الرسم العثمانيفَمَن تَوَلّٰى بَعْدَ ذٰلِكَ فَأُولٰٓئِكَ هُمُ الْفٰسِقُونَ
الـرسـم الإمـلائـيفَمَنۡ تَوَلّٰى بَعۡدَ ذٰ لِكَ فَاُولٰٓٮِٕكَ هُمُ الۡفٰسِقُوۡنَ
تفسير ميسر:
فمن أعرض عن دعوة الإسلام بعد هذا البيان وهذا العهد الذي أخذه الله على أنبيائه، فأولئك هم الخارجون عن دين الله وطاعة ربهم.
" فمن تولى بعد ذلك "أي عن هذا العهد والميثاق"فأولئك هم الفاسقون". قال علي بن أبي طالب وابن عمه ابن عباس رضي الله عنهما ما بعث الله نبيا من الأنبياء إلا أخذ عليه الميثاق لئن بعث الله محمدا وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه وأمره أن يأخذ الميثاق على أمته لئن بعث محمد وهم أحياء ليؤمنن به ولينصرنه. وقال طاووس والحسن البصري وقتادة;أخذ الله ميثاق النبيين أن يصدق بعضهم بعضا وهذا لا يضاد ما قاله علي وابن عباس ولا ينفيه بل يستلزمه ويقتضيه ولهذا روى عبدالرزاق عن معمر عن ابن طاووس عن أبيه مثل قول على وابن عباس وقد قال الإمام أحمد حدثنا عبدالرزاق أنبأنا سفيان عن جابر عن الشعبي عن عبدالله بن ثابت قال; جاء عمر إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال; يا رسول الله إني أمرت بأخ لي يهودي من قريظة فكتب لي جوامع من التوراة ألا أعرضها عليك؟ قال; فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عبدالله بن ثابت قلت له ألا ترى ما بوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال عمر; رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا قال; فسرى عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال " والذي نفسي بيده لو أصبح فيكم موسى عليه السلام ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم إنكم حظي من الأمم وأنا حظكم من النبيين" " حديث آخر" قال الحافظ أبو يعلى حدثنا إسحق حدثنا حماد عن الشعبي عن جابر قال; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا وإنكم إما أن تصدقوا بباطل وإما أن تكذبوا بحق وإنه والله لو كان موسى حيا بين أظهركم ما حل له إلا أن يتبعني" وفي بعض الأحاديث "لو كان موسى وعيسى حين لما وسعهما إلا اتباعي" فالرسول محمد خاتم الأنبياء صلوات الله وسلامه عليه دائما إلى يوم الدين هو الإمام الأعظم الذي لو وجد في أي عصر وجد لكان هو الواجب الطاعة المقدم على الأنبياء كلهم ولهذا كان إمامهم ليلة الإسراء لما اجتمعوا ببيت المقدس; وكذلك هو الشفيع في المحشر في إتيان الرب جل جلاله لفصل القضاء بين عباده وهو المقام المحمود الذي لا يليق إلا له والذي يحيد عنه أولو العزم من الأنبياء والمرسلين حتى تنتهى النوبة إليه فيكون هو المخصوص به صلوات الله وسلامه عليه.
قوله تعالى ; فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون " من " شرط . فمن تولى من أمم الأنبياء عن الإيمان بعد أخذ الميثاق فأولئك هم الفاسقون أي الخارجون عن الإيمان . والفاسق الخارج . وقد تقدم .
