يٰٓأَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَآءُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِىُّ الْحَمِيدُ
يٰۤاَيُّهَا النَّاسُ اَنۡتُمُ الۡفُقَرَآءُ اِلَى اللّٰهِۚ وَاللّٰهُ هُوَ الۡغَنِىُّ الۡحَمِيۡدُ
تفسير ميسر:
يا أيها الناس أنتم المحتاجون إلى الله في كل شيء، لا تستغنون عنه طرفة عين، وهو سبحانه الغنيُّ عن الناس وعن كل شيء من مخلوقاته، الحميد في ذاته وأسمائه وصفاته، المحمود على نعمه؛ فإن كل نعمة بالناس فمنه، فله الحمد والشكر على كلِّ حال.
يخبر تعالى بغنائه عما سواه وبافتقار المخلوقات كلها إليه وتذللها بين يديه فقال تعالى; "يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله" أي هم محتاجون إليه في جميع الحركات والسكنات وهو تعالى الغني عنهم بالذات ولهذا قال عز وجل "والله هو الغني الحميد" أي هو المنفرد بالغنى وحده لا شريك له وهو الحميد في جميع ما يفعله ويقوله ويقدره ويشرعه.
قوله تعالى ; يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد .قوله تعالى ; يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله أي المحتاجون إليه في بقائكم وكل أحوالكم . الزمخشري ; فإن قلت لم عرف الفقراء ؟ قلت ; قصد بذلك أن يريهم أنهم لشدة افتقارهم إليه هم جنس الفقراء ، وإن كانت الخلائق كلهم مفتقرين إليه من الناس وغيرهم ؛ لأن الفقر مما يتبع الضعف ، وكلما كان الفقير أضعف كان أفقر وقد شهد الله سبحانه على الإنسان بالضعف في قوله ; وخلق الإنسان ضعيفا ، وقال ; الله الذي خلقكم من ضعف ولو نكر لكان المعنى ; أنتم بعض الفقراء .فإن قلت ; قد قوبل الفقراء ب ( الغني ) فما فائدة ( الحميد ) ؟ قلت ; لما أثبت فقرهم إليه وغناه عنهم ، وليس كل غني نافعا بغناه إلا إذا كان الغني جوادا منعما ، وإذا جاد وأنعم حمده المنعم عليهم واستحق عليهم الحمد - ذكر ( الحميد ) ليدل به على أنه الغني النافع بغناه خلقه ، الجواد المنعم عليهم ، المستحق بإنعامه عليهم أن يحمدوه . وتخفيف الهمزة الثانية أجود الوجوه عند الخليل ، ويجوز تخفيف الأولى وحدها وتخفيفهما وتحقيقهما جميعا . والله هو الغني الحميد تكون ( هو ) زائدة ، فلا يكون لها موضع من الإعراب ، وتكون مبتدأة فيكون موضعها رفعا .
القول في تأويل قوله تعالى ; يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (15)يقول تعالى ذكره; يا أيها الناس أنتم أولو الحاجة والفقر إلى ربكم فإياه فاعبدوا، وفي رضاه فسارعوا، يغنكم من فقركم، وتُنْجِح لديه حوائجكم (وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ) عن عبادتكم إياه وعن خدمتكم، وعن غير ذلك من الأشياء؛ منكم ومن غيركم (الْحَمِيدُ) يعني; المحمود على نعمه؛ فإن كل نعمة بكم وبغيركم فمنه، فله الحمد والشكر بكل حال.
