الرسم العثمانيفَأَمَّا الَّذِينَ ءَامَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِۦ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِى رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرٰطًا مُّسْتَقِيمًا
الـرسـم الإمـلائـيفَاَمَّا الَّذِيۡنَ اٰمَنُوۡا بِاللّٰهِ وَاعۡتَصَمُوۡا بِهٖ فَسَيُدۡخِلُهُمۡ فِىۡ رَحۡمَةٍ مِّنۡهُ وَفَضۡلٍۙ وَّيَهۡدِيۡهِمۡ اِلَيۡهِ صِرَاطًا مُّسۡتَقِيۡمًا
تفسير ميسر:
فأمَّا الذين صدَّقوا بالله اعتقادًا وقولا وعملا واستمسكوا بالنور الذي أُنزل إليهم، فسيدخلهم الجنة رحمة منه وفضلا ويوفقهم إلى سلوك الطريق المستقيم المفضي إلى روضات الجنات.
"فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به" أي جمعوا بين مقامي العبادة والتوكل على الله في جميع أمورهم وقال ابن جريج; آمنوا بالله واعتصموا بالقرآن. رواه ابن جرير "فسيدخلهم في رحمة منه وفضل" أي يرحمهم فيدخلهم الجنة ويزيدهم ثوابا ومضاعفة ورفعا في درجاتهم من فضله عليهم وإحسانه إليهم "ويهديهم إليه صراطا مستقيما" أي طريقا واضحا قصدا قواما لا اعوجاج فيه ولا انحراف وهذه صفة المؤمنين في الدنيا والآخرة فهم في الدنيا على منهاج الاستقامة وطريق السلامة في جميع الاعتقادات والعمليات وفي الآخرة على صراط الله المستقيم المفضي إلى روضات الجنات. وفي حديث الحارث الأعور عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "القرآن صراط الله المستقيم وحبل الله المتين". وقد تقدم الحديث بتمامه في أول التفسير ولله الحمد والمنة.
قوله تعالى ; فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضل ويهديهم إليه صراطا مستقيماقوله تعالى ; فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به أي بالقرآن عن معاصيه ، وإذا اعتصموا بكتابه فقد اعتصموا به وبنبيه . وقيل ; اعتصموا به أي بالله . والعصمة الامتناع ، وقد تقدم . ويهديهم أي ; وهو يهديهم فأضمر هو ليدل على أن الكلام مقطوع مما قبله . إليه أي إلى ثوابه . وقيل ; إلى الحق ليعرفوه . صراطا مستقيما أي دينا مستقيما . و " صراطا " منصوب بإضمار فعل دل عليه " ويهديهم " التقدير ؛ ويعرفهم صراطا مستقيما . وقيل ; هو مفعول ثان على تقدير ؛ ويهديهم إلى ثوابه صراطا مستقيما . وقيل ; هو [ ص; 388 ] حال . والهاء في إليه قيل ; هي للقرآن ، وقيل ; للفضل ، وقيل للفضل والرحمة ؛ لأنهما بمعنى الثواب . وقيل ; هي لله عز وجل على حذف المضاف كما تقدم من أن المعنى ويهديهم إلى ثوابه . أبو علي ; الهاء راجعة إلى ما تقدم من اسم الله عز وجل ، والمعنى ويهديهم إلى صراطه ؛ فإذا جعلنا صراطا مستقيما نصبا على الحال كانت الحال من هذا المحذوف . وفي قوله ; " وفضل " دليل على أنه تعالى يتفضل على عباده بثوابه ؛ إذ لو كان في مقابلة العمل لما كان فضلا . والله أعلم .
