وَيَقُولُ الَّذِينَ ءَامَنُوٓا أَهٰٓؤُلَآءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمٰنِهِمْ ۙ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ ۚ حَبِطَتْ أَعْمٰلُهُمْ فَأَصْبَحُوا خٰسِرِينَ
وَيَقُوۡلُ الَّذِيۡنَ اٰمَنُوۡۤا اَهٰٓؤُلَاۤءِ الَّذِيۡنَ اَقۡسَمُوۡا بِاللّٰهِ جَهۡدَ اَيۡمَانِهِمۡۙ اِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡ ؕ حَبِطَتۡ اَعۡمَالُهُمۡ فَاَصۡبَحُوۡا خٰسِرِيۡنَ
تفسير ميسر:
وحينئذ يقول بعض المؤمنين لبعض مُتعجِّبين من حال المنافقين -إذا كُشِف أمرهم-; أهؤلاء الذين أقسموا بأغلظ الأيمان إنهم لَمَعَنا؟! بطلت أعمال المنافقين التي عملوها في الدنيا، فلا ثواب لهم عليها؛ لأنهم عملوها على غير إيمان، فخسروا الدنيا والآخرة.
قال تعالى" ويقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين " وقد اختلف القراء في هذا الحرف فقرأه الجمهور بإثبات الواو في قوله" ويقول " ثم منهم من رفع" ويقول " على الابتداء ومنهم من نصب عطفه على قوله" فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده " فتقديره أن يأتي وأن يقول وقرأ أهل المدينة" يقول الذين آمنوا " بغير واو وكذلك هو في مصاحفهم على ما ذكره ابن جرير قال; ابن جريج عن مجاهد "فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده" تقديره حينئذ" يقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين " واختلف المفسرون في سبب نزول هذه الآيات الكريمات فذكر السدي أنها نزلت في رجلين قال أحدهما; لصاحبه بعد وقعة أحد أما أنا فإنى ذاهب إلى ذلك النصراني بالشام فآوي إليه وأتنصر معه لعله ينفعني إذا وقع أمر أو حدث حادث.وقال الآخر أما أنا فإني ذاهب إلى فلان النصراني بالشام فأوي إليه وأتنصر معه فأنزل الله" يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء " الآيات وقال عكرمة نزلت في أبي لبابة بن عبد المنذر حين بعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إلى بني قريظة فسألوه ماذا هو صانع بنا فأشار بيده إلى حلقه أي إنه الذبح رواه ابن جرير وقيل نزلت في عبد الله بن أبي بن سلول كما قال ابن جرير; حدثنا أبو كريب حدثنا ابن إدريس قال سمعت أبي عن عطية بن سعد قال; جاء عبادة بن الصامت من بني الحارث بن الخزرج إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقال; يا رسول الله إن لي موالي من يهود كثير عددهم وإني أبرأ إلى الله ورسوله من ولاية يهود وأتولى الله ورسوله فقال عبد الله بن أبي; إني رجل أخاف الدوائر لا أبرأ من ولاية موالي فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لعبد الله ابن أبي يا أبا الحباب ما بخلت به من ولاية يهود على عبادة بن الصامت فهو لك دونه قال قد قبلت فأنزل الله عز وجل " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء" الآيتين ثم قال ابن جرير; حدثنا هناد حدثنا يونس بن بكير حدثنا عثمان بن عبد الرحمن عن الزهري قال لما انهزم أهل بدر قال المسلمون لأوليائهم من اليهود أسلموا قبل أن يصيبكم الله بيوم مثل يوم بدر فقال مالك بن الصيف أغركم إن أصبتم رهطا من قريش لا علم لهم بالقتال أما لو أسررنا العزيمة أن نستجمع عليكم لم يكن لكم يد أن تقاتلونا فقال عبادة بن الصامت يا رسول الله إن أوليائي من اليهود كانت شديدة أنفسه ثم كثيرا سلاحهم شديدة شوكتهم وإني أبرأ إلى الله ورسوله من ولاية يهود ولا مولى لي إلا الله ورسوله فقال عبد الله بن أبي لكني لا أبرأ من ولاية يهود إني رجل لا بد لي منهم فقال; رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم-;" يا أبا الحباب أرأيت الذي نفست به من ولاية يهود على عبادة بن الصامت فهو لك دونه فقال; إذا أقبل قال فأنزل الله" يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء" إلى قوله تعالى" والله يعصمك من الناس " وقال محمد بن إسحاق فكانت أول قبيلة من اليهود نقضت ما بينها وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بنو قينقاع فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة قال فحاصرهم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- حتى نزلوا على حكمه فقام إليه عبد الله بن أبي ابن سلول حين أمكنه الله منهم فقال; يا محمد أحسن في موالي وكانوا حلفاء الخزرج قال فابطأ عليه رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- فقال يا محمد أحسن في موالي قال فأعرض عنه قال فأدخل يده في جيب درع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أرسلني وغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- حتى رأوا لوجهه ظللا ثم قال;" ويحك أرسلني " قال لا والله لا أرسلك حتى تحسن في موالي أربعمائة حاسر وثلاثمائة دارع قد منعوني من الأحمر والأسود تحصدني في غداة واحدة إني امرؤ أخشى الدوائر قال; فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-" هم لك " قال محمد بن إسحاق فحدثي أبو إسحاق بن يسار عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت قال; لما حاربت بنو قينقاع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- تشبث بأمرهم عبد الله بن أبي وقام دونهم ومشى عبادة بن الصامت إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وكان أحد بني عوف بن الخزرج له من حلفهم مثل الذي لعبد الله بن أبي فجعلهم إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وتبرأ إلى الله ورسوله من حلفهم وقال; يا رسول الله أبرأ إلى الله وإلى رسوله من حلفهم وأتولى الله ورسوله والمؤمنين وأبرأ من حلفهم الكفار وولايتهم ففيه وفي عبد الله بن أبي نزلت الآيات في المائدة" يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم" إلى قوله" ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون" وقال الإمام أحمد; حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زيادة عن محمد بن أسحاق عن الزهري عن عروة عن أسامة بن زيد قال دخلت مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- على عبد الله بن أبي نعوده فقال له النبي- صلى الله عليه وسلم- قد كنت أنهاك عن حب يهود فقال عبدالله فقد أبغضهم أسعد بن زرارة فمات.وكذا رواه أبو داود من حديث محمد بن إسحاق.