الرسم العثمانيقَالُوٓا إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ
الـرسـم الإمـلائـيقَالُوۡۤا اِنَّكُمۡ كُنۡتُمۡ تَاۡتُوۡنَنَا عَنِ الۡيَمِيۡنِ
تفسير ميسر:
قال الأتباع للمتبوعين; إنكم كنتم تأتوننا من قِبَل الدين والحق، فتهوِّنون علينا أمر الشريعة، وتُنَفِّروننا عنها، وتزينون لنا الضلال.
يذكر تعالى أن الكفار يتلاومون في عرصات القيامة كما يتخاصمون في دركات النار "فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد" وقال تعالى "ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا هل يجزون إلا ما كانوا يعملون" وهكذا قالوا لهم ههنا "إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين" قال الضحاك عن ابن عباس يقولون كنتم تقهروننا بالقدرة منكم علينا لأنا كنا أذلاء وكنتم أعزاء وقال مجاهد يعني عن الحق والكفار تقوله للشياطين وقال قتادة قالت الإنس للجن إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين قال من قبل الخير فتنهونا عنه وتبطئونا عنه وقال السدي تأتوننا من قبل الحق وتزينوا لنا الباطل وتصدونا عن الحق وقال الحسن في قوله تعالى "إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين" أي والله يأتيه عند كل خير يريده فيصده عنه وقال ابن زيد معناه تحولون بيننا وبين الخير ورددتمونا عن الإسلام والإيمان والعمل بالخير الذي أمرنا به وقال يزيد الرشك من قبل لا إله إلا الله وقال خصيف يعنون من قبل ميامنهم وقال عكرمة "إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين" قال من حيث نأمنكم.
" قال مجاهد ; هو قول الكفار للشياطين . قتادة ; هو قول الإنس للجن . وقيل ; هو من قول الأتباع للمتبوعين ، دليله قوله تعالى ; ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول الآية . قال سعيد عن قتادة ; أي ; تأتوننا عن طريق الخير وتصدوننا عنها . وعن ابن عباس نحو منه . وقيل ; تأتوننا عن اليمين التي نحبها ونتفاءل بها لتغرونا بذلك من جهة النصح . والعرب تتفاءل بما جاء عن اليمين وتسميه السانح . وقيل ; تأتوننا عن اليمين تأتوننا مجيء من إذا حلف لنا صدقناه . وقيل ; تأتوننا من قبل الدين فتهونون علينا أمر الشريعة وتنفروننا عنها .قلت ; وهذا القول حسن جدا ; لأن من جهة الدين يكون الخير والشر ، واليمين بمعنى الدين ، أي ; كنتم تزينون لنا الضلالة . وقيل ; اليمين بمعنى القوة ، أي ; تمنعوننا بقوة وغلبة وقهر ، قال الله تعالى ; فراغ عليهم ضربا باليمين أي ; بالقوة وقوة الرجل في يمينه ، وقال الشاعر ;إذا ما راية رفعت لمجد تلقاها عرابة باليمينأي ; بالقوة والقدرة . وهذا قول ابن عباس . وقال مجاهد ; تأتوننا عن اليمين أي ; من قبل الحق أنه معكم ، وكله متقارب المعنى .
القول في تأويل قوله تعالى ; &; 21-31 &; قَالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ (28)يقول تعالى ذكره; قالت الإنس للجن; إنكم أيها الجن كنتم تأتوننا من قِبَل الدين والحق فتخدعوننا بأقوى الوجوه، واليمين; القوة والقدرة في كلام العرب، ومنه قول الشاعر;إذَا مــا رَايــةٌ رُفِعــتْ لمَجْــدٍتَلقَّاهــــا عَرَابـــةٌ بـــالْيَمِين (1)يعني; بالقوة والقدرة.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله ( تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ ) قال; عن الحق، الكفار تقوله للشياطين.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة ( قَالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ ) قال; قالت الإنس للجن; إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين، قال; من قبل الخير، فتنهوننا عنه، وتبطِّئوننا عنه.حدثنا محمد بن الحسين، قال; ثنا أحمد بن المفضل، قال; ثنا أسباط، عن السدي، في قوله ( إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ ) قال; تأتوننا من قبل الحق تزينون لنا الباطل، وتصدوننا عن الحق.حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; قال ابن زيد في قوله ( إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ ) قال; قال بنو آدم للشياطين الذين كفروا; إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين، قال; تحولون بيننا وبين الخير، ورددتمونا عن الإسلام والإيمان، والعمل بالخير الذي أمر الله به.------------------------الهوامش;(1) هذا البيت من شواهد الفرّاء في معاني القرآن ( مصورة الجامعة الورقة 272 ) قال في قوله تعالى;" كنتم تأتوننا عن اليمين"; يقول; كنتم تأتوننا من قبل الدين، أي تأتوننا تخدعوننا بأقوى الوجوه، واليمين أي بالقوة والقدرة قلت; والبيت للشماخ يمدح عرابة الأوسي، وقبله رأيــتُ عرابــةَ الأوْسـيَّ يسُـموإلــى الخــيراتِ منقطـعَ القـرينِانظر ( اللسان; يمن ) . وفسره كما فسره الفرّاء، وعرابة الأوسي; هو ابن أوس بن قيظي قيل; هو الذي قال لرسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ; في غزوة الخندق;"إن بيوتنا عورة" . قال السهيلي في"الروض الأنف 2; 190" ; وكان عرابة الأوسي سيدا، ولا صحبة له، وذكرناه فيمن استصغر يوم أحد، وهو الذي يقول فيه الشماخ;" إذا ما راية رفعت لمجد .... البيت" .
فقال الأتباع للمتبوعين الرؤساء: { إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ } أي: بالقوة والغلبة، فتضلونا، ولولا أنتم لكنا مؤمنين.
(عن اليمين) متعلّق بحال من الفاعل في(تأتوننا)مقسمين..
جملة: «قالوا ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «إنّكم كنتم ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «كنتم تأتوننا..» في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: «تأتوننا ... » في محلّ نصب خبر كنتم.
- القرآن الكريم - الصافات٣٧ :٢٨
As-Saffat37:28