الرسم العثمانييٰٓأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيٰوةُ الدُّنْيَا ۖ وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ
الـرسـم الإمـلائـييٰۤـاَيُّهَا النَّاسُ اِنَّ وَعۡدَ اللّٰهِ حَقٌّۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الۡحَيٰوةُ الدُّنۡيَاۖ وَلَا يَغُرَّنَّكُمۡ بِاللّٰهِ الۡغَرُوۡرُ
تفسير ميسر:
يا أيها الناس إن وعد الله بالبعث والثواب والعقاب حق ثابت، فلا تخدعنَّكم الحياة الدنيا بشهواتها ومطالبها، ولا يخدعنَّكم بالله الشيطان. إن الشيطان لبني آدم عدو، فاتخذوه عدوًّا ولا تطيعوه، إنما يدعو أتباعه إلى الضلال؛ ليكونوا من أصحاب النار الموقدة.
ثم قال تعالى; "يا أيها الناس إن وعد الله حق" أي المعاد كائن لا محالة "فلا تغرنكم الحياة الدنيا" أي العيشة الدنيئة بالنسبة إلى ما أعد الله لأوليائه وأتباع رسله من الخير العظيم فلا تتلهوا عن ذلك الباقي بهذه الزهرة الفانية "ولا يغرنكم بالله الغرور" وهو الشيطان قاله ابن عباس رضي الله عنهما أي لا يفتنكم الشيطان ويصرفنكم عن اتباع رسل الله وتصديق كلماته فإنه غرار كذاب أفاك وهذه الآية كالآية التي في آخر لقمان "فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور" وقال مالك عن زيد بن أسلم هو الشيطان كما قال المؤمنون للمنافقين يوم القيامة حين يضرب "بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور".
قوله تعالى ; يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور .قوله تعالى ; يا أيها الناس إن وعد الله هذا وعظ للمكذبين للرسول بعد إيضاح الدليل على صحة قوله ; إن البعث والثواب والعقاب حق . فلا تغرنكم الحياة الدنيا قال سعيد بن جبير ; غرور الحياة الدنيا أن يشتغل الإنسان بنعيمها ولذاتها عن عمل الآخرة ، حتى يقول ; يا ليتني قدمت لحياتي . ولا يغرنكم بالله الغرور قال ابن السكيت وأبو حاتم ; الغرور الشيطان . وغرور جمع غر ، وغر مصدر . ويكون الغرور مصدرا وهو بعيد عند غير أبي إسحاق ; لأن ( غررته ) متعد ، والمصدر المتعدي إنما هو على فعل ; نحو ; ضربته ضربا ، إلا في أشياء يسيرة لا يقاس عليها ; قالوا ; لزمته لزوما ، ونهكه المرض نهوكا . فأما معنى الحرف فأحسن ما قيل فيه ما قاله سعيد بن جبير ، قال ; الغرور بالله أن يكون الإنسان يعمل بالمعاصي ثم يتمنى على الله المغفرة . وقراءة العامة الغرور ( بفتح الغين ) وهو الشيطان ; أي لا يغرنكم بوساوسه في أنه يتجاوز عنكم لفضلكم . وقرأ أبو حيوة وأبو السمال [ ص; 290 ] العدوي ومحمد بن السميقع الغرور ( برفع الغين ) وهو الباطل ; أي لا يغرنكم الباطل . وقال ابن السكيت ; والغرور ( بالضم ) ما اغتر به من متاع الدنيا . قال الزجاج ; ويجوز أن يكون الغرور جمع غار ; مثل قاعد وقعود . النحاس ; أو جمع غر ، أو يشبه بقولهم ; نهكه المرض نهوكا ولزمه لزوما . الزمخشري ; أو مصدر ( غره ) كاللزوم والنهوك .
وقوله ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ) يقول تعالى ذكره لمشركي قريش المكذبي رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم; يا أيها الناس إن وعد الله إياكم بأسه على إصراركم على الكفر به، وتكذيب رسوله محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ، وتحذيركم نـزول سطوته بكم على ذلك، حق، فأيقنوا بذلك وبادروا حلول عقوبتكم بالتوبة والإنابة إلى طاعة الله والإيمان به وبرسوله ( فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ) يقول; فلا يغرنكم ما أنتم فيه من العيش في هذه الدنيا ورياستكم التي تترأسون بها في ضعفائكم فيها عن اتباع محمد والإيمان ( وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ) يقول; ولا يخدعنكم بالله الشيطان، فيمنيكم الأماني، ويعدكم من الله العدات الكاذبة، ويحملكم على الإصرار على كفركم بالله.كما حدثني علي قال; ثنا أَبو صالح قال; ثني معاوية عن علي عن ابن عباس في قوله ( وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ) يقول; الشيطان.
يقول تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ } بالبعث والجزاء على الأعمال، { حَقٌّ } أي: لا شك فيه، ولا مرية، ولا تردد، قد دلت على ذلك الأدلة السمعية والبراهين العقلية، فإذا كان وعده حقا، فتهيئوا له، وبادروا أوقاتكم الشريفة بالأعمال الصالحة، ولا يقطعكم عن ذلك قاطع، { فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا } بلذاتها وشهواتها ومطالبها النفسية، فتلهيكم عما خلقتم له، { وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ }
(يأيّها الناس) مرّ إعرابها ،
(الفاء) عاطفة لربط المسبّب بالسببـ (لا) ناهية جازمة في الموضعين
(تغرّنكم) مضارع مبنيّ على الفتح في محلّ جزم، ومثله
(يغرّنكم) ،
(بالله) متعلّق بـ (يغرنّكم) ، و (الباء) سببيّة بحذف مضاف أي بسبب حلم الله.
جملة: «يأيّها الناس..» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «إنّ وعد الله حقّ ... » لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: «لا تغرنّكم الحياة ... » لا محلّ لها معطوفة على استئناف مقدّر أي: تنبهوا فلا تغرّنكم ... .
وجملة: «لا يغرّنّكم بالله الغرور..» معطوفة على جملة لا تغرّنّكم الحياة ...(6)
(لكم) متعلّق بحال من عدو (الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر
(عدوّا) مفعول به ثان منصوب،
(من أصحاب) متعلّق بخبر يكونوا.
وجملة: «إنّ الشيطان لكم عدوّ..» لا محلّ لها استئناف في حيّز جواب النداء.
وجملة: «اتّخذوه..» في محلّ جزم جواب شرط مقدّر أي: إن وعيتم ذلك فاتّخذوه.. أو إن أردتم النجاة من النار فاتّخذوه..
وجملة: «يدعو....» لا محلّ لها تعليل لما سبق.
وجملة: «يكونوا ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) المضمر.
والمصدر المؤوّلـ (أن يكونوا ... ) في محلّ جرّ باللام متعلّق بـ (يدعو) .(7)
(لهم) متعلّق بخبر مقدّم في الموضعين للمبتدأين عذاب ومغفرة
(أجر) معطوف على مغفرة بالواو مرفوع.
وجملة: «الذين كفروا..» لا محلّ لها استئناف في حيّز جواب النداء.
وجملة: «كفروا..» لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) الأول.
وجملة: «لهم عذاب..» في محلّ رفع خبر المبتدأ
(الذين) .
وجملة: «الذين آمنوا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة الذين كفروا ...وجملة: «آمنوا ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) الثاني.
وجملة: «عملوا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة آمنوا.
وجملة: «لهم مغفرة ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ
(الذين) الثاني.
- القرآن الكريم - فاطر٣٥ :٥
Fatir35:5