يخاطب تعالى جميع الناس، ويخبرهم بحالهم ووصفهم، وأنهم فقراء إلى اللّه من جميع الوجوه:فقراء في إيجادهم، فلولا إيجاده إياهم، لم يوجدوا.فقراء في إعدادهم بالقوى والأعضاء والجوارح، التي لولا إعداده إياهم [بها]، لما استعدوا لأي عمل كان.فقراء في إمدادهم بالأقوات والأرزاق والنعم الظاهرة والباطنة، فلولا فضله وإحسانه وتيسيره الأمور، لما حصل [لهم] من الرزق والنعم شيء.فقراء في صرف النقم عنهم، ودفع المكاره، وإزالة الكروب والشدائد. فلولا دفعه عنهم، وتفريجه لكرباتهم، وإزالته لعسرهم، لاستمرت عليهم المكاره والشدائد.فقراء إليه في تربيتهم بأنواع التربية، وأجناس التدبير.فقراء إليه، في تألههم له، وحبهم له، وتعبدهم، وإخلاص العبادة له تعالى، فلو لم يوفقهم لذلك، لهلكوا، وفسدت أرواحهم، وقلوبهم وأحوالهم.فقراء إليه، في تعليمهم ما لا يعلمون، وعملهم بما يصلحهم، فلولا تعليمه، لم يتعلموا، ولولا توفيقه، لم يصلحوا.فهم فقراء بالذات إليه، بكل معنى، وبكل اعتبار، سواء شعروا ببعض أنواع الفقر أم لم يشعروا، ولكن الموفق منهم، الذي لا يزال يشاهد فقره في كل حال من أمور دينه ودنياه، ويتضرع له، ويسأله أن لا يكله إلى نفسه طرفة عين، وأن يعينه على جميع أموره، ويستصحب هذا المعنى في كل وقت، فهذا أحرى بالإعانة التامة من ربه وإلهه، الذي هو أرحم به من الوالدة بولدها.{ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ } أي: الذي له الغنى التام من جميع الوجوه، فلا يحتاج إلى ما يحتاج إليه خلقه، ولا يفتقر إلى شيء مما يفتقر إليه الخلق، وذلك لكمال صفاته، وكونها كلها، صفات كمال، ونعوت وجلال.ومن غناه تعالى، أن أغنى الخلق في الدنيا والآخرة، الحميد في ذاته، وأسمائه، لأنها حسنى، وأوصافه، لكونها عليا، وأفعاله لأنها فضل وإحسان وعدل وحكمة ورحمة، وفي أوامره ونواهيه، فهو الحميد على ما فيه، وعلى ما منه، وهو الحميد في غناه [الغني في حمده].
(يا أيها الناس) مرّ إعرابها ،
(إلى الله) متعلّق بالفقراء
(هو) ضمير فصلـ (الغنيّ) خبر المبتدأ الله.
جملة: «يا أيها الناس ... » لا محلّ لها استئنافيّة.وجملة: «أنتم الفقراء ... » لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: «الله.. الغنيّ ... » لا محلّ لها معطوفة على جواب النداء.
(16)
(بخلق) متعلّق بـ (يأت) ..
وجملة: «يشأ ... » لا محلّ لها استئناف في حيّز النداء.
وجملة: «يذهبكم ... » لا محلّ لها جواب الشرط غير مقترنة بالفاء.
وجملة: «يأت ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة يذهبكم.
(17)
(الواو) عاطفة
(ما) نافية عاملة عمل ليس
(على الله) متعلّق بعزيز
(عزيز) مجرور لفظا منصوب محلّا خبر ما.
وجملة: «ما ذلك.. بعزيز» لا محلّ لها معطوفة على جملة يشأ.
(18)
(الواو) عاطفة
(لا) نافية
(وازرة) فاعل مرفوع على حذف موصوف أي نفس وازرة
(وزر) مفعول به منصوبـ (أخرى) مضاف إليه مجرور وعلى حذف موصوف أي نفس أخرى
(مثقلة) فاعل تدع وعلى حذف موصوف أي نفس مثقلة
(إلى حملها) متعلّق بـ (تدع) ، ومفعول تدع محذوف أي تدع نفس نفسا
(لا) نافية
(يحمل) مضارع مجزوم جواب الشرط مبنيّ للمجهولـ (منه) متعلّق بـ (يحمل) ،
(شيء) نائب الفاعلـ (الواو) حاليّة
(لو) حرف شرط غير جازم، واسم
(كان) ضمير يعود على المدعو المفهوم من سياق الكلام
(ذا) خبر كان منصوب ،
(إنّما) كافّة ومكفوفة
(بالغيب) حال من المفعول- أو الفاعل-
(الواو) استئنافيّة- أو عاطفة-
(تزكّى) فعل ماض مبنيّ في محلّ جزم فعل الشرط
(الفاء) رابطة لجواب الشرط
(إنّما) مثل الأولى
(لنفسه) متعلّق بحال من فاعل يتزكّى
(الواو) عاطفة
(إلى الله) خبر مقدّم....وجملة: «لا تزر وازرة..» لا محلّ لها معطوفة على جملة يشأ.
وجملة: «تدع مثقلة ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة يشأ.
وجملة: «لا يحمل منه شيء..» لا محلّ لها جواب الشرط غير مقترنة بالفاء.
وجملة: «كان ذا قربى ... » في محلّ نصب حال.. وجواب الشرط. محذوف دلّ عليه ما قبله.
وجملة: «إنّما تنذر ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يخشون..» لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) .
وجملة: «أقاموا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة: «من تزكّى ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة إنّما تنذر ...وجملة: «تزكّى ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ
(من) .
وجملة: «يتزكى ... » في محلّ جزم جواب الشرط..
وجملة: «إلى الله المصير ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة من تزكّى.