القول في تأويل قوله ; فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (175)قال أبو جعفر; يعني بذلك جل ثناؤه; فأما الذين صدَّقوا الله وأقرّوا بوحدانيته، وما بعث به محمدًا صلى الله عليه وسلم من أهل الملل=" واعتصموا به "، يقول; وتمسكوا بالنور المبين الذي أنـزله إلى نبيه، (24) كما;-10863- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج; " واعتصموا به "، قال; بالقرآن.* * *=" فسيدخلهم في رحمة منه وفضل "، يقول; فسوف تنالهم رحمته التي تنجيهم من عقابه، وتوجب لهم ثوابه ورحمته وجنته، (25) ويلحَقهم من فضله ما لَحِق أهل الإيمان به والتصديق برسله (26) =" ويهديهم إليه صراطًا مستقيمًا "، يقول; ويوفقهم لإصابة فضله الذي تفضل به على أوليائه، ويسدِّدهم لسلوك منهج من أنعم عليه من أهل طاعته، ولاقتفاء آثارهم واتباع دينهم. وذلك هو " الصراط المستقيم "، وهو دين الله الذي ارتضاه لعباده، وهو الإسلام . (27)* * *ونصب " الصراط المستقيم " على القطع من " الهاء " التي في قوله; " إليه ". (28)* * *---------------الهوامش;(24) انظر تفسير"الاعتصام" فيما سلف 7 ; 62 ، 70 / 9 ; 341.(25) قوله; "وجنته" ليست في المخطوطة.(26) في المطبوعة; "ما ألحق أهل الإيمان" ، وأثبت ما في المخطوطة. (27) انظر تفسير"الصراط المستقيم" فيما سلف 1 ; 170- 177 / 3 ; 140 ، 141 / 6 ; 441 / 8 ; 529.(28) "القطع" الحال ، أو باب منه ، انظر ما سلف من فهارس المصطلحات.
انقسم الناس -بحسب الإيمان بالقرآن والانتفاع به- قسمين: { فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ } أي: اعترفوا بوجوده واتصافه بكل وصف كامل، وتنزيهه من كل نقص وعيب. { وَاعْتَصَمُــوا بِـهِ } أي: لجأوا إلى الله واعتمدوا عليه وتبرأوا من حولهم وقوتهم واستعانوا بربهم. { فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ } أي: فسيتغمدهم بالرحمة الخاصة، فيوفقهم للخيرات ويجزل لهم المثوبات، ويدفع عنهم البليات والمكروهات. { وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا } أي: يوفقهم للعلم والعمل، معرفة الحق والعمل به. أي: ومن لم يؤمن بالله ويعتصم به ويتمسك بكتابه، منعهم من رحمته، وحرمهم من فضله، وخلى بينهم وبين أنفسهم، فلم يهتدوا، بل ضلوا ضلالا مبينا، عقوبة لهم على تركهم الإيمان فحصلت لهم الخيبة والحرمان، نسأله تعالى العفو والعافية والمعافاة.
(الفاء) استئنافيّة
(أمّا الذين آمنوا بالله واعتصموا به) مرّ إعراب نظيرها ،
(الفاء) رابطة لجواب الشرط
(السين) حرف استقبالـ (يدخل) مضارع مرفوع و (هم) ضمير مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو أي الله
(في رحمة) جارّ ومجرور متعلّق بـ (يدخلهم) ،
(من) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بنعت لرحمة
(الواو) عاطفة
(فضل) معطوف على رحمة مجرور مثله
(الواو) عاطفة
(يهديهم) مثل يدخلهم
(إليه) مثل منه متعلّق بحال من(صراطا) - نعت تقدّم على المنعوت-
(صراطا) مفعول به ثان منصوبـ (مستقيما) نعت منصوب.
جملة «أمّا الذين آمنوا ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.وجملة «آمنوا ... » : لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) .
وجملة «اعتصموا به» : لا محلّ لها معطوفة على جملة صلة الموصول.
وجملة «سيدخلهم..» : في محلّ رفع خبر المبتدأ
(الذين) .
وجملة «يهديهم» : في محلّ رفع معطوفة على جملة سيدخلهم.
- القرآن الكريم - النساء٤ :١٧٥
An-Nisa'4:175