُسْلَب الناس من حولهم قتلا وسباء.كما حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قَتادة، في قوله; ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ ) قال; كان لهم في ذلك آية، أن الناس يُغزَون ويُتَخَطَّفون وهم آمنون.وقوله; ( أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ ) يقول; أفبالشرك بالله يقرّون بألوهة الأوثان بأن يصدّقوا، وبنعمة الله التي خصهم بها من أن جعل بلدهم حرما آمنا يكفرون، يعني بقوله; (يكفرون); يجحدون.كما حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قَتادة، قوله; (أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُون ); أي بالشرك ( وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ ); أي يجحدون.
ثم امتن عليهم بحرمه الآمن، وأنهم أهله في أمن وسعة ورزق، والناس من حولهم يتخطفون ويخافون، أفلا يعبدون الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف.{ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ } وهو ما هم عليه من الشرك، والأقوال، والأفعال الباطلة. { وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ } هم { يَكْفُرُونَ } فأين ذهبت عقولهم، وانسلخت أحلامهم حيث آثروا الضلال على الهدى، والباطل على الحق، والشقاء على السعادة، وحيث كانوا أظلم الخلق.
(الهمزة) للاستفهام الإنكاريّ
(الواو) عاطفة
(أنّا) حرف مشبّه بالفعل واسمه
(حرما) مفعول به ثان.. والمفعول الأول محذوف أي بلدهم أو مكّة
(الواو) واو الحالـ (الناس) نائب الفاعل مرفوع(من حولهم) متعلّق بـ (يتخطّف) ،
(الهمزة) مثل الأولى
(الفاء) عاطفة
(بالباطل) متعلّق بـ (يؤمنون) ،
(بنعمة) متعلّق بـ (يكفرون) .
جملة: «لم يروا ... » لا محلّ لها معطوفة على استئناف مقدّر أي: أغفلوا ولم يروا ...وجملة: «جعلنا ... » في محلّ رفع خبر أنّ.
والمصدر المؤوّلـ (أنّا جعلنا ... ) في محلّ نصب سدّ مسدّ مفعولي يروا.
وجملة: «يتخطّف الناس ... » في محلّ نصب حال.
وجملة: «يؤمنون..» لا محلّ لها معطوفة على جملة لم يروا.
وجملة: «يكفرون..» لا محلّ لها معطوفة على جملة يؤمنون.
(68)
(الواو) عاطفة
(من) اسم استفهام في محلّ رفع مبتدأ خبره
(أظلم) ،
(ممّن) متعلّق بأظلم
(على الله) متعلّق بـ (افترى) ،
(كذبا) مفعول به منصوب ،
(بالحقّ) متعلّق بـ (كذّب) ،
(لمّا جاءه) مثل لمّا نجّاهم
(الهمزة) للاستفهام التقريريّ لأنها دخلت على نفي وإن كان فيها معنى الإنكار في الأصلـ (في جهنّم) متعلّق بخبر ليس
(مثوى) اسم ليس مؤخّر مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة
(للكافرين) متعلّق بنعت لمثوى ...وجملة: «من أظلم....» لا محلّ لها معطوفة على جملة الاستئناف أغفلوا..
وجملة: «افترى ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (من) .
وجملة: «كذّب ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة: «جاءه ... » في محلّ جرّ مضاف إليه ... وجواب الشرط محذوف دلّ عليه ما قبله.
وجملة: «ليس في جهنّم مثوى..» لا محلّ لها استئنافيّة.
- القرآن الكريم - العنكبوت٢٩ :٦٧
Al-'Ankabut29:67