الرسم العثمانيوَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرٰى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُم مِّنَ الْأَشْرَارِ
الـرسـم الإمـلائـيوَقَالُوۡا مَا لَنَا لَا نَرٰى رِجَالًا كُنَّا نَـعُدُّهُمۡ مِّنَ الۡاَشۡرَارِؕ
تفسير ميسر:
وقال الطاغون; ما بالنا لا نرى معنا في النار رجالا كنا نعدهم في الدنيا من الأشرار الأشقياء؟ هل تحقيرنا لهم واستهزاؤنا بهم خطأ، أو أنهم معنا في النار، لكن لم تقع عليهم الأبصار؟
وقال الحسن البصري في قوله تعالى "وآخر من شكله أزواج" ألوان من العذاب وقال غيره كالزمهرير والسموم وشرب الحميم وأكل الزقوم والصعود والهوى إلى غير ذلك من الأشياء المختلفة المتضادة والجميع مما يعذبون به ويهانون بسبب وقوله عز وجل "هذا فوج مقتحم معكم لا مرحبا بهم إنهم صالوا النار " هذا إخبار من اللّه تعالى عن قيل أهل النار بعضهم لبعض كما قال تعالى "كلما دخلت أمة لعنت أختها " يعني بدل السلام يتلاعنون ويتكاذبون ويكفر بعضهم ببعض فتقول الطائفة التي تدخل قبل الأخرى إذا أقبلت التي بعدها مع الخزنة من الزبانية "هذا فوج مقتحم " أي "داخل معكم لا مرحبا بهم إنهم صالوا النار" أي لأنهم من أهل جهنم "قالوا بل أنتم لا مرحبا بكم " أي فيقول لهم الداخلون "بل أنتم لا مرحبا بكم أنتم قدمتموه لنا" أي أنتم دعوتمونا إلى ما أفضى بنا إلى هذا المصير " فبئس القرار " أي فبئس المنزل والمستقر والمصير قالوا " ربنا من قدم لنا هذا فزده عذابا ضعفا في النار" كما قال عز وجل " قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون" أي لكل منكم عذاب بحسبه " وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار أتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الأبصار" هكذا إخبار عن الكفار في النار أنهم يفتقدون رجالا كانوا يعتقدون أنهم على الضلالة وهم المـؤمنون في زعمهم قالوا مالنا لا نراهم معنا في النار ؟ قال مجاهد هذا قول أبي جهل يقول مالي لا أرى بلالا وعمارا وصهيبا وفلانا وفلانا. وهذا ضرب مثل وإلا فكل الكفار هذا حالهم يعقدون أن المؤمنين يدخلون النار فلما دخل الكفار النار افتقدوهم فلم يجدوهم فقالوا "ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار أتخذناهم سخريا" أي في الدار الدنيا "أم زاغت عنهم الأبصار" يسلون أنفسهم بالمحال يقولون أو لعلهم معنا في جهنم ولكن لم يقع بصرنا عليهم فعند ذلك يعرفون أنهم في الدرجات العاليات وهو قوله عز وجل " ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين إلى قوله- ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون".
قوله تعالى ; " وقالوا " يعني ; أكابر المشركين ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار قال ابن عباس ; يريدون أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، يقول أبو جهل ; أين بلال أين صهيب أين عمار أولئك في الفردوس ، واعجبا لأبي جهل مسكين ، أسلم ابنه عكرمة ، وابنته جويرية ، وأسلمت أمه ، وأسلم أخوه ، وكفر هو ، قال ;ونورا أضاء الأرض شرقا ومغربا وموضع رجلي منه أسود مظلم
القول في تأويل قوله تعالى ; وَقَالُوا مَا لَنَا لا نَرَى رِجَالا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الأَشْرَارِ (62)يقول تعالى ذكره; قال الطاغون الذين وصف جلّ ثناؤه صفتهم في هذه الآيات, وهم فيما ذُكر أبو جهل والوليد بن المُغيرة وذووهما; ( مَا لَنَا لا نَرَى رِجَالا ) يقول; ما بالنا لا نرى معنا في النار رجالا( كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الأشْرَارِ ) يقول; كنا نعدهم في الدنيا من أشرارنا, وعنوا بذلك فيما ذُكر صُهَيْبا وخَبَّابا وبِلالا وسَلْمان.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد, قال; ثنا أحمد, قال; ثنا أسباط, عن ليث, عن مجاهد, في قوله ( مَا لَنَا لا نَرَى رِجَالا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الأشْرَارِ ) قال; ذاك أبو جهل بن هشام والوليد بن المغيرة, وذكر أناسا صُهيبا وَعَمَّارًا وخبابا, كنَّا نعدّهم من الأشرار في الدنيا.حدثنا أبو السائب, قال; ثنا ابن إدريس, قال; سمعت ليثا يذكر عن مجاهد في قوله ( وَقَالُوا مَا لَنَا لا نَرَى رِجَالا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الأشْرَارِ ) قال; قالوا; أين سَلْمان؟ أين خَبَّاب؟ أين بِلال؟.
{ وَقَالُوا } وهم في النار { مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ } أي: كنا نزعم أنهم من الأشرار، المستحقين لعذاب النار، وهم المؤمنون، تفقدهم أهل النار - قبحهم اللّه - هل يرونهم في النار؟
(الواو) استئنافيّة- أو عاطفة-
(ما) اسم استفهام مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ
(لنا) متعلّق بخبر المبتدأ
(لا) نافية
(من الأشرار) متعلّق بـ (نعدّهم) .جملة: «قالوا ... » لا محلّ لها استئنافيّة .
وجملة: «ما لنا ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «لا نرى ... » في محلّ نصب حال من الضمير في(لنا) .
وجملة: «كنّا نعدّهم ... » في محلّ نصب نعت لـ (رجالا) .
وجملة: «نعدّهم ... » في محلّ نصب خبر كنّا.
(63)
(الهمزة) للاستفهام
(سخريّا) مفعول به ثان منصوبـ (أم) عاطفة وهي المتّصلة
(عنهم) متعلّق بـ (زاغت) .
وجملة: «اتّخذناهم سخريّا» لا محلّ لها استئناف في حيّز القول.
وجملة: «زاغت عنهم الأبصار» لا محلّ لها معطوفة على جملة اتّخذناهم.
- القرآن الكريم - ص٣٨ :٦٢
Sad38:62