وَقَالَ إِنِّى ذَاهِبٌ إِلٰى رَبِّى سَيَهْدِينِ
وَقَالَ اِنِّىۡ ذَاهِبٌ اِلٰى رَبِّىۡ سَيَهۡدِيۡنِ
تفسير ميسر:
وقال إبراهيم; إني مهاجر إلى ربي من بلد قومي إلى حيث أتمكن من عبادة ربي؛ فإنه سيدلني على الخير في ديني ودنياي. رب أعطني ولدًا صالحًا.
يقول تعالى مخبرا عن خليله إبراهيم عليه الصلاة والسلام إنه بعدما نصره الله تعالى على قومه وأيس من إيمانهم بعدما شاهدوا من الآيات العظيمة هاجر من بين أظهرهم وقال "إني ذاهب إلى ربي سيهدين رب هب لي من الصالحين" يعني أولادا مطيعين يكونون عوضا من قومه وعشيرته الذين فارقهم.
هذه الآية أصل في الهجرة والعزلة . وأول من فعل ذلك إبراهيم - عليه السلام - ، وذلك حين خلصه الله من النار قال إني ذاهب إلى ربي أي ; مهاجر من بلد قومي ومولدي إلى حيث أتمكن من عبادة ربي فإنه سيهدين فيما نويت إلى الصواب . قال مقاتل ; هو أول من هاجر من الخلق مع لوط وسارة ، إلى الأرض المقدسة وهي أرض الشام . وقيل ; ذاهب بعملي وعبادتي ، وقلبي ونيتي . فعلى هذا ذهابه بالعمل لا بالبدن . وقد مضى بيان هذا في [ الكهف ] مستوفى . وعلى الأول بالمهاجرة إلى الشام وبيت المقدس . وقيل ; خرج إلى حران فأقام بها مدة . ثم قيل ; قال ذلك لمن فارقه من قومه ، فيكون ذلك توبيخا لهم . وقيل ; قاله لمن هاجر معه من أهله ، فيكون ذلك منه ترغيبا . وقيل ; قال هذا قبل إلقائه في النار . وفيه على هذا القول تأويلان ; أحدهما ; إني ذاهب إلى ما قضاه علي ربي . الثاني ; إني ميت ، كما يقال لمن مات ; قد ذهب إلى الله تعالى ; لأنه - عليه السلام - تصور أنه يموت بإلقائه في النار ، على المعهود من حالها في تلف ما يلقى فيها ، إلى أن قيل لها ; كوني بردا وسلاما فحينئذ سلم إبراهيم منها . وفي قوله ; سيهدين على هذا القول تأويلان ; أحدهما سيهدين إلى الخلاص منها . الثاني ; إلى الجنة . وقال سليمان بن صرد وهو ممن أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - ; لما أرادوا إلقاء إبراهيم في النار جعلوا يجمعون له الحطب ، فجعلت المرأة العجوز تحمل على ظهرها وتقول ; أذهب به إلى هذا الذي يذكر آلهتنا ، فلما ذهب به ليطرح في النار قال إني ذاهب إلى ربي . فلما طرح في النار قال ; حسبي الله ونعم الوكيل فقال الله تعالى ; يا نار كوني بردا وسلاما فقال أبو لوط وكان ابن عمه ; إن النار لم تحرقه من أجل قرابته مني . فأرسل الله عنقا من النار فأحرقه .
وقوله ( وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ ) يقول; وقال إبراهيم لما أفْلَجَه الله على قومه ونجاه من كيدهم; ( إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي ) يقول; إني مُهَاجِرٌ من بلدة قومي إلى الله; أي إلى الأرض المقدَّسة، ومفارقهم، فمعتزلهم لعبادة الله.وكان قتادة يقول في ذلك ما حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة; ( وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ ) ; ذاهب بعمله وقلبه ونيته.وقال آخرون في ذلك; إنما قال إبراهيم ( إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي ) حين أرادوا أن يلقوه في النار.* ذكر من قال ذلك;حدثنا محمد بن المثني، قال; ثنا أبو داود، قال; ثنا شعبة، عن أبي إسحاق، قال; سمعت سليمان بن صُرَد يقول; لما أرادوا أن يُلْقوا إبراهيم في النار ( قَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ ) فجمع الحطب، فجاءت عجوز على ظهرها حطب، فقيل لها; أين تريدين ؟ قالت; أريد أذهب إلى هذا الرجل الذي يُلْقَى في النار; فلما ألقي فيها، قال; حَسْبِيَ الله عليه توكلت، أو قال; حسبي الله ونعم الوكيل، قال; فقال الله; يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ قال; فقال ابن لُوط، أو ابن أخي لوط; إن النار لم تحرقه من أجلي، وكان بينهما قرابة، فأرسل الله عليه عُنُقا من النار فأحرقته.وإنما اخترت القول الذي قلت في ذلك، لأن الله تبارك وتعالى ذكر خبره &; 21-72 &; وخبر قومه في موضع آخر، فأخبر أنه لما نجاه مما حاول قومه من إحراقه قال إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي ففسر أهل التأويل ذلك أن معناه; إني مهاجر إلى أرض الشام، فكذلك قوله ( إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي ) لأنه كقوله إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي وقوله ( سَيَهْدِينِ ) يقول; سيثبتني على الهدى الذي أبصرته، ويعيننى عليه.
{ وَ } لما فعلوا فيه هذا الفعل، وأقام عليهم الحجة، وأعذر منهم، { قال إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي } أي: مهاجر إليه، قاصد إلى الأرض المباركة أرض الشام. { سَيَهْدِينِ } يدلني إلى ما فيه الخير لي، من أمر ديني ودنياي، وقال في الآية الأخرى: { وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا }
(الواو) عاطفة
(إلى ربّي) متعلّق بذاهبـ (السين) حرف استقبال، و (النون) في(سيهدين) للوقاية، و (الياء) المحذوفة لمناسبة فواصل الآي مفعول به.
