الرسم العثمانيإِنَّ الشَّيْطٰنَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ۚ إِنَّمَا يَدْعُوا حِزْبَهُۥ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحٰبِ السَّعِيرِ
الـرسـم الإمـلائـياِنَّ الشَّيۡطٰنَ لَـكُمۡ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوۡهُ عَدُوًّا ؕ اِنَّمَا يَدۡعُوۡا حِزۡبَهٗ لِيَكُوۡنُوۡا مِنۡ اَصۡحٰبِ السَّعِيۡرِؕ
تفسير ميسر:
يا أيها الناس إن وعد الله بالبعث والثواب والعقاب حق ثابت، فلا تخدعنَّكم الحياة الدنيا بشهواتها ومطالبها، ولا يخدعنَّكم بالله الشيطان. إن الشيطان لبني آدم عدو، فاتخذوه عدوًّا ولا تطيعوه، إنما يدعو أتباعه إلى الضلال؛ ليكونوا من أصحاب النار الموقدة.
ثم بين تعالى عداوة إبليس لابن آدم فقال "إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا" أي هو مبارز لكم بالعداوة فعادوه أنتم أشد العداوة وخالفوه وكذبوه فيما يغركم به "إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير" أي إنما يقصد أن يضلكم حتى تدخلوا معه إلى عذاب السعير فهذا هو العدو المبين نسأل الله القوي العزيز أن يجعلنا أعداء الشيطان وأن يرزقنا اتباع كتابه والاقتفاء بطريق رسوله إنه على ما يشاء قدير وبالإجابة جدير وهذه كقوله تعالى; "وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا".
قوله تعالى ; إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعيرقوله تعالى ; إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا أي فعادوه ولا تطيعوه . ويدلكم على عداوته إخراجه أباكم من الجنة ، وضمانه إضلالكم في قوله ; ولأضلنهم ولأمنينهم الآية . وقوله ; لأقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لآتينهم من بين أيديهم الآية . فأخبرنا جل وعز أن الشيطان لنا عدو مبين ; واقتص علينا قصته ، وما فعل بأبينا آدم صلى الله عليه وسلم ، وكيف انتدب لعداوتنا وغرورنا من قبل وجودنا وبعده ، ونحن على ذلك نتولاه ونطيعه فيما يريد منا مما فيه هلاكنا . وكان الفضيل بن عياض يقول ; يا كذاب يا مفتر ، اتق الله ولا تسب الشيطان في العلانية وأنت صديقه في السر . وقال ابن السماك ; يا عجبا لمن عصى المحسن بعد معرفته بإحسانه ! وأطاع اللعين بعد معرفته بعداوته ! وقد مضى هذا المعنى في ( البقرة ) مجودا . و ( عدو ) في قوله ; إن الشيطان لكم عدو يجوز أن يكون بمعنى معاد ، فيثنى ويجمع ويؤنث . ويكون بمعنى النسب فيكون موحدا بكل حال ; كما قال جل وعز ; فإنهم عدو لي . وفي المؤنث على هذا أيضا عدو . النحاس ; فأما قول بعض النحويين إن الواو خفية فجاءوا بالهاء فخطأ ، بل الواو حرف جلد . إنما يدعو حزبه كفت ( ما ) ( إن ) عن العمل فوقع بعدها الفعل . " حزبه " أي أشياعه . ليكونوا من أصحاب السعير فهذه عداوته .
القول في تأويل قوله تعالى ; إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (6)يقول تعالى ذكره; (إِنَّ الشَّيْطَانَ) الذي نهيتكم أيها الناس أن تغتروا بغروره إياكم بالله ( لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ) يقول; فأنـزلوه من أنفسكم منـزلة العدو منكم واحذروه بطاعة الله واستغشاشكم إياه حذركم من عدوكم الذي تخافون غائلته على أنفسكم، فلا تطيعوه ولا تتبعوا خطواته، فإنه إنما يدعو حزبه، ينعي شيعته ومن أطاعه، إلى طاعته والقبول منه، والكفر بالله ( لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ) يقول; ليكونوا من المخلدين في نار جهنم التي تتوقد على أهلها.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة قوله ( إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ) فإنه لحق على كل مسلم عداوته، وعداوته أن يعاديه بطاعة الله (إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ) وحزبه; أولياؤه ( لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ) أي; ليسوقهم إلى النار فهذه عداوته.حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; قال ابن زيد، في قوله ( إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ) وقال; هؤلاء حزبه من الإنس، يقول; أولئك حزب الشيطان، والحزب; ولاته الذين يتولاهم ويتولونه وقرأ إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَـزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ .
}الْغَرُورُ } الذي هو { الشَّيْطَانُ } الذي هو عدوكم في الحقيقة { فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا } أي: لتكن منكم عداوته على بال، ولا تهملوا محاربته كل وقت، فإنه يراكم وأنتم لا ترونه، وهو دائما لكم بالمرصاد.{ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ } هذا غايته ومقصوده ممن تبعه، أن يهان غاية الإهانة بالعذاب الشديد.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - فاطر٣٥ :٦
Fatir35:6