القول في تأويل قوله ; فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (82)قال أبو جعفر; يعني بذلك جل ثناؤه; فمن أعرَض عن الإيمان برسلي الذين أرسلتهم بتصديق ما كان مع أنبيائي من الكتب والحكمة، وعن نصرتهم، فأدبر ولم يؤمن بذلك، ولم ينصر، ونكث عهدَه وميثاقه =" بعد ذلك "، يعني بعد العهد والميثاق الذي أخذَه الله عليه =" فأولئك هم الفاسقون "، يعني بذلك; أن المتولين عن الإيمان بالرسل الذين وصف أمرَهم، ونُصرتهم بعد العهد والميثاق اللذين أخذَا عليهم بذلك =" هم الفاسقون "، يعني بذلك; الخارجون من دين الله وطاعة ربهم، (51)كما;-7339 - حدثنا المثنى قال حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن هاشم قال، أخبرنا سيف بن عمر، عن أبي روق، عن أبي أيوب، عن علي بن أبي طالب; فمن تولى عنك، يا محمد، بعد هذا العهد من جميع الأمم =" فأولئك هم الفاسقون "، هم العاصون في الكفر.7340 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه = قال أبو جعفر; يعني الرازي = (52) " فمن تولى بعد ذلك " يقول; بعد العهد والميثاق الذي أخذَ عليهم =" فأولئك هم الفاسقون ".&; 6-563 &;7341 - حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر، [عن أبيه]، عن الربيع مثله. (53)* * *قال أبو جعفر; وهاتان الآيتان، وإن كان مَخرَج الخبر فيهما من الله عز وجل بما أخبر أنه أشهدَ وأخذَ به ميثاقَ منْ أخذَ ميثاقه به، عن أنبيائه ورسله، (54) فإنه مقصودٌ به إخبارُ من كان حوالَي مهاجَر رسول الله صلى الله عليه وسلم من يهود بني إسرائيل أيام حياته صلى الله عليه وسلم، عَمَّا لله عليهم من العهد في الإيمان بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم = (55) ومعنيٌّ [به] تذكيرُهم ما كان الله آخذًا على آبائهم وأسلافهم من المواثيق والعهود، وما كانت أنبياءُ الله عرَّفتهم وتقدّمت إليهم في تصديقه واتباعه ونُصرته على من خالفه وكذبه = وتعريفهم ما في كتب الله، التي أنـزلها إلى أنبيائه التي ابتعثها إليهم، من صفته وعلامته.-----------الهوامش ;(51) انظر تفسير"تولى" و"الفاسقون" فيما سلف من فهارس اللغة (ولى) و (فسق).(52) قوله; "قال أبو جعفر" فيما بين الخطين ، هو أبو جعفر الطبري صاحب هذا التفسير. وقوله"يعني الرازي" ، يعني"أبا جعفر الرازي" الذي قال في الإسناد"حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه". وبيان الطبري في هذا الموضع عن"أبي جعفر الرازي" بعد أن مضى مئات من المرات في هذا الإسناد وغيره من الأسانيد ، دليل على أن أبا جعفر الطبري ، قد كتب تفسيره هذا على فترات متباعدة = أو لعل أحدًا سأله وهو يملي تفسيره ، فبين له ، وأثبته الذين سمعوه منه كما قاله في مجلسه ذاك. وقد مضى"ذكر أبي جعفر الرازي" في التعليق على الأثر رقم; 164.(53) الأثر; 7341- هذا إسناد دائر في التفسير ، أقربه رقم; 7234 ، أسقط منه الناسخ"عن أبيه" ، فوضعتها بين القوسين في مكانها.(54) السياق; وإن كان مخرج الخبر... عن أنبيائه ورسله ، فإن مقصود به...(55) في المطبوعة والمخطوطة; "ومعنى تذكيرهم..." ، والصواب الراجح زيادة ما زدت بين القوسين. وسياق هذه الجملة وما بعدها; فإنه مقصود به إخبار من كان حوالي مهاجر رسول الله... ومعنى به تذكيرهم... وتعريفهم ما في كتب الله... من صفته وعلامته". فصلتها لتسهل قراءتها وتتبعها.
{ فأولئك هم الفاسقون } فعلى هذا كل من ادعى أنه من أتباع الأنبياء كاليهود والنصارى ومن تبعهم، فقد تولوا عن هذا الميثاق الغليظ، واستحقوا الفسق الموجب للخلود في النار إن لم يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم.
(الفاء) استئنافيّة
(من) اسم شرط جازم مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ
(تولّى) فعل ماض مبنيّ على الفتح المقدّر على الألف في محلّ جزم فعل الشرط.. والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (بعد) ظرف زمان منصوب متعلّق بـ (تولّى) ،
(ذا) اسم إشارة مبنيّ في محلّ جرّ مضاف إليه و (اللام) للبعد و (الكاف) للخطابـ (الفاء) رابطة لجواب الشرط
(أولاء) اسم إشارة مبنيّ على الكسر في محلّ رفع مبتدأ
(هم) ضمير فصل لتأكيد صفة الخبر في الفاسقين
(الفاسقون) خبر المبتدأ أولئك وعلامة الرفع الواو.
جملة: «من تولّى ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «تولّى بعد ذلك» في محلّ رفع خبر المبتدأ من » .
وجملة: «أولئك..» الفاسقون في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
- القرآن الكريم - آل عمران٣ :٨٢
Ali 'Imran3:82