الرسم العثمانيقُلْ يٰٓأَهْلَ الْكِتٰبِ لَا تَغْلُوا فِى دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوٓا أَهْوَآءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِن قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَن سَوَآءِ السَّبِيلِ
الـرسـم الإمـلائـيقُلۡ يٰۤـاَهۡلَ الۡـكِتٰبِ لَا تَغۡلُوۡا فِىۡ دِيۡـنِكُمۡ غَيۡرَ الۡحَـقِّ وَلَا تَتَّبِعُوۡۤا اَهۡوَآءَ قَوۡمٍ قَدۡ ضَلُّوۡا مِنۡ قَبۡلُ وَاَضَلُّوۡا كَثِيۡرًا وَّضَلُّوۡا عَنۡ سَوَآءِ السَّبِيۡلِ
تفسير ميسر:
قل -أيها الرسول- للنصارى; لا تتجاوزوا الحقَّ فيما تعتقدونه من أمر المسيح، ولا تتبعوا أهواءكم، كما اتَّبع اليهود أهواءهم في أمر الدين، فوقعوا في الضلال، وحملوا كثيرًا من الناس على الكفر بالله، وخرجوا عن طريق الاستقامة الى طريق الغَواية والضلال.
قال "يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق" أي لا تجاوزوا الحد في اتباع الحق ولا تطروا من أمرتم بتعظيمه فتبالغوا فيه حتى تخرجوه عن حيز النبوة إلى مقام الإلهية كما صنعتم في المسيح وهو نبي من الأنبياء فجعلتموه إلها من دون الله وما ذاك إلا لاقتدائكم بشيوخكم شيوخ الضلال الذين هم سلفكم ممن ضل قديما" وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل" أي وخرجوا عن طريق الاستقامة والاعتدال إلى طريق الغواية والضلال وقال ابن أبي حاتم; حدثنا أبي حدثنا أحمد بن عبد الرحمن حدثنا عبد الله بن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع بن أنس قال; وقد كان قائم قام عليهم فأخذ بالكتاب والسنة زمانا فأتاه الشيطان فقال إنما تركب أثرا أو أمرا قد عمل قبلك فلا تحمد عليه ولكن ابتدع أمرا من قبل نفسك وادع إليه واجبر الناس عليه ففعل ثم أذكر بعد فعله زمانا فأراد أن يتوب منه فخلع سلطانه وملكه وأراد أن يتعبد فلبث في عبادته أياما فأتي فقيل له لو أنك تبت من خطيئة عملتها فيما بينك وبين ربك عسى أن يتاب عليك ولكن ضل فلان وفلان وفلان في سبيلك حتى فارقوا الدنيا وهم على الضلالة فكيف لك بهداهم فلا توبة لك أبدا. ففيه سمعنا وفي أشباهه هذه الآية" يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل.
قوله تعالى ; قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيلقوله تعالى ; قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق أي ; لا تفرطوا كما أفرطت اليهود والنصارى في عيسى ; غلو اليهود قولهم في عيسى ، ليس ولد رشدة ، وغلو النصارى قولهم ; إنه إله ، والغلو مجاوزة الحد ; وقد تقدم في ( النساء ) بيانه .قوله تعالى ; ولا تتبعوا أهواء قوم الأهواء جمع هوى وقد تقدم في " البقرة " ، وسمي [ ص; 187 ] الهوى هوى لأنه يهوي بصاحبه في النار . قد ضلوا من قبل قال مجاهد والحسن ; يعني اليهود . وأضلوا كثيرا أي ; أضلوا كثيرا من الناس . وضلوا عن سواء السبيل أي ; عن قصد طريق محمد صلى الله عليه وسلم ، وتكرير ضلوا على معنى أنهم ضلوا من قبل وضلوا من بعد ; والمراد الأسلاف الذين سنوا الضلالة وعملوا بها من رؤساء اليهود والنصارى .
