الرسم العثمانيقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِى الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عٰقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ
الـرسـم الإمـلائـيقَدۡ خَلَتۡ مِنۡ قَبۡلِكُمۡ سُنَنٌ ۙ فَسِيۡرُوۡا فِى الۡاَرۡضِ فَانۡظُرُوۡا كَيۡفَ كَانَ عَاقِبَةُ الۡمُكَذِّبِيۡنَ
تفسير ميسر:
يخاطب الله المؤمنين لـمَّا أُصيبوا يوم "أُحد" تعزية لهم بأنه قد مضت من قبلكم أمم، ابتُلي المؤمنون منهم بقتال الكافرين فكانت العاقبة لهم، فسيروا في الأرض معتبرين بما آل إليه أمر أولئك المكذبين بالله ورسله.
يقول تعالى مخاطبا عباده المؤمنين لما أصيبوا يوم أحد وقتل منهم سبعون "قد خلت من قبلكم سنن" أي قد جرى نحو هذا على الأمم الذين كانوا من قبلكم من أتباع الأنبياء ثم كانت العاقبة لهم والدائرة على الكافرين ولهذا قال تعالى "فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين".
قوله تعالى ; قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبينهذا تسلية من الله تعالى للمؤمنين ، والسنن جمع سنة وهي الطريق المستقيم . وفلان على السنة أي على طريق الاستواء لا يميل إلى شيء من الأهواء ، قال الهذلي ;فلا تجزعن من سنة أنت سرتها فأول راض سنة من يسيرهاوالسنة ; الإمام المتبع المؤتم به ، يقال ; سن فلان سنة حسنة وسيئة إذا عمل عملا اقتدي به فيه من خير أو شر ، قال لبيد ;من معشر سنت لهم آباؤهم ولكل قوم سنة وإمامهاوالسنة الأمة ، والسنن الأمم ; عن المفضل . وأنشد ;ما عاين الناس من فضل كفضلهم ولا رأوا مثلهم في سالف السننوقال الزجاج ; والمعنى أهل سنن ، فحذف المضاف . وقال أبو زيد ; أمثال . عطاء ; شرائع . مجاهد ; المعنى قد خلت من قبلكم سنن يعنى بالهلاك فيمن كذب قبلكم كعاد وثمود . والعاقبة ; آخر الأمر ، وهذا في يوم أحد . يقول فأنا أمهلهم وأملي لهم وأستدرجهم حتى يبلغ الكتاب أجله ، يعني بنصرة النبي - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين وهلاك أعدائهم الكافرين .
القول في تأويل قوله ; أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (136)قال أبو جعفر; يعني تعالى ذكره بقوله; " أولئك "، الذين ذكر أنه أعد لهم الجنة التي عرضها السموات والأرض، من المتقين، ووصفهم بما وصفهم به. ثم قال; هؤلاء الذين هذه صفتهم =" جزاؤهم "، يعني ثوابهم من أعمالهم التي وصَفهم تعالى ذكره أنهم عملوها، (33) = " مغفرة من ربهم "، يقول; عفوٌ لهم من الله عن عقوبتهم على ما سلف من ذنوبهم، ولهم على ما أطاعوا الله فيه من أعمالهم بالحسن منها =" جنات "، وهي البساتين (34) = " تجري من تحتها الأنهار "، يقول; تجري خلال أشجارها الأنهار وفي أسافلها، جزاء لهم على صالح أعمالهم (35) = " خالدين فيها " يعني; دائمي المقام في هذه الجنات التي وصفها =" ونعم أجر العاملين "، يعني; ونعم جزاء العاملين لله، الجنات التي وصفها، كما;-7866- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق; " أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين "، أي ثواب المطيعين. (36)----------------------الهوامش ;(33) انظر تفسير; "الجزاء" فيما سلف 2; 27 ، 28 ، 314 / 6; 576.(34) انظر تفسير; "الجنات" فيما سلف 1; 384 / 5 ; 535 ، 542.(35) انظر تفسير; "تجري من تحتها الأنهار" فيما سلف 5; 542.(36) الأثر; 7866- سيرة ابن هشام 3; 116 ، وهو تتمة الآثار التي آخرها; 7865.
وهذه الآيات الكريمات، وما بعدها في قصة \"أحد\" يعزي تعالى عباده المؤمنين ويسليهم، ويخبرهم أنه مضى قبلهم أجيال وأمم كثيرة، امتحنوا، وابتلي المؤمنون منهم بقتال الكافرين، فلم يزالوا في مداولة ومجاولة، حتى جعل الله العاقبة للمتقين، والنصر لعباده المؤمنين، وآخر الأمر حصلت الدولة على المكذبين، وخذلهم الله بنصر رسله وأتباعهم. { فسيروا في الأرض } بأبدانكم وقلوبكم { فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين } فإنكم لا تجدونهم إلا معذبين بأنواع العقوبات الدنيوية، قد خوت ديارهم، وتبين لكل أحد خسارهم، وذهب عزهم وملكهم، وزال بذخهم وفخرهم، أفليس في هذا أعظم دليل، وأكبر شاهد على صدق ما جاءت به الرسل؟\" وحكمة الله التي يمتحن بها عباده، ليبلوهم ويتبين صادقهم من كاذبهم
(قد) حرف تحقيق
(خلت) فعل ماض.. والتاء للتأنيث
(من قبل) جارّ ومجرور متعلّق بـ (خلت) ، و (كم) ضمير مضاف إليه
(سنن) فاعل مرفوع
(الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر
(سيروا) فعل أمر مبنيّ على حذف النون.. والواو فاعلـ (في الأرض) جارّ ومجرور متعلّق بـ (سيروا) ،
(الفاء) عاطفة
(انظروا) مثل سيروا
(كيف) اسم استفهام مبنيّ في محلّ نصب خبر مقدّم
(كان) فعل ماض ناقص
(عاقبة) اسم كان مرفوع
(المكذّبين) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الياء.
جملة: «خلت سنن..» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «سيروا..» جواب شرط مقدّر أي: إن شككتم فسيروا.
وجملة: «انظروا..» معطوفة على جملة سيروا..
وجملة: «كان عاقبة المكذّبين» في محلّ نصب مفعول به لفعل انظروا المعلّق بالاستفهام
(كيف) ، وهذا المفعول مقيّد بالجار .
- القرآن الكريم - آل عمران٣ :١٣٧
Ali 'Imran3:137