الرسم العثمانيفَانظُرْ إِلٰىٓ ءَاثٰرِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْىِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَآ ۚ إِنَّ ذٰلِكَ لَمُحْىِ الْمَوْتٰى ۖ وَهُوَ عَلٰى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ
الـرسـم الإمـلائـيفَانْظُرۡ اِلٰٓى اٰثٰرِ رَحۡمَتِ اللّٰهِ كَيۡفَ يُحۡىِ الۡاَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَا ؕ اِنَّ ذٰ لِكَ لَمُحۡىِ الۡمَوۡتٰى ۚ وَهُوَ عَلٰى كُلِّ شَىۡءٍ قَدِيۡرٌ
تفسير ميسر:
فانظر -أيها المشاهد- نظر تأمل وتدبر إلى آثار المطر في النبات والزروع والشجر، كيف يحيي به الله الأرض بعد موتها، فينبتها ويعشبها؟ إن الذي قَدَر على إحياء هذه الأرض لمحيي الموتى، وهو على كل شيء قدير لا يعجزه شيء.
قال تعالى "فانظر إلى آثار رحمة الله" يعني المطر "كيف يحيى الأرض بعد موتها" ثم نبه بذلك على إحياء الأجساد بعد موتها وتفرقها وتمزقها فقال تعالى "إن ذلك لمحيى الموتى" أي إن الذي فعل ذلك لقادر على إحياء الأموات "إنه على كل شيء قدير".
قوله تعالى ; فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيي الأرض بعد موتها إن ذلك لمحيي الموتى وهو على كل شيء قدير .قوله تعالى ; فانظر إلى آثار رحمة الله يعني المطر ; أي انظروا نظر استبصار واستدلال ; أي استدلوا بذلك على أن من قدر عليه قادر على إحياء الموتى . وقرأ ابن عامر وحفص وحمزة والكسائي ; ( آثار ) بالجمع . الباقون بالتوحيد ; لأنه مضاف إلى مفرد . والأثر فاعل ( يحيي ) ويجوز أن يكون الفاعل اسم الله عز وجل . ومن قرأ ; ( آثار ) بالجمع فلأن رحمة الله يجوز أن يراد بها الكثرة ; كما قال تعالى ; وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها . وقرأ الجحدري وأبو حيوة وغيرهما ; ( كيف تحيي الأرض ) بتاء ; ذهب بالتأنيث إلى لفظ الرحمة ; لأن أثر الرحمة يقوم مقامها فكأنه هو الرحمة ; أي كيف تحيي الرحمة الأرض أو الآثار . ( يحيي ) أي يحيي الله عز وجل أو المطر أو الأثر فيمن قرأ بالياء . و كيف يحيي الأرض في موضع نصب على الحال على الحمل على المعنى لأن اللفظ لفظالاستفهام والحال خبر ; والتقدير ; فانظر إلى أثر رحمة الله محيية للأرض بعد موتها . إن ذلك لمحيي الموتى وهو على كل شيء قدير استدلال بالشاهد على الغائب .
القول في تأويل قوله تعالى ; فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (50)اختلفت القرّاء في قوله; (فانْظُرْ إلَى آثارِ رَحْمَةِ اللهِ) فقرأته عامة قرّاء أهل المدينة &; 20-116 &; والبصرة، وبعض الكوفيين; (إلَى أَثَرِ رَحْمَةِ اللهِ) على التوحيد، بمعنى; فانظر يا محمد إلى أثر الغيث الذي أصاب الله به من أصاب من عباده، كيف يحيي ذلك الغيث الأرض من بعد موتها. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة; (فَانْظُرْ إلى آثارِ رَحْمَةِ اللهِ) على الجماع، بمعنى; فانظر إلى آثاء الغيث الذي أصاب الله به من أصاب، كيف يحيي الأرض بعد موتها.والصواب من القول فى ذلك، أنهما قراءتان مشهورتان في قراءة الأمصار، متقاربتا المعنى، وذلك أن الله إذا أحيا الأرض بغيث أنـزله عليها، فإن الغيث أحياها بإحياء الله إياها به، وإذا أحياها الغيث، فإن الله هو المحيي به، فبأي القراءتين قرأ القارئ فمصيب. فتأويل الكلام إذًا; فانظر يا محمد، إلى آثار الغيث الذي ينـزل الله من السحاب، كيف يحيي بها الأرض الميتة، فينبتها ويعشبها، من بعد موتها ودثورها، (إنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي المَوْتَى). يقول جلّ ذكره; إن الذي يحيي هذه الأرض بعد موتها بهذا الغيث، لمحيي الموتى من بعد موتهم، وهو على كلّ شيء مع قدرته على إحياء الموتى قدير، لا يعزّ عليه شيء أراده، ولا يمتنع عليه فعل شيء شاءه سبحانه.
{ فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا } فاهتزت وربت وأنبتت من كل زوج كريم.{ إِنَّ ذَلِكَ } الذي أحيا الأرض بعد موتها { لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } فقدرته تعالى لا يتعاصى عليها شيء وإن تعاصى على قدر خلقه ودق عن أفهامهم وحارت فيه عقولهم.
(الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر
(إلى آثار) متعلّق بـ (انظر) ،
(كيف) اسم استفهام في محلّ نصب حال عامله يحيي
(بعد) ظرف منصوب متعلّق بـ (يحيي) ، والإشارة في(ذلك) إلى محيي الأرض وهو الله،
(اللام) المزحلقة
(الواو) عاطفة
(على كلّ) متعلّق بالخبر قدير.
جملة: «انظر ... » في محلّ جزم جواب شرط مقدّر أي: إن أرسل الله الرياح فانظر إلى آثار ...وجملة: «يحيي الأرض ... » في محلّ نصب حال من لفظ الجلالة .
وجملة: «إنّ ذلك لمحيي ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: «هو ... قدير» لا محلّ لها معطوفة على جملة إنّ ذلك لمحيي....
- القرآن الكريم - الروم٣٠ :٥٠
Ar-Rum30:50