الرسم العثمانيقَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ
الـرسـم الإمـلائـيقَالَ فَالۡحَقُّ وَالۡحَقَّ اَ قُوۡلُ
تفسير ميسر:
قال الله; فالحقُّ مني، ولا أقول إلا الحق، لأملان جهنم منك ومن ذريتك وممن تبعك من بني آدم أجمعين.
هذه القصة ذكرها اللّه تبارك وتعالى في سورة البقرة وفي أول سورة الأعراف وفي سورة الحجر وسبحان والكهف وهنا وهي أن اللّه سبحانه وتعالى أعلم الملائكة قبل خلق آدم عليه الصلاة والسلام بأنه سيخلق بشرا من صلصال من حمأ مسنون وتقدم إليهم بالأمر; متى فرغ من خلقه وتسويته فليسجدوا له إكراما وإعظاما واحتراما وامتثالا لأمر الله عز وجل فامتثل الملائكة كلهم ذلك سوى إبليس ولم يكن منهم جنسا كان من الجن فخانه. طبعه وجبلته أحوج ما كان إليه فاستنكف عن السجود لآدم وخاصم ربه عز وجل فيه وادعى أنه خير من آدم فإنه مخلوق من نار وآدم خلق من طين والنار خير من الطين في زعمه وقد أخطأ في ذلك وخالف أمر اللّه تعالى وكفر بذلك فأبعده الله عز وجل وأرغم أنفه وطرده عن باب رحمته ومحل أنسه وحضرة قدسه وسماه إبليس إعلاما له بأنه قد أبلس من الرحمة وأنزله من السماء مذموما مدحورا إلى الأرض فسأل اللّه النظرة إلى يوم البعث فأنظره الحليم الذي لا يعجل على من عصاه فلما أمن الهلاك إلى القيامة تمرد وطغى وقال " فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين" كما قال عز وجل " أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا" وهؤلاء هم المسنون في الآية الأخرى وهي قوله تعالى " إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا" وقوله تبارك وتعالى " قال فالحق والحق أقول لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين " قرأ ذلك جماعة منهم مجاهد برفع الحق الأول وفسره مجاهد بأن معناه أنا الحق والحق أقول وفي رواية عنه; الحق مني وأقول الحق وقرأ آخرون بنصبهما قال السدي هو قسم أقسم اللّه به " قلت "وهذه الآية كقوله تعالى " ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين" وكقوله عز وجل " قال اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا ".
قوله تعالى ; قال فالحق والحق أقول هذه قراءة أهل الحرمين وأهل البصرة والكسائي . وقرأ ابن عباس ومجاهد وعاصم والأعمش وحمزة برفع الأول . وأجاز الفراء فيه الخفض . ولا اختلاف في الثاني في أنه منصوب ب " أقول " ونصب الأول على الإغراء أي ; فاتبعوا الحق واستمعوا الحق ، والثاني بإيقاع القول عليه . وقيل ; هو بمعنى أحق الحق أي ; أفعله . قال أبو علي ; الحق الأول منصوب بفعل مضمر أي ; يحق الله الحق ، أو على القسم وحذف حرف الجر ، كما تقول ; الله لأفعلن ، ومجازه ; قال فبالحق وهو الله تعالى أقسم بنفسه . والحق أقول جملة اعترضت بين القسم والمقسم عليه ، وهو توكيد القصة ، وإذا جعل الحق منصوبا بإضمار فعل كان " لأملأن " على إرادة القسم . وقد أجاز الفراء وأبو عبيدة أن يكون الحق منصوبا بمعنى حقا لأملأن جهنم وذلك عند جماعة من النحويين خطأ ، لا يجوز ; زيدا لأضربن ; لأن ما بعد اللام مقطوع مما قبلها فلا يعمل فيه . والتقدير على قولهما ; لأملأن جهنم حقا .ومن رفع " الحق " رفعه بالابتداء ، أي ; فأنا الحق أو الحق مني . رويا جميعا عن مجاهد . ويجوز أن يكون التقدير ; هذا الحق . وقول ثالث على مذهب سيبويه والفراء ; أن معنى فالحق لأملأن جهنم بمعنى ; فالحق أن أملأ جهنم . وفي الخفض قولان وهي قراءة ابن السميقع وطلحة بن مصرف ; أحدهما أنه على حذف حرف القسم . هذا قول الفراء قال كما يقول ; الله - عز وجل - لأفعلن . وقد أجاز مثل هذا سيبويه وغلطه فيه أبو العباس ولم يجز الخفض ; لأن حروف الخفض لا تضمر ، والقول الآخر ; أن تكون الفاء بدلا من واو القسم ، كما أنشدوا ;فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع
القول في تأويل قوله تعالى ; قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (84)اختلفت القرّاء في قراءة قوله ( قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ ) فقرأه بعض أهل الحجاز وعامة الكوفيين برفع الحقّ الأوّل, ونصب الثاني. وفي رفع الحقّ الأول إذا قرئ كذلك وجهان; أحدهما رفعه بضمير لله الحق, أو أنا الحق وأقول الحق.
{ قَالَ } اللّه تعالى { فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ } أي: الحق وصفي، والحق قولي.
(الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر
(الحقّ) الأول مبتدأ مرفوع، والخبر محذوف تقديره منّي ،
(الواو) اعتراضيّة
(الحقّ) الثاني مفعول به مقدّم منصوب.
جملة: «قال ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: «الحقّ
(منّي) » في محل جزم جواب شرط مقدّر أي: إن غووا بك فالحقّ مني ... والشرط وجوابه مقول القول.
وجملة: «أقول ... » لا محلّ لها اعتراضيّة.
(85)
(اللام) لام القسم لقسم مقدّر
(منك) متعلّق بـ (أملأن) ، وكذلك
(ممن) ،
(منهم) متعلّق بحال من العائد
(أجمعين) توكيد معنويّ للضمير في(منك) وما عطف عليه ، مجرور وعلامة الجرّ الياء.
وجملة: «أملأن ... » لا محلّ لها جواب القسم المقدّر.. وجملة القسم المقدّرة في محل نصب بدل من الحقّ مفعول أقول .
وجملة: «تبعك ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (من) .
- القرآن الكريم - ص٣٨ :٨٤
Sad38:84