وجملة: «قال ... » لا محلّ لها معطوفة على مقدّر مستأنف أي:
خرج من النار سالما وقال ...وجملة: «إنّي ذاهب ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «سيهدين» لا محلّ لها اعتراضيّة .(100- 101) -
(ربّ) منادى مضاف منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على ما قبل الياء المحذوفة للتخفيف، و (الياء) المحذوفة مضاف إليه
(لي) متعلّق بـ (هب) ،
(من الصالحين) متعلّق بنعت لمفعول مقدّر أي ابنا من الصالحين
(الفاء) عاطفة
(بغلام) متعلّق بـ (بشّرناه) ...وجملة النداء وجوابه.. في محلّ نصب مقول القول لقول مقدّر أي قائلا ...وجملة: «هب ... » لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: «هب ... » لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: «بشّرناه..» لا محلّ لها معطوفة على جملة القول المقدّر.
(102) -
(الفاء) عاطفة
(لمّا) ظرف بمعنى حين متضمّن معنى الشرط متعلّق بالجواب قالـ (معه) ظرف منصوب متعلّق بحال من فاعل بلغ ، وهو ضمير يعود على غلام
(بنيّ) منادى مضاف منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدّرة، و (الياء) الثانية مضاف إليه
(في المنام) متعلّق بـ (أرى) ،
(الفاء) عاطفة لربط المسبّب بالسببـ (ماذا) اسم استفهام في محلّ نصب مفعول به عاملة ترى:
(أبت) منادى مضاف منصوب.. و (التاء) عوض من(ياء) الإضافة المحذوفة
(ما) اسم موصول في محلّ نصب مفعول به، والعائد محذوف أي تؤمره، ونائب الفاعل لفعلـ (تؤمر) ضمير مستتر تقديره أنت،
(السين) للاستقبال، و (النون) في(ستجدني) للوقاية
(شاء) فعل ماض مبنيّ في محلّ جزم فعل الشرط
(من الصابرين) متعلّق بمحذوف مفعول به ثان عامله ستجدني..وجملة: «بلغ ... » في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «قال ... » لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة النداء: «يا بنيّ ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «إنّي أرى ... » لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: «أرى في المنام ... » في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: «أذبحك ... » في محلّ رفع خبر أنّ.
والمصدر المؤوّلـ (أنّي أذبحك) في محلّ نصب مفعول به عامله أرى.
وجملة: «انظر ... » لا محلّ لها معطوفة على استئناف مقدّر في حيّز القول أي: تنبّه فانظر ...وجملة: «ترى ... » في محلّ نصب مفعول به لفعل النظر المعلّق بالاستفهام.
وجملة: «قال ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة النداء وجوابه ... في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «افعل ... » لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: «تؤمر ... » لا محلّ لها صلة الموصول.
وجملة: «ستجدني..» لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: «شاء الله ... » لا محلّ لها اعتراضيّة.. وجواب الشرط محذوف دلّ عليه ما قبله.
(103) -
(الفاء) عاطفة
(لمّا) مثل الأولـ (للجبين) متعلّق بـ (تلّه) بتضمينه معنى دفعه.
وجملة: «أسلما ... » في محلّ جرّ مضاف إليه.. وجواب الشرط محذوف تقديره ظهر صبرهما، أو أجزلنا لهما الأجر .وجملة: «تلّه ... » في محلّ جرّ معطوفة على جملة أسلما.
(104) -
(الواو) عاطفة
(أن) حرف تفسير
(إبراهيم) منادى مفرد علم مبنيّ على الضمّ في محلّ نصب ...وجملة: «ناديناه ... » في محلّ جرّ معطوفة على جملة أسلما.
وجملة النداء: «يا إبراهيم» لا محلّ لها تفسيريّة.
(105) -
(قد) حرف تحقيق
(كذلك) متعلّق بمحذوف مفعول مطلق عامله نجزي ...وجملة: «صدقّت ... » لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: «إنّا.. نجزي ... » لا محلّ لها استئناف في حيّز النداء .
وجملة: «نجزي ... » في محلّ رفع خبر إنّ.
(106)
(اللام) المزحلقة للتوكيد
(هو) ضمير منفصل مبتدأ خبره
(البلاء) ..
وجملة: «إنّ هذا لهو البلاء ... » لا محلّ لها استئناف في حيّز النداء .
وجملة: «هو البلاء ... » في محلّ رفع خبر إنّ.
(107- 111) -
(الواو) عاطفة
(بذبح) متعلّق بـ (فديناه) ،
(تركنا..
الآخرين) مرّ إعرابها ،
(سلام.. المؤمنين) .
وجملة: «فديناه ... » معطوفة على جملة جواب الشرط مذكورة أو مقدّرة.وجملة: «تركنا ... » معطوفة على جملة فديناه.
(112) -
(الواو) عاطفة
(بإسحاق) متعلّق بـ (بشّرناه) ،
(نبيّا) حال مقدّرة منصوبة
(من الصالحين) متعلّق بنعت لـ (نبيّا) .
وجملة: «بشّرناه ... » لا معطوفة على جملة فديناه.
(113) -
(الواو) عاطفة
(عليه) متعلّق بـ (باركنا) ، وكذلك
(على إسحاق) ،
(الواو) استئنافيّة
(من ذرّيّتهما) متعلّق بخبر مقدّم للمبتدأ محسن
(ظالم) معطوف على محسن بـ (الواو) مرفوع مثله
(لنفسه) متعلّق بظالم .
وجملة: «من ذرّيّتهما محسن ... » لا محلّ لها استئنافيّة.