القول في تأويل قوله ; قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (77)قال أبو جعفر; وهذا خطابٌ من الله تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم. يقول تعالى ذكره; " قل "، يا محمد، لهؤلاء الغالية من النصارى في المسيح=" يا أهل الكتاب "، يعني بـ" الكتاب "، الإنجيل=" لا تغلوا في دينكم "، يقول; لا تفرِطوا في القول فيما تدينون به من أمر المسيح، فتجاوزوا فيه الحقَّ إلى الباطل، (1) فتقولوا فيه; " هو الله "، أو; " هو ابنه "، ولكن قولوا; " هو عبد الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه "=" ولا تتبعوا أهواءَ قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرًا "، يقول; ولا تتبعوا أيضًا في المسيح أهواء اليهود الذين قد ضلوا قبلكم عن سبيل الهدى في القول فيه، فتقولون فيه كما قالوا; " هو لغير رَشْدة "، وتبهتوا أمَّه كما بَهَتُوها بالفرية وهي صدِّيقة = (2) " وأضلوا كثيرًا "، يقول تعالى ذكره; وأضل هؤلاء اليهود كثيرًا من الناس، فحادوا بهم عن طريق الحق، وحملوهم على الكفر بالله والتكذيب بالمسيح=" وضلوا عن سواء السبيل "، يقول; وضلَّ هؤلاء اليهود عن قصد الطريق، وركبوا غير محجَّة الحق. (3)وإنما يعني تعالى ذكره بذلك، كفرَهم بالله، وتكذيبَهم رسله; عيسى ومحمدًا صلى الله عليه وسلم، وذهابَهم عن الإيمان وبعدَهم منه. وذلك كان ضلالهم الذي وصفهم الله به.* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.ذكر من قال ذلك;12296 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله; " وضلوا عن سواء السبيل "، قال; يهود.12297 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي; " لا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرًا "، فهم أولئك الذين ضلُّوا وأضلوا أتباعهم=" وضلوا عن سواء السبيل "، عن عَدْل السبيل.---------------الهوامش ;(1) انظر تفسير"غلا" فيما سلف 9; 415- 417.(2) المطبوعة; "كما يبهتونها" ، وأثبت ما في المخطوطة.(3) انظر تفسير"الضلال" فيما سلف من فهارس اللغة.= وتفسير"سواء السبيل" فيما سلف ص; 443 ، تعليق; 2 ، والمراجع هناك.
يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: { قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ } أي: لا تتجاوزوا وتتعدوا الحق إلى الباطل، وذلك كقولهم في المسيح، ما تقدم حكايته عنهم. وكغلوهم في بعض المشايخ، اتباعا لـ { أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ } أي: تقدم ضلالهم. { وَأَضَلُّوا كَثِيرًا } من الناس بدعوتهم إياهم إلى الدين، الذي هم عليه. { وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ } أي: قصد الطريق، فجمعوا بين الضلال والإضلال، وهؤلاء هم أئمة الضلال الذين حذر الله عنهم وعن اتباع أهوائهم المردية، وآرائهم المضلة.
(قل) مرّ إعرابه ،
(يا) أداة نداء
(أهل) منادى مضاف منصوبـ (الكتاب) مضاف إليه مجرور
(لا) ناهية جازمة
(تغلوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون.. والواو فاعلـ (في دين) جارّ ومجرور متعلّق بـ (تغلوا) و (كم) ضمير مضاف إليه
(غير) مفعول مطلق نائب عن المصدر فهو صفته منصوب أي غلوّا غير الحقّ
(الحقّ) مضاف إليه مجرور
(الواو) عاطفة
(لا تتّبعوا) مثل لا تغلوا
(أهواء) مفعول به منصوبـ (قوم) مضاف إليه مجرور
(قد) حرف تحقيق
(ضلّوا) فعل ماض مبني على الضمّ.. والواو فاعلـ (من) حرف جرّ
(قبل) اسم مبني على الضمّ في محلّ جرّ متعلّق بـ (ضلّوا) ،
(الواو) عاطفة
(أضلوا) مثل ضلّوا
(كثيرا) مفعول به منصوبـ (الواو) عاطفة
(ضلّوا) مثل الأولـ (عن سواء) جارّ ومجرور متعلّق بـ (ضلّوا) ،
(السبيل) مضاف إليه مجرور.
جملة «قل ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
جملة النداء: في محلّ نصب مقول القول.
وجملة «لا تغلوا ... » : لا محلّ لها جواب النداء.وجملة «لا تتّبعوا» : لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب النداء.
وجملة «قد ضلّوا» : في محلّ جرّ نعت لقوم.
وجملة «أضلّوا» : في محلّ جر معطوفة على جملة ضلوا.
وجملة «ضلّوا
(الثانيّة) : في محلّ جرّ معطوفة على جملة ضلوا الأولى.
- القرآن الكريم - المائدة٥ :٧٧
Al-Ma'idah5:77